الدفاع عن حقوق العمال

بي دي ان |

01 مايو 2022 الساعة 01:12ص

في يوم العمال العالمي الأول من أيار / مايو من كل عام تملي الضرورة توجيه تحية التقدير والثناء للسواعد السمراء، ورفع القبعات من كل قطاعات الشعب لعطاء وجهود أبناء الطبقة العاملة، الذين بلغ عددهم في أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران / يونيو 1967 قرابة المليون إنسان، ومن الجنسين، أي انهم يشكلون حوالي 20% من مجموع السكان او اكثر قليلا.
وهؤلاء المسحوقون يعيشون ظروفا متباينة نسبيا في جناحي الوطن (المحافظات الشمالية والمحافظات الجنوبية)، فضلا عن التفاوت العميق بين العمال، الذين يعملوا في سوق العمل الإسرائيلية، والعمال الذين يعملون داخل حدود الوطن المحتل. أيضا من يعمل منهم داخل الوطن ليسوا متساوين لا في الاجر ولا الخدمات والتأمينات، وتعاني المرأة الفلسطينية اجحافا بائنا وجليا في الاجر وساعات العمل، وبالتالي تخضع لثلاثة اشكال من الاضطهاد الأول اضطهاد اسري وعرفي وقانوني؛ ثانيا اضطهاد اجتماعي؛ وثالثا اضطهاد قومي ناجم عن الاستعمار الإسرائيلي لفلسطين، الأول والثاني يندرجان في دائرة الاضطهاد الاجتماعي.
ولا يقتصر الظلم على الرجل والمرأة، وانما يطال الطفل الفلسطيني، الذي يساق إلى سوق العمل باكرا جدا، اما نتاج التسرب من المدرسة او بقرار من رب الاسرة، او نتاج هدم المدارس او عدم السماح بصيانة وتوسعة المدارس من قبل سلطات الاستعمار، او الاقتحامات المتعاقبة من قبل قوات الجيش الإسرائيلي للمدارس، التي تثقل كاهل التلاميذ والطواقم التدريسية على حد سواء. كما اني اعتقد، ان مواصلة الإضرابات، وطول مدد الإضرابات في حقل التعليم يؤثر سلبا على نسبة لا بأس بها من الطلاب وذويهم، مما يدفعهم للاقدام على ترك حقل الدراسة والانتقال لسوق العمل.
وللأسف يقوم أصحاب العمل في الورش الحرفية او ورش البناء والزراعة والمصانع بمضاعفة استغلال قوة عمل الأطفال على اكثر من مستوى وصعيد، منها أولا انخفاض مستوى الاجر؛ ثانيا وقت العمل الطويل؛ ثالثا يكلفوا بالعمل الأسود؛ رابعا عدم وجود تأمينات صحية او قانونية؛ خامسا التهديد بالطرد في حال سعوا للدفاع عن حقوقهم المشروعة.
كما يعاني العمال من البطالة القاتلة، التي تبلغ نسب عالية في عموم الوطن الفلسطيني، وترتفع إلى ما يتجاوز ال50% بالحد الأدنى من قوة العمل في محافظات غزة الجنوبية، وترتفع أحيانا لتبلغ 80%، الامر الذي دفع الالاف من الخريجين والعاطلين عن العمل من الجنسين لركوب أعالي البحار بحثا عن بارقة أمل في إيجاد عمل، او يقعوا فريسة لسمك القرش في رحلات الاغتراب والهرب من بؤس ولعنة الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، او يدفعهم للاقدام على الانتحار وغيرها من الظواهر الناجمة عن الفقر والجوع والفاقة وغياب الحد الأدنى من الحياة الإنسانية الكريمة.
هذه الظواهر والمشاكل ليست كل هموم الطبقة العاملة، وانما هناك مستوى متعلق بالحد الأدنى من الأجور، ورغم التحسن النسبي الذي اقرته الحكومة العام الماضي وبلغ 1850 شيقل، ويفترض انه دخل حيز التنفيذ مع بداية العام الحالي 2022، الا ان هناك مثالب عديدة على هذا الصعيد، منها أولا الحد الأدنى لا يلبي الحاجات الأساسية لاي رب عمل، وبالتالي يحتاج مجددا لاعادة نظر؛ ثانيا لم تلتزم كل المؤسسات الخاصة والأهلية بما اقرته الحكومة عموما ووزارة العمل خصوصا. لضعف الرقابة العمالية، واستفادة ارباب العمل من التقسيمات للأرض الفلسطينية A و B وC والظروف السياسية والأمنية الصعبة والمعقدة التي يعيشها المجتمع الفلسطيني؛ ثالثا مسك ارباب العمل العمال بكل تلاوينهم ومشاربهم من اليد التي توجعهم، أي تهديدهم في حال طالبوا بتطبيق الحد الأدنى للايجور ب"طردهم" من العمل، واحضار البديل فورا.... إلخ
في يوم العمال العالمي تستدعي الضرورة من المؤسسات الحكومة والأهلية تكثيف الجهود من خلال ورشات عمل جادة وهادفة لاعادة الاعتبار لمكانة العمال، وتأمين مصدر رزق مناسب وملائم للعيش الكريم، وتأمين الرعاية الصحية والاجتماعية والقانونية للعمال، وضرورة ملاحقة المؤسسات والورش التي تشغل الأطفال قبل سن ال18 عاما، واتخاذ إجراءات رادعة ضد كل من يخل بالقانون، العمل بالتعاون مع أصحاب رأس المال الوطني لفتح أبواب استثمارات جديدة في المنطقة C خصوصا والمنطقتين A و B والسعي المنهجي لتقليص عدد العاطلين عن العمل في عموم الوطن، وفي قطاع غزة خصوصا، وطرق أبواب الدول العربية الشقيقة لفتح أسواقها للايدي العاملة الماهرة، وحتى الدول الصديقة ولايقاف العمل في سوق العمل الإسرائيلي، كمقدمة لمقاطعة إسرائيل كليا.
[email protected]
[email protected]