صراع الآراء في المجلس

بي دي ان |

08 يناير 2022 الساعة 12:13ص

إذا قدر للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الانعقاد خلال الفترة المنظورة. لا سيما وان موعد انعقاده ليس ثابتا حتى اللحظة، فان الدورة الثلاثين قد تكون محطة هامة في اغناء الحوار الوطني، والارتقاء بالموقف السياسي الجمعي، ويعيد ترتيب أوراق الساحة الفلسطينية تجاه الملفات الأساسية المتعلقة بالشؤون المحلية والإسرائيلية والدولية. خاصة وان خطاب الرئيس أبو مازن في الدورة ال76 للجمعية العامة للأمم المتحدة صاغ ملامح خارطة طريق للخروج من النفق، وحدد مدة عام للعالم وهيئاته الأممية واقطابه الدولية للإجابة على سؤال السلام، ووقف جرائم وانتهاكات دولة المشروع الصهيوني وفي مقدمتها وقف الاستيطان الاستعماري بكل مسمياته واشكاله. وهو ما شكل أرضية خصبة ومناسبة لفتح باب حوار جاد ومسؤول في أوساط ممثلي القوى السياسية واعضائه المستقلين.
بيد اني اعتقد، ان الدورة ستشهد نقاشا ساخنا بين ثلاثة رؤى، الأولى يمثلها أصحاب وجهة النظر الداعية لتنفيذ وتطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي منذ عام 2015، وعدم توقع تغييرات من أي مستوى في الموقف الإسرائيلي الرسمي، لا في حكومة بينت / لبيد، ولا في أي حكومة إسرائيلية جديدة. لان السمة العامة للشارع السياسي والثقافي والديني الإسرائيلي تنحو نحو اليمين والمزيد من التطرف والعنصرية والفاشية. كما ان الاستيطان الاستعماري خلال العقود الثلاثة الماضية تقريبا التهم الأرض الفلسطينية؛ الثانية يمثلها أصحاب وجهة النظر، الذين ينادون بالتريث وعدم اللجوء لاتخاذ مواقف "عدمية" من وجهة نظرهم، لانها حسب تقديرهم قد تخلط الأوراق في المشهد الفلسطيني، ويتم القاء عشرات الاف من الموظفين إلى قارعة الطريق البطالة، ويقود لحل السلطة الوطنية، ويعيد المشهد الفلسطيني الإسرائيلي لمربع الصراع صفر؛ الثالثة ويمثلها أصحاب وجهة النظر الأكثر تشددا، والتي تنادي بالعودة لتصعيد كل اشكال الكفاح بما فيها المسلح ، ووقف أنواع وصيغ التواصل المدني والمالي والأمني مع دولة إسرائيل المارقة والخارجة على القانون.
وبالقراءة الموضوعية للمشهد الفلسطيني الإسرائيلي، يمكنني الميل بوضوح ودون تردد لوجهة النظر الأولى، المنادية بالاندفاع الهادىء والمسؤول للترجمة الفعلية لكل قرارات المجلس المركزي بدءا من الدورة 27، التي عقدت في اذار / مارس2015 وحتى الان. والتوجه لتصعيد المقاومة الشعبية وفق خطة عمل وطنية شاملة، ووقف كل اشكال التنسيق الأمني مع دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، وتهيئة المناخ الفلسطيني للعصيان المدني في كل الأرض الفلسطينية، لاعادة الاعتبار للقضية الوطنية، ولمشروع الحل السياسي على أساس خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. لان المراوحة الفلسطينية في ذات المكان، والاكتفاء بالنضال السياسي والديبلوماسي لا يكفي، ولا يعط، ولم يعط مردودا إيجابيا على المستويات كافة، وبقيت دولة العدو الصهيوني تتمدد متغولة على الأرض الفلسطينية المحتلة، واستباحت كل المحرمات، واوغلت في الدم الفلسطيني، وعبثت بادق التفاصيل الوطنية، وباتت القيادة تستجدي حقوقنا المتواضعة من اركان دولة المشوع الكولونيالي، وفي الوقت نفسه، غرق اهل النظام الرسمي العربي في مستنقع التطبيع المجاني، وبقي العالم واقفا دون ان يحرك ساكنا بالمعنى الجدي لتحريك عملية السلام، والولايات المتحدة وادارتها تقف صامته عموما باستثناء تصريح هنا او هناك لذر الرماد في العيون الفلسطينية، وتدافع بقوة عن حكومة التغيير الصهيونية المتطرفة، وتخشى عليها من السقوط، ولا تخشى على نهر الدم الفلسطيني الذي يسيل يوميا في الطرق وعلى الحواجز والميادين.
وعليه فإن دولة الإرهاب المنظم الإسرائيلية مرتاحة جدا، وتمارس استعمارها الاجلائي والاحلالي بهدوء، ودون منغصات الا ما ندر، وبارباح عالية، ومن الجيب والمصالح الوطنية الفلسطينية. الامر الذي ينطلب من القيادة الفلسطينية وضع خارطة طريق خطاب الرئيس عباس على طاولة التنفيذ، وهز الأرض تحت اقدام المستعمرين الصهاينة، ومنعهم من مواصلة القتل والتدمير والاستيطان الاستعماري، والزامهم بعصا المقاومة الشعبية السلمية مقترنة بالكفاح السياسي والديبلوماسي والنقابي والثقافي، ودفعهم دفعا نحو خيار السلام على أساس خيار حل الدولتين.
ومن لا يقوى على مواجهة الاستعمار الان، ويخشى على لقمة العيش والوظيفة، ويتجاهل ما يجري من انتهاكات وجرائم حرب، والتي ستصل عما قريب، إلى خيار الترانسفير، واضافة نكبة جديدة، فإنه لا يرى للأسف الاخطار المحدقة بالقضية والشعب والوطن، ولا يرى حجم الثمن الخطير، الذي سيدفعه الشعب الفلسطيني في كل تجمعاته وخاصة في داخل حدود فلسطين التاريخية.
ولقمة العيش سيجدها أبناء الشعب، وسينتزعونها من فهم العدو الصهيوني، وبخلق شروط اقتصاد تكافلي تعاوني بين الريف والمدينة والمخيم، كما انه سيخلق اليات للتعليم والعمل وفق معايير العملية النضالية الجديدة. وهذا كما يعلم القاصي والداني ليس خيار القيادة الفلسطينية، وانما فرضته حكومات إسرائيل المتعاقبة على الشعب الفلسطيني ونخبه وقطاعاته المختلفة، وبالتالي الجميع مطالب بالارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية لحماية المصالح والحقوق الوطنية العليا للشعب الفلسطيني. وللحوار بقية.