الطفولة ومناصرة نموذجها

بي دي ان |

12 ابريل 2022 الساعة 12:32ص

لا تستقيم الرواية الفلسطينية دون إعطاء الطفولة دورها الرئيس فيها، من حيث حرمانها من ابسط قواعد ومعايير القانون الدولي الإنساني، ودخولها سوق العمل بحثا عن لقمة العيش، وانخراطها في الكفاح الوطني. لان المستعمر الصهيوني فرض على الأطفال الفلسطينيين الخروج من اجمل مراحل حياتهم البسيطة، نتاج حرمانهم من ملاعبهم، ومن الحدائق والأنشطة الطفولية المختلفة، وحول مخيماتهم ومدنهم وقراهم ورياض الأطفال ومدارسهم وشوارعهم وازقتهم الضيقة إلى ميادين مواجهة، والقى بهم في قلب الصراع السياسي، وصب عليهم سمومه ووحشيته وعنصريته، ونقل وعيهم بقفزات نوعية، مما دفعهم إلى الانخراط باكرا جدا في ميادين الدفاع عن الذات وعن الام والاسرة والهوية والكرامة الوطنية.
في يوم الطفولة الوطني، الذي حل يوم الثلاثاء الماضي الموافق الخامس من نيسان / ابريل، ومازلنا في حاضرته، خاصة وان أطفال فلسطين يتعرضون يوميا في ساحات الوطن لابشع أساليب القهر والمطاردة والاعتقال التعسفي المنافي للقانون الدولي، ولقوانين الطفولة وحقوق الانسان، وأيضا للقتل المتعمد واخرهم الطفل الشهيد محمد زكانة، الذي ارتقى امس الاثنين شهيدا بعد اصابته برصاص عصابة المستعربين في جنين يوم الاحد. فضلا عن فتاوي الحاخامات والكهانيين وغيرهم من زنادقة ومصاصي الدم الصهيانية الداعية لقتل الأطفال الفلسطينيين، لانهم يخشون رضاعة حليب امهاتهم المشبع بالفتيامينات الوطنية والقومية.
ومن المعطيات السريعة عن جرائم دولة التطهير العرقي الإسرائيلية ضد الأطفال الفلسطينيين، نشير إلى انه منذ عام 2015 وحتى نهاية شهر اذار / مارس الماضي (2022) اعتقلت القوات الاستعمارية اكثر من (9000 ) تسعة الاف طفل، وهناك حتى الان 160 طفلا في باستيلات إسرائيل، واستشهد خلال العام المنصرم (78) طفلا برصاص الجيش وأجهزة الامن الإسرائيلية. ولا يقتصر الامر على ما تقدم، بل ان أدوات الدولة المارقة العسكرية والأمنية تحول دون وصول الأطفال لمدارسهم في العديد من القرى منها اللبن والساوية جنوب نابلس، والفيحاء واليقظة واليعقوبية وقرطبة والابراهيمية في الخليل، وفي بيت لحم وجنين وطولكرم وغيرها، فضلا عن تدمير المدراس بذرائع واهية، كما حصل في محافظات قطاع غزة. ويخضع الأطفال لكل أساليب القمع والتنكيل والتعذيب الوحشي واللا انساني داخل زنازين الباستيلات الصهيونية.
ونموذج للطفولة الفلسطينية استحضر تجربة الطفل البرىء والاعزل احمد مناصرة، الذي مارست ضده وعليه قوات الجيش الإسرائيلي ابشع وسائل التنكيل، وكان عمره قبل سبع سنوات لا يتجاوز الثلاثة عشر عاما، يقول احمد ملخصا لحظات اعتقاله، وكيفية التحقيق الهمجي معه، " كنت امشي بشارع بالقدس والدنيا الظهر، كان عمري 13 سنة، انا وابن عمي حسين تم إعدامه انذاك، مش متذكر شو اللي صار، لانه لما دعستني سيارة اليهود شردت، انا من جهة وحسين من جهة، قلت انفذ بريشي، مع انه السيارة طبشتني وكسرتني، وانحشرت بين اكم جندي نزلوا في شلاليط وضرب، حاولت اقاوم ما قدرت، الدم بكل مكان سناني تكسروا، ووجهي وبطني، مش عارف من وين انطخيت، مش متذكر. وكل اللي حولي يسبوا علي وعلى اهلي، وانا بعيط من الوجع," ويتابع احمد قائلا "صحيت على هزة سرير واجرى وايدي مربطين، وبتف دم، وكل شوي بيجي جندي يسب علي وعلى شرفي، ويهز السرير عشان اتوجع." وأضاف "بعد 4 او 5 أيام اخذوني على سجن المسكوبية وبلشوا يقولوا ليش بدك تطعن جندي؟ وانا بعرفش عن شو بيحكي. مش متذكر غير السيارة اللي دعستنا، وضلهم يضربوا ويسبوا كل يوم". واردف قائلا "مرة اخذوني على غرفة كلها زجاج وبلشوا يصرخوا ويقولوا أحكيلي هيك، قول انك طعنت" جندي؟! ويؤكد انهم اخذوا اعتراف كاذب منه، وعلى اثر ذلك حكموه 12 سنة اعتقال، ودفع غرامة مالية كبيرة. وصار لاحمد أربعة شهور في العزل الانفرادي، ويعاني من اضطرابات نفسية نتيجة التنكيل الوحشي، والتعذيب النفسي، واضافة لذلك يوميا صباحا ومساءا يعطوه منوم ليبقى في حالة نوم، وبهدف التأثير السلبي على جهازه العصبي.
مضى على احمد مناصرة قابعا في المعتقل الإسرائيلي سبع سنوات. غدا الأربعاء الموافق 13/ 4 هناك محاكمة لاعادة نظر بقضية الطفل احمد بسبب الضغط على سلطات الاستعمار. مطلوب منا جميعا مناصرة المناصرة الطفل، الذي امسى شابا في الاسر للافراج عنه، ونيل حريته، وتأمين العلاج الطبي الملائم له لاستعادة عافيته.
ادعموا احمد مناصرة، تدعموا الطفولة الفلسطينية
[email protected]
[email protected]