صح النوم!!

بي دي ان |

26 ديسمبر 2021 الساعة 02:11م

قال: أنا شايف إننا عايشين في أزهى عصور الوحدة والديمقراطية والتقدم ورفعة الوطن.. إحنا لأول مرة في تاريخنا كله من أيام الرومان بنعثر على ذاتنا وبنلاقي نفسنا!

 "الجنس البشرى، لديه سلاح فعال واحد، ألا وهو الضحك". مارك توين؛ قلت: صح النوم؛ قال: أيقظنا اذا ما أردت شيئا؟! و زي ما قال عمك بيرم التونسي"من هفوة أو كلمه هايفة نتحمق ونقوم/ نسب.. وندب.. ويقوم العراك بالشوم/ وكل محموق وله فرقة تقوم بهجوم/ من قبل ما تعرف الظالم من المظلوم/ ومنين نشوف العدل و اللا السفينة تقوم؟ ما دمنا فوق ضهرها قاعدين عليها خصوم/ تضحك علينا الحدادي في السماء والبوم".

كتاب الفكاهة المحترفين لا يطيقون، في حقيقة الامر الانتظار الى ان تحدث الاشياء المضحكة، اذ يتعين عليهم أن يـــصنعونه بأنفسهم ، كل يوم ، ومن هنا فهم- يبدعون- ما لا يجدونه، وهم يفعلون ذلك بطريقة من اثنين- اما عن طريق اعادة صياغة المادة القديمة، أو عن طريق خلق اضحاك جديد.  فيتبعون قاعدة واحدة أساسية هي " اياك والإحباط" ومن الأفضل ان تتخذ موقفا عدميا من جميع الأشياء بدلا من التحفظ في التعبير عن رأيك، واذا ما بدأت الكتابة، فاكتب بحرية. قدم الفرضيات، المكبوتة. وعليك ان تضع ذهنك في مشادة كلامية".

قلت: الحمد لله .. عم "عشم" يعرف كيف يجعل سطوره، سطور أضحاك وليست بسطور تحد، بل نوع من الكوميديا السوداء. كتب "برناردشو"، ذات مرة يقول : " اذا أردت قول الحقيقة لأحد، فاجعله يضحك والا قتلك". قال: وأنت تقاتل ذلك الذي يعيدنا  جميعا في معظم الاحيان. قبل نقط صفر- مخطط الانقسام الصهيوني- والتهديد الصهيوني، بشن عدوان جديد على قطاع غزة؛ رائحة نفس الكلب مخيفة، ومن هنا كان نباحه أسوأ من عضه؛ قلت: افضل رد على التهديد.

قال: لكل كاتب تعريف خاص يطلقه على الاضحاك . يقول شكسبير : " ان الإيجاز هو روح الفكاهة." اما سومرست فيقول: " ان انعدام التناسب هو روح الفكاهة ." أما انا فمن رأيي أن العداء هو روح الفكاهة . والسبب في ذلك اننا اذا ما فكرنا بطريقة واحدة فان الفكاهة تقل على نحو كبير؛ والإضحاك افه قوية الهدف منها استئصال الكثير من مشاعر العداء في حياتنا اليومية، وأكثر هذه المشاعر شيوعا هي: الأوضاع الكارثية التي يعيشها الفلسطينيين في الضفة وغزة، وتعميق الانقسام وغياب استراتيجية فلسطينية لإعادة الاعتبار للمشروع الوطني، ودولة الكيان مستمرة باستراتيجيتها العدوانية الاستيطانية وجرائم القتل والإبادة، واشغال الفلسطينيين بهمومهم الداخلية، والاستفراد بكل طرف على حدة.

في ظل الحصار النازي ، والاحباط، بجانب، موالسة الانقسام، وتعدي الانقسام على قضية شعبنا.. وحياتنا، والاهتمامات المالية، والمشكلات العائلية والبطالة، والقلق ،ومشاعر انعدام الحيلة؛ ونحن في مثل هذه الحال  نستجيب لشكل بدائي، لنوع من الدجل السياسي- يسبب لنا نوع من الاكتئاب- والاضحاك- هنا- يوظف الخطايا الصارخة التى لا يراعي فيها مرتكبوها ضمائرهم - والضمير لا يمنع الخطيئة -  وانما يمنعنا فقط من التمتع بها!!

قال: لن ينتهي "فيلم الانقسام" لأنه أظهر لنا أن أنصار حكومات الضحك على عقول الناس أكثر مما نتوقع، او نكتب من فكاهة. وظهر أيضا أن مفهوم السيطرة على البلاد والعباد، سيكون بديلاً لمشروع الوحدة، والإصلاح- ابو الإصلاح محتاج إصلاح- وتقديم الخدمات وحل مشاكل الناس؛ و حديث موالسة الانقسام، يكشف لنا أن كارثة الناس ومأساتهم أكبر مما نتصور ، واكثر مما يتحمله المواطن المغلوب على امره من قبل - شبه مسؤول-  بيضحك علينا، واحنا عارفين إنه بيضحك علينا، وهو عارف إن احنا عارفين إنه بيضحك علينا.... لكن على مين؟ انا عارف انه بضحك علي نفسة - وكل واحد فيهم ..عايش دوامة السلطة المزيفة، علي الطريقة العربية الساخرة. قلت: ينبغي أن تقدر رأي الأغبياء كونهم هم الأغلبية. قال: زي ما قال عمك "ابو العبد تولستوي".. هم مش أغلبية... هم الأعلى صوتًا والأكثر ظهورًا.

تقصد مين يا عم "عشم"؟ قال: الإنسان كل ما بيقعد في السُلْطَة كتير، بيلاقي ناس حواليه بيأكدوا له  إنه بيحب العزف على البيانو، وإن ذكاءه خارق، وإنه صياد أسود ونمور وأفيال، وبيأكدوا له كمان إنه بيحب الثقافة وبيقرا كتب، وبيفكروه بان هو اللي قاد جيوش البلاد لكل الانتصارات اللي حصلت من قبل الميلاد، وإن هو تحديدا اللي حط كل الأفكار العبقرية للدستور والمعادلات الفيزيائية والرياضية الجبارة، وأسس البرنامجين النووي والفضائي، وأصول الري، ودس الرز وطحن البن و الحمص ، وعمل الطبخات الوطنية وبالذات الحمصيص والسماقية مع العدس والقريص.. وبعدين فجأة، يلاقي ولاد الناس دول وأحفادهم يدعوا من أجل الحفاظ على حياته واستمراره في السلطة، وبيغنوا أناشيد وطنية لتخليد إنجازاته الجبارة، اهو نوع من الكلمات تشبه الطلقات الرخيصة.

قلت: فكرتني بعمك، نزار قبانيْ. لما قال فى زمن أفضل من ده زمن: أيّها الناسُ: أنا الأوّلُ، والأعدَلُ، والأجملُ، من بينِ جميعِ الحاكمينْ/ وأنا بدرُ الدُجى، وبياضُ الياسمينْ/ وأنا مخترعُ المشنقةِ الأولى/ كلّما فكّرتُ أن أعتزلَ السُّلطةَ، ينهاني ضميري ..مَن تُرى يحكمُ بعدي هؤلاءِ الطيّبينْ؟ مَن سيشفي بعديَ ..الأعرجَ ..والأبرصَ ..والأعمى ..ومَن يحيي عظامَ الميّتينْ؟ مَن تُرى يخرِجُ من معطفهِ ضوءَ القمرْ؟ مَن يا تُرى يرسلُ للناسِ المطرْ؟ مَن يا تُرى؟
يجلدهم تسعينَ جلدهْ ..من يا تُرى؟ يصلبُهم فوقَ الشجرْ.. مَن تُرى يرغمُهم أن يعيشوا كالبقرْ؟ ويموتوا كالبقرْ؟ كلّما فكّرتُ أن أتركَهم/ فاضتْ دموعي كغمامهْ .وتوكّلتُ على اللهِ ..وقرّرتُ بأن أركبَ الشعبَ ..من الآنَ .. إلى يومِ القيامة.

قال: بلغ السيل الزبى وتجاوزت الأمور كل حدود العقل والمنطق، وليس لها من دون الله كاشفة. هات قهوة سادة؛  قلت: قد يضيق صدرك بكل الفظائع التي ارتكبتها بحق شعبك ، وقد تُحزنك النتيجةُ المريعةُ التي آلت إليها الأمور، وربما لا تنامُ الليل من دعاء أولئك الذين ظلمتهم ، وتتمنّى لو تتوقف يوماً عن ارتداء أقنعتك المُخزية ، ولكن صدّقني ؛ لا يزال في العمر متسع ، لم يفُت الأوان بعد ..بإمكانك دائماً أن تقتل نفسك. هات قهوة سادة لعم "عشم".