أسباب فشل الأمن الإسرائيلي

بي دي ان |

10 ابريل 2022 الساعة 12:51ص

كثيرا ما كتب وسمعنا في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة عن "قوة" و"ذكاء" و"سوبرمانية" أجهزة الامن الإسرائيلية، خلفية ذلك أولا تمكن تلك الأجهزة من تحقيق نجاحات هنا وهناك اسوة بالعديد من الأجهزة الأمنية في العالم؛ ثانيا القصدية في المبالغة لتضخيم دور هذه الأجهزة لاسباب امنية وسياسية وديبلوماسية؛ ثالثا لدفع العديد من الدول لطلب العون من دولة الاستعمار الإسرائيلية، وتجسير العلاقة معها لاقامة علاقات ديبلوماسية.
والحقيقة ان المتابع البسيط وغير المختص لعمل أجهزة الامن الإسرائيلية من "الشاباك" إلى "الموساد" و"الاستخبارات العسكرية" و"الامن الجوي" وغيرها من المسميات يرى انها ليست كما يقولون، وهي أجهزة عادية جدا، ويعود بعض نجاحها لاكثر من عامل، منها أولا تلقط الاخبار والمعلومات من وسائل الاعلام؛ ثانيا من خلال شرائها او اسقاطها لبعض الشخصيات الهامة عبر الجنس او المال او الرشوة بالجوائز الأممية المتحكم فيها الاميركيون واباطرة المال من العائلات اليهودية الصهيونية؛ ثالثا التركيز على بعض الملفات الشخصية او المؤسساتية او الدولانية وفي العناوين ذات الصلة بمصالح إسرائيل؛ رابعا عبر عمليات التهديد والترهيب والابتزاز لمصالح المؤسسات والدول؛ خامسا ايلاءها الأهمية للسلاح السبيراني. واستثمار قوة العمل المختصة من الفلسطينيين في هذا الحقل، دون ان تطلق على تلك البرامج صفات امنية. وللعلم وبتواضع مما عملت من مختصين، الكفاءات الفلسطينية تتميز عن الإسرائيليين في هذا الحقل.
ولو توقفت امام العمليات الفدائية الأخيرة التي تمت في النقب وتل ابيب وغيرها من العمليات داخل وخارج الخط الأخضر والاهم داخل إسرائيل نفسها، وفي العاصمة تل ابيب، وحيث مركز القرار الإسرائيلي، ومركز الثقل لأجهزة الامن، نجد ان تلك المؤسسة الأمنية فشلت فشلا ملحوظا، وكشفت العمليات ظهر إسرائيل عاريا امام الرأي العام الإسرائيلي والفلسطيني والعالمي، وهذا يعود للأسباب التالية: أولا السرية التامة التي اعتمدها منفذو العمليات؛ ثانيا ابتعادهم عن السوشال ميديا والثرثرات الاستعراضية الساذجة؛ ثالثا الكفاءة العالية في استخدام السلاح من خلال تكثيف عمليات التدريب الفردية، كما حصل مع بطل وادي الحرمية ثائر حماد؛ رابعا معرفتهم الجيدة بالمكان، واستطلاعه بدقة؛ خامسا استخدام أسلوب المفاجأة، واليقظة العالية اثناء التنفيذ لمهمتهم؛ سادسا اختيارهم لاكثر الأماكن حساسية، وحيث يفترض المقيم في تلك المناطق بانه في مأمن من العمليات الفدائية؛ سابعا دخول إسرائيل عبر طرق التفافية؛ ثامنا الثقة العالية بالنفس، وعدم الخشية من تداعيات العملية وفي المقدمة على نفسه؛ تاسعا الارباك والفوضى الإسرائيلية ساهمت أيضا بنجاح العمليات؛ عاشرا مشاركة أبناء الشعب الفلسطيني من كل التجمعات في العمليات الأخيرة، وهو ما يؤكد مجددا على وحدة الهدف، وان لم يكن بين من نفذوا العمليات اية روابط تنظيمية او شخصية؛ حادي عشر الايمان بعدالة القضية الوطنية، ورفض الظلم والاستعمار الإسرائيلي الوحشي ... الخ
كما وكشفت تلك العمليات عن فشل المنظومة الأمنية الإسرائيلية برمتها من الفها إلى يائها، وظهرت للعيان في عملية ديزنكوف على حقيقتها دون رتوش او محسنات تجميلية، حيث تمكن البطل رعد فتحي حازم من السيطرة لوحده في تل ابيب لمدة تسع ساعات كاملة، وتمكن من حجز نتنياهو، رئيس الوزراء السابق مدة اربع ساعات في مكتبه قبل ان يسمح له بالمغادرة. ولولا احد العملاء لما امكن لا للقوات اليمام ولا الشاباك ولا غيرها من الإمساك به. كما وكشفت بؤس خيار جدار الفصل العنصري، الذي لم يؤثر على دخول وخروج أبناء الشعب الفلسطيني من والى إسرائيل، وبموضوعية شديدة ودون مغالاة او تضخيم واسقاطات رغبوية يمكن الجزم، بان منفذو العمليات البطولية حققوا إنجازا امنيا بامتياز، ونجحوا في بلوغ أهدافهم. ويعود استهدافهم لمركز تل ابيب، لاعتقادهم ان المجتمع الإسرائيلي كله مجتمع عسكري، ولا يوجد فصل بين جندي او ضابط الاحتياط او الجندي والضابط الموجود في الخدمة. وان كانت إسرائيل ستحاول استغلال ذلك للتحريض على المقاومين الفلسطينيين بذريعة "الاعتداء على المدنيين"، وهو ما ترفضه الوقائع، وخاصة نموذج عملية ضياء حمارشة في "بني براك" عندما طلب من النساء والأطفال المرور بسلام، ورفض اطلاق الرصاص عليهم حرصا منه على الابعاد الإنسانية.
في كل الأحوال فشلت إسرائيل في كشف أي من العمليات، وستفشل الف مرة لاحقا، وبالتالي على الأجهزة الأمنية والقيادة السياسية استخلاص الدرس أما بناء جسور السلام مع القيادة الفلسطينية او استمرار العنف والإرهاب الإسرائيلي. الكرة في مرمى حكومة بينت المتهاوية او اية حكومة قادمة.