اميركا تدعم الفصل العنصري

بي دي ان |

03 فبراير 2022 الساعة 12:57ص

لا احد من الشعب العربي الفلسطيني، لا مسؤلا ولا مواطنا، ولا عضوا حزبيا يريد معاداة الولايات المتحدة، ولا يريد استعداءها، لا العكس صحيح، يعمل الكل الفلسطيني على كسب النخب السياسية والثقافية الفنية والأكاديمية والاقتصادية الأميركية صديقا لفلسطين، او بالحد الأدنى شريكا امميا مؤيدا وداعما لخيار السلام وفق معايير الشرعية الدولية، واستخدام نفوذها وثقلها في دفع عربة السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 قدما للامام، والكف عن سياسة الدعم الاعمى والمطلق لدولة التطهير العرقي الإسرائيلية على حساب القيم والمبادئ الأميركية، وخاصة مبدأ حق تقرير المصير، ووفق قرارات الشرعية الدولية.
لكن كل يوم تؤكد الإدارات الأميركية المتعاقبة، انها اكثر تطرفا وعدائية من دولة الإرهاب الإسرائيلي المنظم تجاه الشعب الفلسطيني، رغم انها تعلن (باستثناء إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب) بشكل دوري تأييدها ودعمها لخيار حل الدولتين. بيد انها في الواقع العملي تمارس العكس. وتقف بالمرصاد لكل من يحاول تشخيص الواقع الاستعماري الإسرائيلي على حقيقته، دون رتوش ومساحيق كاذبة، والركض في متاهة المقولة الفارغة القائلة، أن "إسرائيل الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط". لانها مصممة على استمراء تلك الكذبة الكبيرة والمعيبة بحق الديمقراطيات الغربية كلها، رغم تناقضها المطلق مع ابسط معايير الديمقراطية.
ولن اضيف لما دونته هنا في زاويتي مئات المرات جديدا، من ان الولايات المتحدة والغرب الرأسمالي، هو أب وام وصاحب المشروع الكولونيالي الصهيوني، وهو الراعي الأساسي له، وهو حامل لواءه، والمدافع الأول عنه، والشريك الأساسي في كل جرائم التطهير العرقي الإسرائيلي بشكل مباشر وغير مباشر خدمة لمصالحه. لانه مازال يعتقد ان بقاء الدولة المارقة والخارجة على القانون الدولي مصلحة استراتيجية له في إقليم الشرق الأوسط والعالم، كذراع وخندق امامي لتنفيذ الاجندة الأميركية واباطرة رأس المال المالي العالمي.
خلفية ما تقدم، تصريح وزارة الخارجية الأميركية، الذي ادلى به نيد برايس، الناطق الرسمي باسمها امس الأربعاء الموافق 2/2 الحالي، الذي أولا رفض تقرير منظمة العفو الدولية "امنستي" الصادر بالأمس الثلاثاء الأول من فبراير الحالي، والذي وصف إسرائيل كدولة فصل عنصري، وطالب باتخاذ إجراءات اممية لمجابهة هذا التغول العنصري وجرائم الحرب، التي ترتكبها دولة الاستعمار الإسرائيلية ضد ابناء الشعب الفلسطيني؛ ثانيا وصف التقرير ب"المهزلة" و"المسخرة"؛ ثالثا الانكى مما تقدم، اتهم المنظمة الأممية بانها "تكيل بمكيالين"، وتناسى برايس ووزارته وادارته، ان حكومته وسياستها العمياء، والمنحازة كليا لإسرائيل، هي من كالت بمكيالين، وترفض ان ترى الوقائع كما هي على الارض، لانها هي المشرف الأساس على تنفيذ تلك السياسيات؛ رابعا يقول الناطق الأميركي، ان الوزارة لم تستخدم مثل هذه المصطلحات مطلقا، ويقصد ضد إسرائيل فقط، وهل يفترض ان تبقى الإدارة الأميركية أسيرة سياساتها العبثية، وتتغاضى عن جرائم الحرب الإسرائيلية؟ وتناسى ان ادارته تستخدم هذه المصطلحات ضد الدول الأخرى: ضد الصين وكوبا والدول العربية والدول الافريقية المختلفة؛ خامسا باصرار عنيد، وفي لي لعنق الحقيقة يستخدم برايس مفهوم ومصطلح "الدولة والشعب اليهودي"، وهذا مناف لابسط المعايير العلمية، لانه لا يوجد شعب يرتكز على الأساس الديني، كما انه يتنافى مع ابسط الأسس المشكلة للشعوب. واليهود الصهاينة الموجودون في إسرائيل، هم من الاثنية الخزرية، ووعليه اما ان تستخدم الإدارة الشعب الإسرائيلي دون اقرانهم بالدين، كما باكستان وتركيا وايران وغيرها؛ سادسا يقول الأميركي الملقن والمحقون بالاكاذيب والاضاليل "انه من المهم الاّ يحرم "الشعب اليهودي" من حقه بتقرير المصير، خاصة ان إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم، ويجب علينا ضمان عدم تطبيق معايير مزدوجة"؟! أولا لماذا لا تتفضل الولايات المتحدة لتأخذ اليهود الخزر عندها، وتقيم لها دولة؟ ومن الذي اوجدها الدولة الوحيدة في فلسطين؟ وأين حقوق ومصالح وحرية الشعب العربي الفلسطيني؟ وعن أي معايير مزدوجة يتحدث برايس الساذج وادارته الغبية؟ ومن الذي يكيل بمكيالين المنظمة الأممية ام الإدارة الأميركية؟ من الذي حرم دولة الابرتهايد الإسرائيلية الشعب الفلسطيني الواقع تحت نير الاستعمار طيلة 74 عاما ام انتم؟ ومن الذي يطلق يد إسرائيل المارقة للايغال في الدم الفلسطيني؟ ومن الذي يحول دون بلوغ السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967؟ ومن الذي منع وحرم الفلسطيني من حق العودة؟ ومن الذي سفك الدم الفلسطيني في مئات والاف المجازر والحروب والاجتياحات؟ ومن الذي يصادر ويهود ويغتصب الأرض الفلسطينية؟ ومن الذي يطلق العنان لعصابات وقطاع الطرق للمستعمرين الصهاينة لارتكاب جرائم التطهير العرقي ضد الفلسطينيين؟    
وعندما سأل احد المراسلين برايس، هل تعتقد ان المنظمة الدولية "امنستي" منحازة لصالح الفلسطينيين، ومعادية للسامية. تهرب من الإجابة على السؤال. لانه لا يملك جوابا، كون اسياده لم يتوقعوا هكذا سؤال، وبالتالي لم يلقنوه، لذا لم يتمكن من الإجابة. كما لم يرد على سؤال مراسل اسوشيتدت برس، مات لي، المتعلق باتهام الولايات المتحدة المنظمات غير الحكومية بمعايير مزدوجة بشأن انتهاكات حقوق الانسان، عندما شخصت حقيقة دولة إسرائيل، كدولة فصل عنصري. وخلص المراسل لي باستنتاج مفاده "لماذا كل انتقاد لإسرائيل – من هذه الجماعات يكاد يكون دائما مرفوضا من قبل الولاليات المتحدة، ومع ذلك يتم قبوله ، والترحيب به ، والمصادقة عليه .. عندما يكون النقد موجها إلى دول أخرى، ولا سيما الدول المختلفة والمتناقضة مع سياسات الولايات المتحدة." ؟!
النتيجة والخلاصة العلمية القديمة الجديدة للموقف الرسمي لادارة بايدن من تقرير منظمة العفو الدولية "امنستي"، انه يعكس هوية ومكانة وموقع هذه الإدارة البائسة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ولا يمكن لكل الملطفات والمسكنات التافهة ان تخفف من بشاعة وانحياز هذه الإدارة لإسرائيل وجرائم حربها، ولسياسة الفصل العنصري، التي تنتهجها في كي وعي الشعب الفلسطيني لقهره وفرض خيار الابرتهايد والتطهير العرقي ضده. ولرب ضارة نافعة، فان الموقف الأميركي الجديد من تقرير "امنستي" قدم خدمة مجانية للقيادة الفلسطينية عشية انعقاد دورة المجلس المركزي ال31 لتحديد كيفية التعامل مع الإدارة المدافعة عن سياسة التطهير العرقي الإسرائيلية، والرد عليها بشكل واضح وجريء.
[email protected]
[email protected]