الحراك السياسي هام.. ولكن

بي دي ان |

02 ابريل 2022 الساعة 12:50ص

شهد الأسبوع الماضي حراكا سياسيا طال الساحات الفلسطينية والاردنية والإسرائيلية، فالتقى الرئيس محمود عباس مع كل من بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، وجلالة الملك عبد الله الثاني وولي عهده ورئيس وزرائه. كما زار المملكة الأردنية عددا من القيادات الإسرائيلية وزير الامن الداخلي، ووزير الدفاع، ورئيس الدولة، وسبقهم زيارة وزير الخارجية، وهذا الحراك السياسي على أهميته، والذي اكد على أهمية القضية الفلسطينية، وتصدرها مجددا صدارة المشهد السياسي الإعلامي، منتزعة من الحرب الروسية الأوكرانية مكانتها واوليتها كقضية مركزية في السياسة الدولية، وليس على المستويين المحلي والإقليمي فقط.
وعلى أهمية الزيارات بيد انها لم تحمل جديدا في العملية السياسية، لا سيما وان الحكومة الإسرائيلية كانت لها رسالة مزدوجة، من زاوية أولى ارادت ايهام القادة حملة الرسائل بانها معنية ب"تخفيف التوتر" في الأراضي الفلسطينية المحتلة عموما وفي القدس خصوصا في شهر رمضان المبارك ، ومن زاوية أخرى التغطية على جرائم حربها ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، ومحاولة تحميل القيادة الفلسطينية المسؤولية عن ذلك. مع ان مجرد وجود الاستعمار على الأرض الفلسطينية يكفي لان يسبب كل عوامل التفجير، لانه اس البلاء والإرهاب. وبالتالي لم تتضمن الزيارات جديدا سياسيا، سوى تكرار التطمينات بتنفيذ بعض الوعود، التي اطلقتها إدارة بايدن تجاه "تعزيز" العلاقة مع الجانب الفلسطيني. وهي مجرد تطمينات شكلية حتى الان، ولم ترتق إلى مستوى التنفيذ الجدي.  
ومن المؤشرات الدالة على خلو جعبة الزوار من أي حراك سياسي ذات شأن انعقاد اجتماع وزراء خارجية إسرائيل وأميركا وبعض الدول العربية في سديه بوكر في النقب في نفس الوقت لتكريس أوهام ما يسمى "السلام الابراهيمي"، وعلى حساب أولوية ومركزية القضية والشعب الفلسطيني، الذي يتعرض لهجمة شرسة من التهويد والمصادرة والاستيطان والقتل والاعتقال في كل مناطق ال48، وعموم محافظات الضفة وخاصة في جنين وبيت لحم في اعقاب العمليات الأخيرة في النقب وتل ابيب، ودون عملية الخضيرة، لانها صناعة إسرائيلية مكشوفة، وتجري الان في كل فلسطين التاريخية استباحة وحشية للمواطنين الفلسطينيين العزل تحت يافطة حملة "كاسر الأمواج"، قامت وتقوم قوات الجيش والمؤسسة الأمنية بتصعيد همجي عنصري لكسر إرادة أبناء الشعب الفلسطيني. ومازالت هذه الحملة المسعورة تتصاعد وتيرتها في الايغال في الدم الفلسطيني. وترافق مع ذلك اقتحام الفاشي بن غفير المسجد الأقصى يوم الخميس الفائت، مستعرضا عنصريته وهو يدنس ارض المسجد المبارك، وملوحا باصابعه القذرة بايماءات دنيئة تعكس فاشيته ومتحديا الشعب العربي الفلسطيني كله عشية الشهر الفضيل، ومعززا القناعة بان حكومة بينت / لبيد ليست معنية بالتهدئة ولا بتخفيف التوتر، وانما تعمل على زيادة اشعال الحريق لاستغلال الحرب الأوكرانية الروسية لتحقيق غايات استعمارية جديدة.
وعليه فإن جملة ما تلازم وترافق مع الزيارات الديبلوماسية السياسية من جرائم حرب وانتهاكات خطيرة القت بظلال كثيفة على أهمية الحراك، وأكدت ان حمل تلك الزيارات كان حملا كاذبا، ولم تحقق اية نتائج مرجوة لتحقيق خطوة ولو صغيرة على طريق بناء جسور السلام. وبالتالي من الصعب ايهام الذات الفلسطينية والاردنية بما لا اثر له على الأرض، والمبالغة في افاقها، لانها بلا افاق، وبلا اية نتائج، باستثناء أهمية وضرورة اللقاء بين القيادتين الأردنية والفلسطينية. لان زيارة جلالة الملك وولي عهده تحمل دلالات هامة للقيادة الفلسطينية، بذات القدر الذي تحمله للقيادة الأردنية.
بالنتيجة كل حراك سياسي هام وضرورة، وهو احد اشكال النضال الوطني، ولا يجوز التقليل من أهميته وشأنه. لكن دون مبالغة، او تضخيم. لان قيمة أي تحرك سياسي ديبلوماسي تكمن في حصاده، وهذا مرهون باقران النضال السياسي بالنضال الشعبي. لان العالم لا يسمع أي صدى للكفاح السياسي، وان سمع، لا يكون ذات رصيد خاصة في قضية كالقضية الفلسطينية، التي مضى عليها 74 عاما خلت. وهو ما يفرض على كل أصحاب الاختصاص ان يتذكروا بان النضال السياسي دون تكاليف عالية للاستعمار الإسرائيلي، لن يكون ذات جدوى، والعالم لا يسمع من الخرسان، العالم يريد ان يرى ويسمع صوت الشعب في الميادين وعلى خطوط التماس والطرق الالتفافية، وبناء ركائز الوحدة الوطنية وتعزيز السيادة على الأرض المستلبة.
[email protected]
[email protected]