فريدمان لا يفقه التاريخ

بي دي ان |

07 ديسمبر 2020 الساعة 07:29ص

يخطىء من ينكر، او يتنكر لحدوث تطورات دراماتيكية في لوحة الصراع الفلسطيني العربي من جهة وإسرائيل الإستعمارية من جهة اخرى خلال السنوات الأربع الماضية، اي فترة ولاية الرئيس دونالد ترامب 2017/2021. بيد ان التغيرات الثقيلة على الشعب والقيادة الفلسطينية تراجعت مع هزيمة الرئيس الجمهوري في انتخابات الثالث من نوفمبر 2020، وستتلاشى ذيولها بسمة عامة، وستبقى ذكرى سوداء في سجل التاريخ الحاضر، دون ان يعني ذلك أن الأخطار إنتفت كليا. وبالتالي من يعتقد، كما ديفيد فريدمان، الحاخام السفير الأميركي الصهيوني، بانها غيرت الشرق الأوسط لمئة عام قادمة، يكون جاهلا وساذجا ولا يفقه في علم السياسة والتاريخ، ولا معادلات الصراعات البشرية المتحولة بتحول موازين القوى بين القوى المنخرطة فيها.
عشية رحيله مع إدارته الفاسدة والمتصهينة القى سفير ادارة ترامب في القدس المحتلة عبر "زوم" في لقاء نظمه "أصدقاء جيش إسرائيل" يوم الثلاثاء الماضي مطلع الشهر الحالي، ديسمبر 2020، إدعى فيه، إن إدارته غيرت "الشرق الأوسط" لقرن قادم، واستشهد بما يسمى "إتفاقية أبراهام"، التي تورطت فيها بعض الدول العربية بالتطبيع الإستسلامي مع دولة الإستعمار الإسرائيلية. ولم يكتفِ بذلك، بل انه سخر من جون كيري، وزير الخارجية الأسبق، الذي قال عام 2016 "من المستحيل تحقيق التطبيع بين إسرائيل والعرب بدون حل المسألة الفلسطينية." واضاف الصهيوني "إن عهد فرض الفيتو الفلسطيني على حساب الإستقرار في المنطقة قد ولى إلى غير رجعة."
نعم جزء مما ذكره السفير الحاخام صحيح، حصل تطبيع إستسلامي بين كل من الإمارات والبحرين والسودان مع اسرائيل، بغض النظر إن وقعت الدولة العربية الأخيرة على إتفاقية ام لم توقع، انما تم الموافقة على التطبيع المذل. لكن تجاهل فريدمان، او هو جاهل للعلاقات البينية بين بعض الدول والدولة الإستعمارية الصهيونية، يكشف جانبين، الأول عدم إدراكه ان عملية التطبيع غير المعلنة كانت قائمة، لان العلاقات الأمنية والتجارية بين بعض تلك الدول وإسرائيل تزيد على العقد، وبعضها يصل لعقدين، وان لم يتم الإعلان عن ذلك. والثاني أن الإعلان عن التطبيع الإستسلامي لا يعود الفضل فيه لإدارتك، وانما لمن سبقها من ادارات، ولإن للأسف تلك الدول لا تملك مقومات تحمل الضغوط، لإنها ضعيفة، وهشة من الداخل إلى حد لا يمكن وصفه الا بالخواء، ولهذا لا تملك القدرة على رفض الإملاءات الأميركية. ولكن الأهم هنا الإستنتاج العلمي لمعادلة الصراع، الذي يشير، إلى ان هذة الدول وغيرها المتورطة في عمليات التطبيع، ليست عنوانا للحقيقة، ولا لقراءة المستقبل العربي، لإن المخاض، الذي تعيشه شعوب الأمة العربية أعمق مما تراه انت ورئيسك رجل العقارات وفريقك الصهيوني والمتصهين. وهو ما يفتح الأفق أمام تحولات دراماتيكية في الوطن العربي من اقصاه إلى اقصاه. ومن لا يرى ذلك، هو اعمى بعيون ترامبية وصهيونية.
ويمكن الجزم على فقدانك الأهلية السياسية والتاريخية، لانك لم تدرك بعد، رغم انك تقيم في إحدى المستعمرات الإسرائيلية كسفير لترامب، ان الفيتو الفلسطيني كان ومازال قائما، ليس على الدول العربية، انما على إدارتك الراحلة والمنتهية ولايتها، لإنه دون الموافقة الفلسطينية على العملية السياسية، لن تمر. ورأيت بام عينك، ان صفقتكم المشؤومة ماتت، وإنتهت، وسيطوي التاريخ صفحتها إسوة بالمؤامرات التاريخية القديمة. وهذا الفيتو يستند إلى حقائق التاريخ والعدالة وقوانين الشرعية الدولية، وليس مفروضا فرضا على الأشقاء والأعداء، انما هو تكريس لحقيقة المشهد في الإقليم، الذي يؤكد على ما اكده جون كيري، بانه لا قيمة للتطبيع، ولن يكون هناك تطبيع بالمعنى الحقيقي دون حل المسألة الفلسطينية وفق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لإبناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة.
لهذا انصحك ان تغادر دون ثرثرة زائدة، لإن العار يظللك، ويظلل رئيسك وفريقك الصهيوني. كما ذكرت سابقا، انتم راحلون وفلسطين باقية، وخيارها التحرري قائم إلى ان يتحقق على الأرض، ودون ذلك لا سلام ولا تطبيع ولا استقرار في العالم العربي والإقليم عموما.
[email protected]
[email protected]