اهداف وساطة بينت

بي دي ان |

09 مارس 2022 الساعة 01:16ص

شاب الموقف الإسرائيلي تشوش وارباك مع اشتعال نيران الحرب الروسية الأوكرانية في ال24 من فبراير الماضي، وشعرت الحكومة الإسرائيلية نفسها في موقف حرج لارتباطها بمصالح مع طرفي الصراع. بيد ان ضغوط الإدارة الأميركية دفع وزير الخارجية يئير لبيد لاعلان موقف داعم لاوكرانيا، ومنتقدا الموقف الروسي. الآ ان بينت رئيس الحكومة بقي ممسكا العصا من المنتصف، ودعا وزراء الحكومة بعدم الادلاء باية مواقف تحتمل الدعم لهذا الطرف او ذاك، وطبعا بالاتفاق مع الإدارة الأميركية.
وفي محاولة لالتقاط الانفاس، وإعادة ترتيب أوراق القيادة الإسرائيلية بادر رئيس الحكومة بالاتصال يوم الأربعاء الماضي الموافق 2/3 الحالي مع الرئيس بوتين لمناقشة قضايا الحرب وغيرها من الملفات ذات الصلة بالمصالح الإسرائيلية البحتة، مما شجعه على الاقدام على خطوة بدت مفاجئة للكثير من المراقبين الإسرائيليين والأوروبيين والأميركيين، لاعتقادهم انه أولا ليس الرجل المناسب للقيام بهذا الدور الكبير؛ ثانيا لانه لا يملك الكاريزما السياسية، التي تؤهله للعب هذا الدور؛ ثالثا كونه يمارس الاستعمار المباشر على شعب اخر، الشعب العربي الفلسطيني، الامر الذي يشي بان مهمته تحمل في طياتها الفشل.  
وردا ضمنيا منه على تلك التقديرات، ابلغ وزرائه انه لا يهدف للقيام بالوساطة بين روسيا وأوكرانيا، وانما كما ذكر، ونقل عنه موقع صحيفة يديعوت احرونوت الاليكتروني (واينت) انما يهدف الى توصيل رسائل إيجابية بين الطرفين، وكأن الرئيسين الروسي والأوكراني ينقصهما حاملي رسائل من زعماء العالم؛ ثانيا اخذ ضوء اخضر من الإدارة الأميركية للقيام بزيارته، لانه يحرص حرصا شديدا على عدم الوقوع في أي خطأ قد يزعج الولايات المتحدة او الاتحاد الأوروبي؛ ثالثا الهدف من الزيارة مصالح إسرائيل الحيوية، وليس وقف الحرب. لا سيما وانه مستفيد من نيران الحرب الروسية الأوكرانية؛ رابعا والاهم بالاعتبارات الشخصية، أراد ان يقفز إلى سطح المشهد الدولي ليؤكد حضوره ومكانته كلاعب رئيسي في بؤرة الصراع الأهم عالميا الان.
ولهذا توجه لموسكو يوم السبت الماضي الموافق 5 مارس الحالي والتقى الرئيس بوتين نحو ثلاثة ساعات جال فيها على العديد من الملفات الخاصة بالحرب المشتعلة على الأراضي الأوكرانية، وملف فتح بوابة الهجرة لليهود الاوكران لإسرائيل عبر فتح ممرات آمنة لهم؛ والملف السوري بما يسمح لإسرائيل الاستعمارية من مواصلة عدوانها الوحشي على الأراضي السورية، مع إبقاء برتوكول التعاون الثنائي والخط الساخن بينهما قائما بذريعة مواجهة التمدد الإيراني في سوريا، وأيضا ناقش الملف النووي الإيراني، اضف إلى انه خفف من انزعاج الرئيس الروسي من تصريحات وزير خارجيته من خلال تبرير ذلك الموقف الناجم عن الضغوط الأميركية.
ولاحقا مساء السبت بعد انتظار من الوقت توجه لبرلين، والتقى المستشار الألماني اولاف شولتس لمدة ساعة ونصف أيضا ناقش فيها معه عدد من الملفات المختلفة، فضلا عن العلاقات الثنائية المشتركة بين البلدين. وفي السياق اجرى اتصالين مع كل مع الرئيسين الاوكراني فولوديمير زيلنسكي، و الفرنسي مانويل ماكرون، ووضع كل منهما في نتائج مباحثاته مع الرئيس الروسي. وكان زعيم حزب يمينا ابلغ اقرانه من اقطاب الائتلاف الحاكم في إسرائيل لبيد وغانتس وليبرمان عشية زيارته للبلدين نيته القيام بمهمته.
طبعا لم يكن أي من الطرفين الروسي او الاوكراني مقتنعا بوساطة رئيس الحكومة الإسرائيلية، ليس هذا فحسب، بل شككوا بشكل علني بنجاح مهمته، وحسب تقارير وردت من موسكو يوم الاحد تفيد بان (الروس) يعتقدوا، ان بينت قام بمبادرته مدفوعا من قبل الرئيس زيلنسكي، فضلا عن رغبته الذاتية تكريس نفسه رقما في المعادلة الدولية. خاصة وان رصيده السياسي الديبلوماسي ضعيف ومشكوك فيه. وبالمقابل علق المتحدث الرئاسي الاوكراني سيرجي نيكيفوروف على تحركات بينت قائلا: لن نتمكن من تقييم نتائج وساطة بينت حتى نحصل على إشارة واضحة منه أو موافقة بوتين على الاجتماع" مع الرئيس الاوكراني. وبالتالي رغم انهم طالبوه بالتحرك، إلآ انهم لا يعلقون امالا بتمكنه من تحقيق اية نتائج مرجوة لهم.
والنتيجة الجلية من زيارات بينت يمكن تلخيصها بالتالي، انها فعلا لم تحقق اية نتائج على صعيد تقريب وجهات النظر الروسية الأوكرانية، لكنه حقق نتائج لصالح إسرائيل فيما يتعلق أولا بالسماح لليهود الاوكران بالهجرة لإسرائيل؛ والثاني السماح للطيران الإسرائيلي بمواصلة عملياته العدوانية على الأراضي السورية، وفعلا في اعقاب عودته، قام الطيران الإسرائيلي يوم الاحد الموافق 6 مارس الحالي بقصف الأراضي السورية في محيط العاصمة دمشق، وكذلك أعاد نسبيا العلاقات الروسية الإسرائيلية لوضعها السابق قبل الحرب، بالإضافة لتحسين صورته الشخصية على الصعيد العالمي، وتكريس نفسه كرقم هام في الداخل الإسرائيلي وعلى المستوى الدولي. لا سيما وان الأطراف الدولية التي زارها، والقوى العالمية الأخرى لا تنظر له بالعيون الفلسطينية العربية كزعيم لدولة التطهير العرقي، والدولة القائمة بالاستعمار على ارض الشعب العربي الفلسطيني، الامر الذي ينفي عنه من حيث المبدأ المصداقية في لعب دور الوسيط لانهاء أي نزاع، لانه غارق حتى اذنيه في مستنقع الإرهاب والتخريب والحروب.