لي الذراع الأوروبي مرفوض

بي دي ان |

16 مارس 2022 الساعة 12:40ص

كلما كان صوت المقاومة الشعبية الفلسطينية عاليا وقويا، ورسالته جلية وواضحة لدولة الاستعمار الإسرائيلية ومن لف لفها، ومن يقف خلفها، ويشد على ايديها، كلما استمع العالم للصوت الوطني الفلسطيني بانتباه اعلى، وتوقفت الأقطاب في الغرب الرأسمالي عن ترديد الأسطوانة الإسرائيلية الصهيونية المشروخة "معاداة السامة"، وكفوا عن التهريج والتحريض على الرواية الوطنية الفلسطينية، التي يحاولون بكل الوسائل تشويهها، وتفريغها من مضامينها الوطنية، ومن هويتها وحقائقها، وموروثها التاريخي الحضاري، والباسها ثوبا غير ثوبها، ولونا اصفرا باهتا غير صورتها المشرقة والناصعة، معتقدين ان قيادة منظمة التحرير والشعب سيركع جاثيا على ركبتيه مستجديا تلك الدول ارسال الأموال مقابل بيع الهوية والرواية الوطنية. وتناسى أولئك الغربيون ان 74 عاما من الكفاح، وعشرات ومئات الاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين لم يكن عبثا ولا ترفا ولا حبا في الدماء والموت والمعاناة، وانما لتحقيق السلام ونشر لغة وثقافة التسامح والتعايش. اضف إلى ان كل التضحيات لم تفت في عضد الشعب العربي الفلسطيني، ولم ترغمه على التنازل عن روايته الوطنية، ولا التخلي عن ثوابته وحقوقه السياسية.

كما تجاهل أولئك الغربيون تماما ان أبناء الشعب العربي الفلسطيني، هم أولا من أبناء الامة العربية الساميين، وليسوا من الخزر اليهود الاوروبين المستعمرين لفلسطين، ولن يكونوا يوما غير ذلك، وهم الاحرص في الدفاع عن السامية، والتسامح والتعايش والسلام، ويرفضون رفضا قاطعا خيار الاستسلام، وبالتالي قبولهم السلام، والتنازل التاريخي الذي قدموه مقابل خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعودة اللاجئين لديارهم وحق تقرير المصير والمساواة الكاملة لابناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة لا يعني بحال من الأحوال اسقاط الرواية الوطنية، وانما التجذر فيها، والتمسك بحذافيرها والموت دفاعا عنها.

ما تقدم على تماس مع ما عاد مجددا الاتحاد الأوروبي يضرب على وتره، وهو التحريض الصهيواميركي على المنهاج المدرسي الفلسطيني، ويستقي معلوماته من معاهد صهيونية معادية للسلام والرواية الفلسطينية ك"معهد جورج ايكرت" المفوض من الاتحاد الأوروبي (GEI) و" معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي (IMPACT-SE)، اللذين ادعيا ان المنهاج الفلسطيني "اظهر روايات معادية للسامية وتمجيدا للعنف، على الرغم من الوعود التي قطعت للدول المانحة بمراجعة الكتب المدرسية" الا ان وزارة التربية والتعليم الفلسطينية اعادت طبع الكتب المدرسية ذاتها مع نفس القضايا، التي اثارها الاتحاد الأوروبي، ليس هذا فحسب، بل ان الوزارة كتبت الاف الصفحات من المواد الجديدة، أي تقريبا ما يعادل حجم جميع الكتب المدرسية في المناهج الدراسية." وفق ما نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية يوم السبت الموافق 5 اذار / مارس الحالي.

وادعت الصحيفة "ان المادة الجديدة تحتوي على محتوى أسوأ من الكتب المدرسية الحالية او السابقة مع عدد اكبر من الدروس التي تحرض بشكل مباشر على العنف وتنشر معاداة السامية بشكل علني." كما زعمت الصحيفة نقلا عن المعهدين الصهيونيين المذكورين، اللذين اشارا في تحريضهما من خلال الرسالة الموجهة للبرلمان الأوروبي إلى ان "المواد الجديدة تربط بين الإسرائيليين والشيطان"، وتدعو الطلاب إلى الموت كشهداء وتحرير المسجد الأقصى، وتعلم الطلاب قتل الكفار مقابل مكافآت مالية كبيرة."

وأشارت الصحيفة لتأخر وصول ملايين اليورهات المقدمة من الاتحاد الأوروبي لمساعدة موازنة دولة فلسطين المحتلة لمكاتبه في القدس نتاج مواصلة النقاش داخل أروقة الاتحاد ما إذا كان سيتم ربط أجزاء من المساعدة الخارجية بإلاصلاحات في الكتب المدرسية. وحسب جيروزاليم بوست أيضا، فإن مجموعة من المشرعين في الاتحاد الأوروبي دعت عبر الأحزاب إلى تقليص الأموال المخصصة للسلطة الوطنية بسبب فشل اصلاح الكتاب المدرسي. ليس هذا فحسب، انما طالب أولئك المشرعون بان يكون التمويل مشروطا بالإصلاح.

وتعقيبا سريعا ما حملته رسالة المعهدين للبرلمان الأوروبي لا أساس لها من الصحة، وكاذبة ومزورة. ليس هذا فحسب، بل إن المعهدين الصهيونيين لم يتطرقا للمنهاج الإسرائيلي، ولا للقوانين العنصرية، ولا للفتاوي الدينية الصهيونية المتواصلة الداعية لقتل الفلسطينيين، ولم تشر من قريب او بعيد لرفض الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة خيار السلام، ولم تنبت ببنت شفة عن الحروب والاجتياحات المتواصلة للمحافظات والمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وعن قتل الأطفال والنساء والشباب بشكل يومي وهمجي ودون سبب يذكر، ولم تتوقف عن نسف وتدمير واحتلال البيوت، ولا عن ما يجري في احياء العاصمة الفلسطينية القدس وخاصة حي الشيخ جراح وعمليات التطهير العرقي، ولم تشر إلى ما يجري في النقب والجليل والمثلث والمدن المختلطة من عمليات قتل ورفض لاعادة النظر في المخططات الهيكلية، ولا عن سياسات الاسرلة وغيرها، وعدم الاعتراف بالقرى الفلسطينية، وإقامة مدن جديدة على أراضي المواطنين في النقب. مجددا يمكن الجزم لدول الاتحاد الأوروبي ومعهم ومن قبلهم الإدارة الأميركية، الشعب والقيادة الفلسطينية لن يقبلوا لي الذراع السياسية مقابل المال. لان ما تدفعونه من مال ليس حبا في فلسطين والشعب الفلسطيني، وانما مقابل دعم خيار السلام الممكن والمقبول، وان نكثتم بدوركم وعهدكم والتزاماتكم، فانتم الخاسرون، وليس الشعب او القيادة الفلسطينية. لذا راجعوا حساباتكم جيدا، ولا تغرقوا في شبر ماء التحريض الصهيوني الكاذب والمفبرك، والذي لا أساس له من الصحة. واما ان تقبلوا الفلسطينيين شعبا وقيادة كما هم، او ابحثوا عن لكم عن بديل آخر، ولن تجدوا من يساوم على حبة تراب من فلسطين والحقوق السياسية والقانونية.