خذوا قرابينكم وارحلوا

بي دي ان |

14 ابريل 2022 الساعة 01:03ص

كانت ومازالت معركة القدس العاصمة الأبدية احد الفصول الأساسية في الدفاع عن الحقوق والثوابت الوطنية، ورغم ان دولة التطهير العرقي الإسرائيلية ترتكب جرائم شتى في عموم الأرض الفلسطينية، لتلقي بغيوم كثيفة اشبه بالقنابل الدخانية للتعتيم على معركة القدس عموما ومسجدها الأقصى خصوصا، الذي كان وسيبقى مركز الاستهداف للاقتحامات المتوالية لفرض أولا التقسيم الزماني والمكاني لاولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين؛ ثانيا تدميره؛ ثالثا إقامة ما يسمى الهيكل الثالث عليه، الذي اكد كل خبراء الاثار الإسرائيليين ان لا وجود للهيكل المزعوم في القدس، رغم الحفريات المتواصلة من 55 عاما خلت، وكل ما قاموا به كان سرقة حجارة من سور المسجد المبارك. وبالتالي الغاء ما يسمى بالاستاتيكو ذات الصلة بمسرى الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، ودفن ما يتعلق بالصراع السياسي وفتح جيهة الصراع الديني، وهذا ما يعكسه التحول داخل المجتمع الإسرائيلي، الذي بات يسير بخطى حثيثة نحو الصهيونية الدينية ومشتقاتها المختلفة.
ومن المظاهر الجديدة والنوعية في تعميق شكل الصراع على المسجد الأقصى، لم يكتف اركان العصابات الصهيونية والدولة المارقة والخارجة على القانون بفرض الاقتحامات الدورية وشبه اليومية للمسجد بالعشرات والمئات والالاف لفرض وجودهم في باحاته المباركة، ولم يكتفوا بأداء صلواتهم داخل أروقة المسجد الإسلامي الخالص، ولا قبل ذلك اغتصابهم حائط البراق، والادعاء انه "حائط المبكى"، وانما الان يتجهوا لخطوة إجرامية جديدة اعلن عنها رفائيل موريس، زعيم جماعة "العودة للهيكل" يوم الثلاثاء الموافق الخامس من ابريل الحالي باقتحام المسجد الأقصى مساء الجمعة القادم الموافق 15 / 4 لتقديم "قربان الفصح". ووفق موقع القناة السابعة الإسرائيلية، اكد الصهيوني المجرم موريس اقتحامه وجماعته المتطرفة، رغم عدم تجاوب قيادة الجبهة الداخلية مع طلبه لتأمين "تقديم القرابين".
وبحسب القناة المذكورة، فإن قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية رفضت طلب موريس، واعتبرته استفزازا قد يكون له تأثير على الوضع الأمني، مما دعى رفائيل الفاشي لاعتبار اعلان قيادة الجبهة الداخلية بمثابة "دليل آخر على التراخي ضد "الإرهاب"، والخضوع لتهديدات العناصر الإسلامية التي تحرض على "الإرهاب".
لكن ما ينفي صحة ادعائه برفض قيادة الجبهة الداخلية لجريمته الجديدة، التي أوردتها القناة السابعة، هو سماح تلك الجبهة بمواصلة اقتحامات قطعان المستعمرين وكل مشتقات ومسميات الجماعات الدينية من الحريديم والحريدايم وغيرهم المسجد الأقصى قبل عيد الفصح واثناءه وبعده، لا سيما وان عيد الفصح اليهودي يتوافق مع منتصف شهر رمضان المبارك.  وبالتالي كذبة رفض قيادة الجبهة الداخلية لجريمة موريس، لا تعدو اكثر من تغطية وتضليل للرأي العام الفلسطيني والإسرائيلي والعالمي. لانه لو كانت لديها قرار جدي ، لاتخذت إجراءات رادعة لوقف جريمة الاقتحامات من حيث المبدأ
وعليه يمكن الاستنتاج بان يوم الجمعة القادم الذي يوافق منتصف الشهر الفضيل سيكون بمثابة اشعال شرارة حريق كبير يطال المسجد الأقصى وكل العاصمة الفلسطينية، وقد يمتد بالضرورة، وهو في واقع الحال ممتد لكل الأراضي الفلسطينية، وهو يتوافق وينسجم مع ما صرح به وزير الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، عندما قال قبل أيام، ان جيشه مستعد لفتح العديد من الجبهات والمحاربة فيها في آن: الشمال وفي غزة والضفة وداخل الداخل. وهو ما يؤكد ان حكومة بينت / لبيد وكل مكونات المجموعات والعصابات الدينية واليمينية الفاشية تعمل بخطى حثيثة على اشعال فتيل انتفاضة جديدة لتحقيق اكثر من هدف، أولا ما ذكرته في مقدمة المقال عن أهدافهم من اقتحامات المسجد الأقصى؛ ثانيا توسيع وتكثيف انتهاكات وجرائم حرب الجيش والأجهزة الأمنية الاسرائيلية وقطعان المستعمرين في كل الأرض الفلسطينية بما في ذلك في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة وقطاع غزة؛ ثالثا وقد يقدم على اجتياحات متزامنة في جنين وقطاع غزة على حد سواء بهدف السيطرة او الحد من قوة اذرع المقاومة. لا سيما وان اجنحة المقاومة في القطاع سترفض منطق حركة حماس المطبق على الأرض "الهدوء مقابل فتات التصاريح ودخول المال القطري لجيوبهم"، وعليه لن تبقى في حالة صمت وستنخرط رغما عن إسرائيل وادواتها في المواجهة.
ما تقدم يفرض على كل القوى والقيادات السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية الاستعداد للسيناريوهات الإسرائيلية الأسوأ من بعضها البعض، والتي جميعها تصب في زيادة التوتير والعنف الاستعماري ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني. وعلى العالم عموما والولايات المتحدة خصوصا اتخاذ ما يلزم قبل فوات الأوان، لا سيما وان الشعب وقواه الوطنية سيقلب السحر على الساحر، وسيحول قرابين العصابات الصهيونية إلى نار تأكل قلوبهم، لذا ليأخذوا قرابينهم ويرحلوا إلى حيث يشاؤوا عن القدس العاصمة الأبدية الفلسطينية وعن المسجد الأقصى المبارك، وليعملوا من اجل بناء ركائز السلام، وهو الخيار الأفضل والاهم لمستقبل الشعوب.
[email protected]
[email protected]