في حوار شامل لـ« بي دي ان»..

الزهار: كل من تفاءلوا بالمصالحة لم يكونوا على صواب و العلاقة متوترة داخل «السلطة».. صفقة تبادل الأسرى سيكون لها «ثمنا»

بي دي ان |

24 نوفمبر 2020 الساعة 06:33ص

أحداث ومستجدات كثيرة، شهدتها الساحة الفلسطينية في الأونة الاخيرة، والتي غيرت الكثير من المشهد السياسي، لعل أبرزها اللقاءات التي جمعت حركتي حماس وفتح في العاصمة المصرية القاهرة وفي اسطنبول، حول ملف المصالحة، بالإضافة إلى إعلان السلطة الفلسطينية مؤخرا عودة العلاقات كما كانت مع الاحتلال الاسرائيلي، كذلك معلومات تدور في الافق حول تواجد وفد من حركة حماس في القاهرة لبحث ملف صفقة تبادل اسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي، واخرها الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والتي أظهرت حتى الآن فوز الديمقراطي جو بايدن.

 «بي دي ان» فتح كل هذه الملفات مع الدكتور محمود الزهار، القيادي في حركة المقاومة الاسلامية (حماس)، النائب في المجلس التشريعي عن الحركة، ليضع الجمهور في تفاصيل هذه الملفات، وخرج بالتالي:

قرار السلطة ليس بيدها

في ملف المصالحة واعلان السلطة الفلسطينية عودة العلاقات مع إسرائيل، أكد الزهار، أن قرار السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية، ليس في يدها، وإنما مرتبط بالجغرافيا السياسية المحيطة بها، وهي الاحتلال الإسرائيلي بالدرجة الأولى والمواقف الأمريكية الداعم للاحتلال، والموقف العربي المشتت.

وقال: "حذرنا من ذلك حتى قبل انعقاد المؤتمر في بيروت، حيث حذرنا من أن يكون ذلك ورقة ضغط على الاحتلال الإسرائيلي وليست وسيلة لتحقيق أهداف، وهذا ما حدث، فبمجرد ما تغيرت ملامح القيادة في أمريكا، واحتمالية أن يخف الضغط على السلطة، فإن إسرائيل ذهبت في هذا الاتجاه ووعدت السلطة، وبالتالي ذهبت إلى ما كانت عليه في المسار الأول، لذلك فإن الذين بالغوا في التفاؤل كانوا ليس على صواب".

وفي السياق، أكد الزهار أن ما حدث من محادثات أخيرة بين حركتي فتح وحماس في العاصمة المصرية القاهرة، هي عبارة عن محاولة لتجميل الوجه، لأن الصورة كانت تتمحور في أن تعالوا إلى المصالحة، فذهبوا، ولكن تغيرت ملامح الادارة الامريكية، فانتكسوا على المصالحة.

وقال: "ليس هناك موقف ثابت مبدئي، وإنما إدارة صراع مرحلي حسب المعطيات السياسية المحيطة بهم، لذلك الذي يخدم هذه القضية هو إجراء انتخابات شاملة، ويختار الشارع الفلسطيني من يمثله، وعندها يضع البرنامج ويلتزم به، أما هذه الصورة الآن صورة البرامج المختلطة، أربكت الشارع الفلسطيني ودعمت المتشكك في إمكانية التوافق على الأقل في المراحل المقبلة".

العلاقة متوترة داخل السلطة

وحول ما إذا عادت العلاقة بين حركتي فتح وحماس متوترة بعد إعلان السلطة إعادة العلاقات مع الاحتلال، أكد الزهار أن العلاقة أصبحت متوترة داخل السلطة نفسها، لافتا إلى أن جبريل الرجوب يسير في اتجاه، وحسين الشيخ يسير في اتجاه أخر، وكل منهما خلفه من يدعمه.

وقال: "الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حركة حماس، تنظر إلى ما يجري بحرص شديد، لأن فتح عندما قالت تفضلوا للمصالحة، وتم الذهاب، ولكن عندما تغير الوجه في أمريكا، انقلب الناس على موقفهم السابق، وبالتالي أنصح بأن نوغل في هذا المشوار بحرص وحذر شديد، وبألا نخدع مليون مرة من هذه الجهة".

وأضاف الزهار: "القضية ليست تحقيق المصالحة، وإنما كيفية اشراك الجميع، لأنه لا يمكن أن يكون هناك مصالحة على الفكر والعقيدة بين من يتعاون مع إسرائيل ويسمي ذلك بالتعاون المقدس، ومن يعتبر أن إسرائيل قاتلة ومعتدية ومحتل، وبالتالي يجب كل واحد أن يعرض برنامجه على الجمهور، ونجري انتخابات مجلس وطني مع تشريعي مع انتخابات اخرى بحيث يختار الشعب الفلسطيني من يمثله".

وتابع: "السؤال الأن ليس كيف نطبخ سويا؟ وإنما كيف يختار الشارع من يمثله، وبالتالي فتح تريد إجراء انتخابات معينة، وتأجيل المجلس الوطني، لأن المجلس الوطني سيمثل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، فهم يريدون تمثيل الشعب الفلسطيني كله في ظروف صعبة، كل وسائل التزوير قائمة في الضفة الغربية ليحصلوا على تمثيل زائف للشعب الفلسطيني، وبالتالي يجب تحرير هذه المصطلحات، وبالتالي المصالحة تعني أن تقدم برنامجك للشعب الفلسطيني واحترم النتائج، لذلك فتح تريد تأجيل انتخابات المجلس الوطني، ومعنى تأجيل أنها لن تتم".

السلطة سلمت السلاح 

وفيما يتعلق بتصريحات الرجوب مؤخرا حول سلاح المقاومة، التي قال فيها: "نسعى لبناء نظام سياسي واحد وسلاح واحد وقانون واحد، وأننا لم نطلب من أحد تسليم السلاح"، أكد القيادي في حركة حماس، أنه لم يتم مناقشة ملف سلاح المقاومة خلال المباحثات الاخيرة.

وقال: "هذا الحديث له دلالات، فهم لم يطلبوا من أحد تسليم السلاح، لأن حركة فتح سلمت السلاح، وهذا اعتراف ضمني منها بذلك، فالقضية واضحة بأن هناك من سلم السلاح، وهناك من يخشى تسليم السلاح ولا يريدونه"، مضيفاً: "عندما كانت السلطة الفلسطينية موجودة في غزة، نزعت السلاح، كما أنها نزعت السلاح في الضفة الغربية، وبالتالي ما هو البرنامج الذي سنتحدث عنه".

حماس ليست معنية بالوصول لحالة التوتر

وفيما يتعلق بالتصعيد على قطاع غزة، والتهديدات المستمرة من قبل قادة الاحتلال الاسرائيلي بشن عملية عسكرية على القطاع، أكد الزهار، أن حركة حماس ليست معنية بالوصول إلى حالة التوتر، وإنما مهمتها اجتياز المرحلة الصعبة ذات التغيرات السياسية الكبيرة، ليس فقط على المستوى الدولي وإنما على المستوى العربي.

وقال: "عملية التطبيع في معظم العالم العربي، وصلت إلى مرحلة خطيرة، وهذا يعتبر انقساماً في الموقف العربي، فهناك من يرى أن التطبيع خيانة، ومن يرى ان التطبيع مصلحة وطنية له، فهذه الحالة ليست البيئة المناسبة لبرنامج المقاومة بأن تتحرك فيها، وبالتالي نريد تثبيت برنامج المقاومة بالإعداد وتقوية النفس، والعمل على الحفاظ على الانجازات التي تمت".

وأضاف الزهار: "هناك تغيرات سياسية في المنطقة، هذه التغيرات بالتأكيد لها انعكاسات على القضية الفلسطينية، سواء كانت سلبية أو إيجابية، هذا ما ننتظره".

وحول جهوزية المقاومة حال اندلاع حرب أو تصعيد على القطاع، قال الزهار: "لا نريد أن نعطي قضايا مجانية لا يستفيد منها إلا العدو، وبالتالي المطلوب من المقاومة أن تتقوى وأن تستعد لعدوان إسرائيلي متكرر، وهذا ما يقود إلى قضية بأنه لا يجب الاطمئنان لهذا العدو، وبناء عليه المطلوب من المقاومة أن تتقوى بكافة الوسائل".

في السياق، أشار الزهار، إلى أنه من الضروري عدم الكشف عن وسائل العمل سواء من مسيرات عودة أو غيرها، لافتا إلى أن هذه القضايا لا يستفيد منها إلا العدو، ولكن هناك مبدأ وهو يجب التقوي بكافة الوسائل واستخدام الوسيلة المناسبة في الوقت المناسب.

المجلس التشريعي وجه رسائل حول إدخال أجهزة التنفس الاصطناعي

وحول رفض الاحتلال إدخال أجهزة التنفس الاصطناعي إلى قطاع غزة، قال الزهار، الذي يشغل منصب النائب في المجلس التشريعي عن حركة (حماس) في قطاع غزة: "من منطلق أننا نعرف أن الاحتلال يريد ان يخنقنا ويخنق انفاسنا، نحن في المجلس التشريعي وفي كتلة التغيير والإصلاح، فقد أرسلنا رسائل إلى كافة الدول والمؤسسات والمؤتمرات التي يمكن أن تساعدنا في إدخال هذه الأجهزة، وبالفعل تم إعداد الرسائل، وبدأت بالوصول إلى جهاتها، حتى نستطيع أن نجتاز هذه المرحلة".

وأضاف: "نحن لا نعتمد على الكيان الإسرائيلي في أن يوفر لنا هذه الأجهزة، ولا نعتمد أنه سيوافق على إدخال قضايا قطرية تحقق للشارع الفلسطيني أمنه وأمانه وحفاظه على سلامته، وبالتالي قمنا بحملة دولية، بحيث تأتي هذه الأدوات عبر جهات أخرى كمصر أو أي مؤسسات دولية أخرى بحيث نحقق للشعب الفلسطيني إمكانية العلاج في هذه الأزمة الكبيرة والمتعلقة بأزمة كورونا".

صفقة التبادل يجب أن تتم من حيث المبدأ

وفيما يتعلق بإمكانية إتمام صفقة تبادل أسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، أكد القيادي في حماس، أنه من حيث المبدأ يجب أن تتم هذه الصفقة، قائلا: "إذا كان بيدنا شيء يجب أن نحصل على ثمنه، فمهمتنا ومبادئنا وأخلاقنا، تقول أنه يجب اخراج الأسرى بكل وسيلة، فإذا كان بيدنا شيء لابد ان نقبض ثمنه كاملاً".

وأضاف الزهار: "عندما تنضج الظروف لتلبية المطالب، فيصبح هناك صفقة تبادل أسرى، حيث أن صفقة وفاء الأحرار استغرقت على الأقل أربع سنوات حتى نضجت، وحصلنا على ما حصلناه، وبالتالي أي صفقة أخرى يجب الا تضيع تحت عامل الزمن، صحيح نريد إخراج الأسرى، ولكن يجب الحصول على الثمن كاملاً، بحيث نستفيد من الفرص المتاحة".

هناك لجان تحدد أسماء الأسرى المحتاجين الخروج من الاسر

في السياق، أكد الزهار، أن هناك لجان موجودة بالتنسيق ما بين داخل السجون وبين القيادات في خارج السجون، لافتا إلى أن من في السجون تقدم أسماء لأغلبية المعتقلين ممن تنطبق عليهم شروط المرض وفترة الحكم الطويلة، بالإضافة إلى شروط أخرى، وبالتالي يتم التواصل بين من يدير هذا الملف بالخارج ومن يديره في السجون، بحيث يتم تحديد الأسماء التي تحتاج الإفراج عنها من السجون.

ترامب يعمل كبلطجي

وفي سياق آخر، وحول الانتخابات الرئاسة الأمريكية، أكد القيادي بحماس، أنه لم يأتي في العالم رئيساً بهذه الدرجة من السوء وعدم الاخلاقية مثل ترامب، فهو رجل يتحدث بلغة فوقية لم يعهدها السياسيون، وهو الوحيد الذي اعترض على قضية الانتخابات وشكك فيها وقسم الشارع الأمريكي لقسمين، ديمقراطي وجمهوري، وأيد كل ما هو ضد حقوق الإنسان سواء على كان على مستوى الرؤساء أو الملوك، وابتز العالم بمليارات الدولارات واخذها بمنتهى الوقاحة.

وقال: "عندما يقول ترامب، لرئيس أو ملك، أنك لن تستطيع أن تركب طائرتك إلا بموافقتي، فهو يعمل كبلطجي دولي على مستوى العالم، وحتى على مستوى القضية الإنسانية فهو ارتكب جرائم عندما أهمل قضية كورونا، وبالتالي هذا الرجل قضية شاذة".

وأضاف الزهار: "إذا نجح بايدن في أن يؤكد فوزه بالانتخابات عبر فرز الانتخابات ويصبح الأغلبية، فإن الصورة ستختلف، فمن ركب قطار ترامب سيخسر سواء على مستوى قيادات كبيرة أو على حقوق الإنسان أو على مستوى التحالفات الدولية كتحالفات أمريكا مع إيران، وكالموقف من سوريا والموقف من القضية الفلسطينية والقضية الخليجية وقضايا المياه في أفريقيا، وبالتالي لا يجب أن يعول الناس على هذه القضية وإنما يجب الاستفادة منها".

وتابع بقوله: "الموقف الأمريكي موقف مصلحي، فقد تكون المصالح الأمريكية ديمقراطية لذلك انتخبوا الديمقراطيين، أما مصلحتنا نحن هي في وحدة الموقف العربي والاسلامي الذي وصل إلى أسوأ مرحلة".

وحول إمكانية أن تتواصل حركة (حماس) مع الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن، الذي اطلق تصريحات إيجابية خلال حملته الانتخابية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، من إعادة فتح مكتب منظمة التحرير، وإعادة المساعدات المالية، وموقفه من الاستيطان، أكد الزهار، أن حركته لا تعلق أمالها على أمريكا، لأن ما حدث في اتفاقية اوسلو هو إخراج القضية الفلسطينية عن جوهرها الحقيقي.

وقال: "فيما يتعلق الاستيطان، الآن الكيان الإسرائيلي وبعيدا عن شعار الضم، يقوم ببناء المستوطنات ويقطع التواصل بين مدينة واخرى، وبالتالي يتم الضم حقيقة الآن، لذلك يجب ألا تخدعنا الشعارات والمواقف، وإنما يجب أن ننظر إلى الواقع، حيث أن الضم يتم الآن ولكن تحت مسميات إلى حد ما مقبولة دوليا".
المصدر: بي دي ان