حل غانتس المرفوض

بي دي ان |

18 ابريل 2022 الساعة 12:36ص

قلت وأكدت اسوة بغيري ان الغالبية الساحقة من القوى الحزبية الصهيونية من الموالاة والمعارضة لا تملك الإرادة والقرار لصناعة السلام، وليست بوارد التراجع حتى الان، وفي ظل موازين القوى واليات إدارة الصراع القائمة، وفي ظل غياب عدد من العوامل الذاتية الفلسطينية والعربية والدولية لا مجال لاي حل سياسي  وفق قرارات الشرعية الدولية، لا مع حكومة بينت، ولا مع اي حكومة صهيونية على شاكلتها، ووفق الحالة السائدة. لانه لا يوجد شريك إسرائيلي لبناء ركائز السلام الممكن والمقبول بين الجانبين.
وهذا بيني غانتس، وزير الجيش الإسرائيلي الحالي قدم آخر رؤية إسرائيلية ل"سلامهم" او "استسلام" الفلسطينيين لشروطهم، والتي عرضها في مقابلة بودكاست مع موقع "واللا" الالكيتروني يوم الجمعة اول امس الموافق 15/ ابريل الحالي، وتضمنت التالي أولا لو تولى منصب رئيس الحكومة فانه "مشكورا" سيبقى "مستمرا في الالتقاء مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (او مازن) من اجل انشاء واقع افضل" فقط لا غير، وليس حلا سياسيا. ثانيا "وجود كيانين منفصلين سياسيا، وليس جغرافيا. والتواصل الجغرافي والحكم الفلسطيني يستند الى بنية تحتية بالمواصلات التي تسمح بذلك. بتعبير اخر لا علاقة للكيان السياسي الفلسطيني بما فوق الاض ولا تحت الأرض ولا في الجو؛ ثالثا التفوق الأمني لإسرائيل في المنطقة كلها؛ رابعا عدم توجه القيادة الفلسطينية لمحكمة الجنايئة الدولية، وسحب كل القضايا التي رفعتها؛ خامسا، التنديد ب"المقاومة الفلسطينية" ووصفها ب"الإرهاب"؛ سادسا عدم دفع رواتب الاسرى والشهداء.  
ما تقدم هو خلاصة وجهة نظر وزير الحرب، زعيم حزب ازرق ابيض، الذي تعول عليه الإدارة الأميركية في حال انهارت حكومة بينت / لبيد. وهي وجهة نظر تؤكد للقاصي والداني، ان النخب السياسية الإسرائيلية السابقة والراهنة واللاحقة لا تملك الإرادة لصناعة السلام الممكن ووفق قرارات الشرعية الدولية. وكل ما يمكن ان تقدمه للشعب والقيادة الفلسطينية كيان مسخ، لا علاقة له بالكيانية السياسية الا بالشكل، ولا يملك السيطرة على التراب الوطني، ولا على ثرواته الطبيعية، ولا على الحدود والمعابر، ولا على المياه الإقليمية، ولا على اجوائه، ومن حق دولة الاستعمار الإسرائيلية استباحة مدنه وقراه ومخيماته في أي وقت تشاء، وبذات الوقت القدس ستبقى عاصمة لإسرائيل، وهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم عليه، ورفض عودة اللاجئين، وعدم مساواة أبناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، ومواصلة العنصرية والحقد والكراهية ضدهم، وعدم منحهم الموازنات الموازية، وإبقاء قانون "أساس الدولة اليهودية" والقوانين المعادية للحقوق والمصالح الفلسطينية ناظما لموقعهم في الدولة الإسرائيلية.
اذا هو يدعو لاستسلام فلسطيني كامل مقابل "واقع افضل"؟! ما هو الواقع الأفضل؟ لم يحدده، ولم يشر له. ولكنه معروف لا يتجاوز "تحسين مستوى المعيشة"، وسموا أنفسكم "الإمبراطورية الفلسطينية العربية" ان شئتم. وبناءا على ما تقدم، انصح أولا غانتس وكل من هم على شاكلته ان يوفروا على انفسهم عناء طرح مشاريع وهمية جديدة، ويعلنوا على الملأ "ضم كل الضفة الفلسطينية، مع حكم مجالس بلدية" لا تربطها صلة ببعضها البعض، وبقاء الاستيطان الاستعماري حيث هو، مع السماح بإقامة بؤر استيطانية استعمارية جديدة بذرائع وهمية لتأبيد السيطرة على كل مليمتر من ارض فلسطين التاريخية، لاقامة "دولة إسرائيل الكاملة"، وهذا هو المخطط  المرسوم لاستكمال عملية الاجلاء والاحلال وطمس الحقوق والرواية الوطنية الفلسطينية، ثم الدفع بالترانسفير للكل الفلسطيني دون ضجيج.
هذا الواقع يتطلب من القيادة السياسية الفلسطينية وكل النخب السياسية والفكرية العمل على الاتي: أولا الشروع في تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي، وفي المقدمة منها سحب الاعتراف بإسرائيل؛ ثانيا وقف كل اشكال التنسيق بما في ذلك التنسيق الخدماتي للمواطنين. لا سيما وان الإدارة المدنية والقيادات العسكرية الإسرائيلية تقوم بتلك الأمور دون العودة لمؤسسات السلطة الفلسطينية؛ ثالثا ترجمة وتطبيق القرار المتعلق بتشكيل القيادة الوطنية الموحدة من القوى الفلسطينية المعنية بالامر، وفتح الباب امام القوى المترددة دون اغلاق، وبحيث يتلازم ذلك مع تصعيد حقيقي للمقاومة الشعبية في كل مكان بدءا من العاصمة القدس مرورا بمحافظات الشمال وصولا لمحافظات الجنوب وفق خطة تكتيكية واستراتيجية؛ رابعا رفع مستوى التنسيق مع لجنة المتابعة العربية العليا والقوى السياسية الوطنية داخل الجليل والمثلث والنقب والمختلطة، وبحيث تتكامل اشكال المقاومة والتصدي للانتهاكات وجرائم الحرب الإسرائيلية؛ خامسا توسيع دائرة النضال السياسي والديبلوماسي مستفيدين من تداعيات الحرب في أوكرانيا وبما يخدم الكفاح الوطني التحرري؛ سابعا مطالبة الأنظمة العربية المتورطة في ما يسمى الاستسلام الابراهيمي مراجعة قراراتها، ووقف كل اشكال العلاقة مع إسرائيل، ومطالبة القوى الشعبية القومية والديمقراطية الضغط على أنظمة الحكم في بلدانها للالتزام بمحددات مبادرة السلام العربية. وأخيرا فتح الباب امام اية أفكار من خارج الصندوق لردع القيادات الصهيونية ولاسماع العالم مجددا الصوت الفلسطيني، وما لم يسمع العالم الصوت الفلسطيني القوى لن يتخذ قرارا واحدا لمراجعة سياساته الرخوة تجاه إسرائيل الاستعمارية.
[email protected]
[email protected]