اوباما يجهل عباس

بي دي ان |

03 ديسمبر 2020 الساعة 07:14ص

دّون الرئيس باراك اوباما في كتابه الجديد "الأرض الموعودة" الصادر في نوفمبر الماضي (2020) مذكراته الشخصية، وإنطباعاته عن الرؤساء والملوك والقيادات، التي إلتقاها من دول العالم المختلفة، وحظي الزعماء العرب بنصيب من الكتاب المذكور. ولا اريد ان اتوقف امام ما حمله الكتاب بين دفتيه، وانما ساتوقف أمام قراءة وإنطباعات باراك حسين، الطفل الكيني الأصل عن شخص الرئيس محمود عباس، التي جانب فيها الصواب، وقام بعمل مقاربة بين رئيس منظمة التحرير ورئيس وزراء إسرائيل الفاسد لم تكن موضوعية، ومسبقا اعتقد ان الرئيس ال44 لإميركا لم يكن مضطرا لذلك، لكني أفترض انه اراد ذر الرماد في عيون الإسرائيليين الصهاينة.

وانا هنا احاول نقاش ما سجله الرئيس الأميركي السابق عن شخص الرئيس ابو مازن بموضوعية، وإنصافا للرئيس الفلسطيني. لا سيما وان باراك اوباما جافى الحقيقة في عملية التقيم، فقال " الرئيس عباس ذو شعر ابيض، ضعيف سياسيا، ولا يتحدث اللغة الإنكليزية بطلاقة. بعكس نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، المفوه باللغة الإنكليزية، والحيوي سياسيا" ..إلخ. كما يعلم الرئيس صاحب البشرة السوداء ان الشعر الأبيض لا يعيب اي شخصية قيادية او غير قيادية، وهذة سنن تطور البشر جميعا من الجنسين. اضف إلى ان الشعر الأبيض يعتبر وقار، وقدرة أعلى على إمتلاك الحكمة في مجالات الحياة المختلفة، إرتباطا بمعدل السنوات التي عاشها هذا او ذاك من بني الإنسان أولا، وتجربته في مواجهة التحديات، التي ألمت به ثانيا، وبالتالي بياض او سواد الشعر ليس عنوانا للتقييم.

كما ان موضوع اللغة وامتلاكها، وأقصد اية لغة من لغات العالم، لا يجوز إعتباره معيارا للذكاء من عدمه، لإن المهم ليست اللغة في الحوارات السياسية، وانما الرؤية السياسية، والمواقف التي يتبناها هذا الزعيم من ذاك الحاكم، والقدرة على الدفاع عنها، والترويج لها، وإقناع الآخر بها. واسأل هنا الرئيس اوباما هل تعرف اللغة العربية؟ هل تتقنها، وتتحدث بها بطلاقة؟ ولماذا معيارك ينحصر باللغة الإنكليزية؟ هل الحوارات والتقييم يعتمد على مدى معرفة هذا الزعيم من ذاك تتوقف على اللغة الإنكليزية؟ والم تصلك افكار ورؤى الرئيس محمود عباس عبر المترجمين؟ ولماذا يوجد مترجمون مع الزعماء في لقاءاتهم مع نظرائهم؟ هل إستكمال عدد، ام لإيصال الأفكار والمواقف المراد مناقشتها والتفاهم بشأنها، والوصول للقواسم المشتركة؟ وانت تعلم هناك زعماء يعرفون لغات نظرائهم، ولكنهم يتحدثون بلغتهم الأم فقط في المحادثات الرسمية مع الزعماء الأجانب. وما هي معاييرك بضعف الرئيس عباس السياسي؟ ألم يحدد امامك وامام كل المندوبين الأميركيين وكل زعماء العالم الموقف السياسي الفلسطيني الحاسم والثابت بالدلالات السياسية والقانونية والتاريخية، أم انك لم تستوعب ما أكد عليه الرئيس الفلسطيني في اللقاءات العديدة التي جمعتك به؟ وبماذا إمتاز نتنياهو عن ابو مازن؟ هل امتاز بالكذب والإفتراء على الحقيقة، أم إمتاز بالتزوير وقلب الأمور رأسا على عقب، وبالإستعلاء والغرور  والإستقواء والغطرسة عليك وعلى اركان إدارتك؟ اين هي براعته، في فساده، وسوء امانته، وفي إستماتته على كرسي الحكم، واستعداده لتخريب كل المشروع الكونيالي الصهيوني لقاء البقاء في شارع بلفور؟!

مما لا شك فيه، ايها الرئيس السابق وقعت ومن حيث تدري بالخطأ الفادح في تشخيص وتقييم الرئيس ابو مازن، أولا لإنه الرئيس المتمثل بقوة لا تتزحزح خيار السلام الممكن والمقبول، والمدافع القوي عن قناعاته دون تردد، والحامل راية المشروع الوطني التحرري، والذي لا يخجل من إعلان رؤاه وافكاره على رؤس الأشهاد، وامام الدنيا كلها. كما ان الرئيس عباس تعلم لوحده ودون معلم اللغة الأنكليزية، ولم يدرس في الجامعات الأميركية أو البريطانية او غيرها من الدول الناطقة بالإنكليزية، ويعبر عن نفسه بشكل جيد، ويوصل فكرته بهدوء وتأني.

 وبالتالي مجرد المقارنة بين الذي عاش وترعرع ودرس وعمل في اميركا (نتنياهو) وبين الذي شرد من وطنه الأم، وكافح لتأمين لقمة العيش لعائلته، وانخرط في النضال الوطني باكرا (عباس) خطأ فادح، وخانك الذكاء، وانت على ما اعتقد رجل ذكي. المناضل محمود عباس ليس مطلوبا منه الفذلكة اللغوية الزائدة حتى تمنحه شهادة تقدير باللغة، كان ومازال مطلوبا منه الدفاع عن القضية والشعب والأهداف الوطنية الفلسطينية، وهو ما يفعله على مدار سني حياته. كتابك تضمن العديد من الأخطاء والنواقص، والجهل ببعض الأمور، منها جهلك للرئيس عباس، وعدم انصافك له خطأ بحقك انت، لا بحق الرئيس ابو مازن. ارجو مراجعة ذاتك سيد اوباما.
[email protected]
[email protected]