اميركا تقاتل حتى اخر اوكراني

بي دي ان |

22 مارس 2022 الساعة 11:43م

مضى على الحرب الروسية الأوكرانية 27 يوما، ومازالت رحاها تدور على اكثر من محور بدءا من العاصمة كييف إلى ماريوبول وغيرها من الجبهات داخل الأراضي الأوكرانية. وتبين للرئيس الاوكراني زيلينسكي ان رهانه على الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو عموما، هو رهان خاسر، ورغم اعلانه في الأسبوع الأول وبلسانه، انه اتصل ب27 رئيسا في دول الاتحاد الأوروبي بهدف قبول انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، الا انه لم يأتيه جواب من أي منهم. وخلال الأسابيع الأربعة الماضية لم تحصل أوكرانيا الا على جعجعة ومواقف عنترية فارغة وكاذبة، وارسال عتاد وسلاح تقليدي من عدة دول، ورصد أموال بارقام كبيرة تصل إلى ما يزيد 13 مليار دولار أميركي من إدارة جو بايدن. لكن غالبيتها الساحقة لا علاقة لها بموازنة الحكومة الأوكرانية، وبالتالي الرصد شكلي وللاستهلاك الإعلامي، ومع ذلك مازال حتى اللحظة يعوم على شبر ماء آسن، ولم يلتقط الدرس ولا العبرة من التجربة المرة مع الغرب.
لا اضيف جديدا، عندما أؤكد ان الحرب في أوكرانيا تقف خلفها الولايات المتحدة من خلال تحريضها النظام السياسي الاوكراني للصعود إلى اعلى الشجرة في تحدي الاتحاد الروسي، ووضعه أوكرانيا في مواجهة الجارة التاريخية، التي ربطتها بها 300 سنة من العلاقات الأخوية المشتركة، وكانت حتى وقت قريب بمثابة بلد واحد، وثقافة وتاريخ واحد حتى منتصف تسعينيات القرن الماضي، مما اجبر النظام الروسي للرد على الهجمة الأميركية بالوكالة، ودشنها الرئيس بوتين بالاعتراف بجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك في مقاطعة الدونباس دفاعا عن الامن القومي الروسي.
ورغم دفع الولايات المتحدة أوكرانيا لخوض غمار الحرب، الا انها أعلنت بلسان الرئيس بايدن ووزير خارجيته، بلينكن انهم لن يتدخلوا في الحرب مباشرة، ولن يحظروا الطيران، ولن يكون لهم اية وجود علني في الحرب خشية التداعيات من انفجار شرارة الحرب العالمية الثالثة مباشرة بين الأقطاب النووية (والتي قد تنفجر في كل لحظة لاحقا)، ولتحقيق الهدف الأميركي خاصة ومعه دول الغرب الأوروبي في استنزاف روسيا، واغراقها في المستنقع الاوكراني، واعادتها إلى حظيرة الدول الفاشلة.
وتحقيقا للغاية الغربية قامت بفرض كما غير مسبوق من العقوبات المالية والاقتصادية والديبلوماسية والأمنية العسكرية، كما طالت الأشخاص النافذين في مركز القرار الروسي ورجال الاعمال، الذين اطلقوا عليهم مفهوم "الاوليغارشية" أي الطغم المالية الروسية. غير ان كل العقوبات، والارباكات التي واجهتها القوات الروسية في ميدان الحرب، لم تثنِ، ولن توقف عجلة الالة العسكرية الروسية حتى تحقيق أهدافها كاملة في أوكرانيا. فإما ان تنتصر روسيا، او تنتصر روسيا، كون الهزيمة ستكون ذات اثار قاتلة لمكانة ودور روسيا الاتحادية في الداخل الروسي، وفي النطاق الدولي، وقد تعود لاسوأ مما كانت عليه في زمن الثلاثي غورباتشوف ويلتسين وشيفارنادزة، وهو ما لا يمكن ان يسمح به نظام القيصر الجديد، حتى لو أدى ذلك لاستخدام المنظومة العسكرية المتطورة جدا في الحرب، وبالتالي مصير الحرب طال الزمن ام قصر سيكون بالضرورة لصالح الدولة القطب، وستكون من نتائجها: انهيار نظام زيلينسكي، وإيجاد نظام اكثر إيجابية مع روسيا، وتحييد أوكرانيا كليا، وابعادها عن حلف الناتو والغرب عموما.
غير ان الولايات المتحدة لن تدخر أيضا جهدا في إبقاء دوامة الحرب مشتعلة لاغراق روسيا اكثر فاكثر في مستنقع أوكرانيا، ومازال رهانها على المجموعات القومية الأوكرانية المعادية لروسيا حتى بعد سيطرة القوات الروسية على كييف العاصمة وكل الأراضي الأوكرانية من خلال مواصلة حرب العصابات ضد الجيش الروسي وانصاره من الاوكران.
في ضوء ما تقدم، فإن النظام السياسي الاوكراني برئاسة زيلينسكي والشعب الاوكراني هم الخاسرون الوحيدون، قد تخسر روسيا في عديد قواتها ومعداتها وحتى على الصعيد الداخلي اقتصاديا وماليا نتيجة الحصار غير المسبوق للغرب عليها، لكن روسيا شبه القارة ستتمكن من النهوض مجددا، الامر الذي يفرض على الرئيس الاوكراني إعادة النظر بخياراته، ليس من باب الدعوة للاستسلام، ولا للتنازل عن حقوق ومكانة أوكرانيا الدولة السيدة المستقلة، انما لاخذ العبرة من تجربة الرهان الخاسر على اميركا وبريطانيا والغرب وحلف الناتو، وحماية الرأس الأوكرانية، وتوفير المزيد منن الدماء والضحايا والتدمير، الذي يطال أوكرانيا وليس روسيا او أي دولة من دول أوروبا او اميركا حتى الان. فهل يراجع زيلينسكي حساباته ويكسب الوقت، ويعلن حياد بلاده، واسقاط الرغبة بالانضمام لحلف الناتو، وإزالة القواعد الأميركية من بلاده، واغلاق المختبرات الجرثومية والقواعد العسكرية للأسلحة النووية ويعترف باستقلال شبه جزيرة القرم ودونتسيك ولوغانسك. لان في ذلك مصلحة اوكرانية عليا. الوقت من ذهب، والكرة في مرمى الرئيس الاوكراني.
[email protected]
[email protected]