الحقائق والبلطجة والتاريخ

بي دي ان |

21 نوفمبر 2020 الساعة 02:10م

اثناء زيارة وزير خارجية إدارة ترامب، مايك بومبيو لمستعمرة بساغوت والجولان اول امس الخميس الموافق 19/11/2020 أدلى بتصريحين الأول يتعلق بالمنطقة C من اراضي دولة فلسطين المحتلة، وإعتبر ان البضائع المنتجة فيها "إسرائيلية"، و "شرعن المستعمرات" المقامة على اراضيها، ليس لإنه زار المستعمرة المذكورة فقط، وهي سابقة في تاريخ الديبلوماسية الأميركية والأممية، وانما كونها جزءً من صفقة القرن الميتة، والتي إقترب تشييعها مع رحيل تاجر العقارات من البيت الأبيض؛ والثاني أكد فيه على ان الجولان جزء من اسرائيل، وهي مصلحة إستراتيجية لإسرائيل، وامنها الحيوي.
وكلا التصريحين يدخلان في منطق البلطجة، والإستقواء بالقوة، وجزء من فصل الحرب المباشرة والأخير، التي تقودها إدارة الرئيس ترامب على الشعبين العربيين الفلسطيني والسوري، وتزيد من تغولها عشية إسدال الستار على سنواتها الأربع الماضية العجاف لإكثر من اعتبار، منها اولا البعد العقائدي السياسي لساكن البيت ألأبيض، حيث يعتقد ويؤمن مع اقرانه بنس وبومبيو وكوشنير وبيركوفيتش وفريدمان، ان الضرورة تملي ترسيخ التحالف الصهيو أنجليكاني وصولا لحرب هار مجدو، وظهور المشيح، ثم فناء الدولة "اليهودية"، وهي بالمناسبة، ليست دولة يهودية، انما هي دولة مغتصبة للديانة اليهودية، وتوظفها لخدمة المشروع الكولونيالي على حساب الشعب العربي الفلسطيني؛ ثانيا النفعية البراغماتية للرئيس الجمهوري، ووزير خارجيته، لا سيما وان كلاهما يمهد الطريق لعودته لسدة الرئاسة في واشنطن، وبالتالي كل منهما يلقي المواقف السياسية دون حساب، وبنوع من الصبيانية السياسية، ويوزع هدايا مجانية على قادة الدولة الصهيونية لإغراض شخصية خاصة، وتمهيدا لإنتخابات 2024؛ ثالثا إستعمال العصا الغليظة لفرض الوقائع على الأرض الفلسطينية وفي الجولان السورية. لا سيما وان العالم بقضه وقضيضه مازال بعيدا عن تحمل مسؤولياته تجاه حقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني السياسية؛ رابعا الإنهيارات في جدار البناء السياسي للنظام الرسمي العربي، والإندفاع نحو التطبيع الإستسلامي المذل.
مع ذلك، ودون مغالاة، ولا سقوط في الوهم، والفرضيات السطحية، اود التأكيد على عدد من العوامل الطاردة والنافية والمتناقضة مع تصريحات الوزير الأميركي البشع، أولا الحقائق اقوى واعمق من لغة البلطجة والقوة، والحقائق تؤكد ان السلام الممكن والمقبول يرتكز على خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. والمناطق Aو B وC الواردة في إتفاقات اوسلو 1993، هي اراضي الدولة الفلسطينية، ولا يمكن تصنيفها غير ذلك تحت اي ظرف من الظروف، وما ينتج فيها، هو صناعة فلسطينية عربية، واما المستعمرات المقامة عليها، فهي غير شرعية، وغير معترف بها، ويفترض إزالتها قريبا شاء ترامب ام ابى نتنياهو. ونفس الشيء ينطبق على الجولان كانت وستبقى سورية، ولن يقوم السلام إلآ بعودتها للوطن السوري الأم؛ ثانيا التاريخ يحمل بعدين لتأكيد المؤكد، الأول فلسطين من النهر للبحر، هي ارض فلسطينية، وهي الأصل، والثاني كل عمليات التزوير تنهار امام قوة التاريخ، ولا تقوى قوى الشر على تغيير ثوابته وميراثه الحضاري، حتى وان قام المستعمر الصهيوني بفرض حقائق جديدة، ووقفت لجانبه كل القوى المعادية، لإن التاريخ لا يسير في خط بياني واحد، انما يشهد صعودا وهبوطا في حركته وحركة قوى ومراكز الشعوب، والدول المفتعلة والمزورة، غير الأصيلة والتي لا تملك ميراثا وتاريخا سيمحوها التاريخ رغما عن كل عوامل القوة والبلطجة.
إذاً كان الأجدر على بومبيو في زيارته الأخيرة ان يكون اكثر إقترابا وإنسجاما مع الوقائع التاريخية والمصالح السياسية للقوى المتصارعة في المنطقة، ويعمل على تعزيز خيار السلام الممكن والمقبول، إن كان يريد مصلحة إسرائيل الإستعمارية والمصالح العليا الأميركية، لا ان يواصل حالة الإغتراب واللامنطق في تعامله العملية محددات الصراع العربي الصهيوني.
[email protected]
[email protected]