بيلين والحسيني والتيه السياسي

بي دي ان |

04 مارس 2022 الساعة 11:47م

لم يكف الإسرائيليون من مختلف المشارب الصهيونية ومن يتساوق معهم من الفلسطينيين عن نشر مشاريعهم السياسية الوهمية لحل مسألة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في محاولة من أصحاب تلك البضاعة الرخيصة بالتنسيق او بدونه مع أجهزة الامن الإسرائيلية لتحقيق اكثر من هدف، أولا التشويش وتغييب خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وبالتالي حرف بوصلة النقاش في جوهر الملف السياسي ومحددات حله؛ ثانيا ادخال الرأي العام الفلسطيني والإسرائيلي في متاهة المشاريع الوهمية، والتي لا تنسجم ولا تتفق مع شروط الواقع؛ ثالثا وأيضا للتأثير السلبي على الرأي العام العالمي عموما والدول والمنظمات الأممية ذات الصلة بالاسهام في حل الصراع القائم منذ ما يزيد عن 74 عاما. لا سيما وان ملف حل الصراع كان مطروحا منذ طرح وعد بلفور المشؤوم، وما تلاه من حلول بما فيها قرار التقسيم رقم 181 نوفمبر 1947.

ومن المشاريع الأخيرة التي طرحت في سوق النخاسة السياسي، مشروع مشترك لكل من يوسي بيلين، مؤسس وثيقة جنيف الفاشلة، والمحامية هبة الحسيني، والذي نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست يوم الاثنين الموافق 7 فبراير 2022، ووفق الصحيفة الصحيفة الاسرائيلية يفترض ان يكون وزير العدل الإسرائيلي الأسبق سلم مشروعه الوهمي للأمم المتحدة، والذي يتلخص في النقاط التالية:

أولا إقامة كونفيدرالية من طراز جديد بين الدولتين، ثانيا يسمح لكل دولة بالمحافظة على خصائصها، لكنها تعمل تحت طبقة إضافية من البنية التحتية التعاونية (المشتركة)، التي من شأنها ربط الشعبين معا بدلا من السعي لتقسيمهما؛ ثالثا بقاء المستعمرين في الضفة الفلسطينية كمقيمين، وليس كمواطنين داخل الحدود النهائية للدولة الفلسطينية، مقابل عدد متساوٍ من الفلسطينيين الإقامة في إسرائيل؛ رابعا الخطة تستحضر النموذج الأوروبي للربط بين دولتين قوميتين عرقيتين، دولة إسرائيلية وفلسطينية.

وحسب تبرير الثنائي بيلين والحسيني، ان السبب وراء تبني بقاء المستوطنين الاستعماريين يعود لرفض القيادات الإسرائيلية فكرة اقتلاعهم من مستعمراتهم، وبالتالي تملي الضرورة على القيادة الفلسطينية القبول بما حملته الخطة الفاشلة والفاسدة سلفا حتى " لا يضطر صانع القرار الإسرائيلي المستقبلي من التعامل مع اخلاء أي إسرائيلي فردي من الأراضي." الفلسطينية المحتلة. وأضاف بيلين الصهيوني "سيكون من السهل التعاون والتنسيق إذا كان الاطار كونفيدرالية، وليس حل الدولتين." وخلص صاحب البضائع المضروبة بيلين، رئيس حزب "ميرتس" الأسبق إلى ان لديهم "رئيس وزراء لا يؤمن بحل الدولتين، ولا يؤمن بالتقسيم"، مضيفا انه يأمل ان تؤدي الخطة الوهمية (التي استغرق اعدادها عامين) الى نقاش دولي حول قرارات لحل الصراع. وقصده الحقيقي الهاء العالم بمشروع لا يحمل في ثناياه روح المسؤولية، ولا يملك نافذة لولوج بوابة النجاح، انما العكس صحيح تماما.

وما لم يشر اليه الوزير الأسبق إضافة لما ورد أعلاه، ان الهدف من بقاء المستعمرين، وافساح المجال لعدد مساو من الفلسطينيين في إسرائيل، يريد منه المقايضة على الوجود الفلسطيني المتجذر في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، والمساومة الرخيصة على حساب عودة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار الدولي 194.  

ولا اضيف جديدا لموقف القيادة الفلسطينية، التي أعلنت في بياناتها وتصريحات قياداتها عشرات المرات، انها لن تقدم على أي شكل من اشكال التعاون الكونفيدرالي او الفيدرالي مع أي من دول الجوار إلآ بعد استقلال دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرارات الأممية ذات الصلة وبعد ذلك يمكنها التقرير فيما تشاء من خيارات تتوافق مع مصالح وثوابت الشعب العربي الفلسطيني.

ولنسأل الثنائي غير البريء يوسي وهبة، لماذا على القيادة الفلسطينية تقديم التنازلات لصالح القيادة الاستعمارية الصهيونية؟ وهل في مركبات الفسيفساء الصهيونية من يقبل من حيث المبدأ الشراكة مع القيادة الفلسطينية لصناعة السلام، ام ان المطلوب ابتزاز القيادة الفلسطينية كمقدمة لفرض وقائع جديدة، وطمس الحل السياسي المقبول والمعتمد من اطراف الرباعية الدولية والأمم المتحدة؟ ولماذا لم تطلب أيها الوزير الصهيوني من قياداتك النزول عن شجرة خيار الاستعمار والعنصرية والفاشية والقبول باحلال السلام، ام ان الشعب والقيادة الفلسطينية مطلوب منها ان تتعرى لتقبل القيادات الفاشية بالحلول الوهمية؟

كفى عبثا وتيها في موضوع الحل السياسي. وآن الآوان كي يتقدم الإسرائيليون خطوة جدية للامام لبناء السلام الممكن والمقبول، أي خيار حل الدولتين قبل فوات الأوان. لا سيما وان كل المؤشرات الداخلية والإقليمية والدولية لا تصب في مصلحة إسرائيل المارقة والخارجة على القانون.