رحاب كنعان.. نموذج للمرأة الفلسطينية الثائرة

بي دي ان |

19 ديسمبر 2021 الساعة 10:35م

داخل شقتها في حي تل الهواء في غزة ، تجلس رحاب كنعان،"66 عام"، بين الصور التي تملأ الجدار لأبنائها وعائلتها الذين فقدتهم بالكامل، حيث مشاهد رسمت في ذاكرتها نسجت منها كلماتها الممزوجة بالدم ورائحة أبنائها وعائلتها الشهداء الذين فقدتهم بلحظات في مخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين، ولمن هجرتهم عصابات الاحتلال الإسرائيلي، وألقيَ بهم في خيام المنافي والشتات.

لـ"بي دي ان"، تروي كنعان : " عشت أياماً مريرة و أوقاتاً صعبة في مخيم تل الزعتر ، وقد كنت أمضيت طفولتي هناك ". 

هُجّرت عائلة كنعان من بلدة قديثا، في قضاء صفد المحتلة، وتوجهت إلى مخيم البرج الشمالي في مدينة صور جنوبي لبنان، لكنها انتقلت بعد ذلك إلى مخيم تل الزعتر شرق العاصمة بيروت.

وتقول: "في تل الزعتر، كانت العائلات تعاني الفقر الحاد ، وكنا نعيش في حالة مأساوية جدا .

وتزوجت كنعان عام 1969 من قريبها، وأنجبت ماهر وميمنة، وفقدت في مجزرة تل الزعتر عام 1976 والديها وخمسة أشقاء و3 شقيقات، بالإضافة إلى أعمامها وأخوالها جميعهم.

ولكن هذا الواقع أثر بشكل سيئ حالتها النفسية ، وأدى إلى انفصالها عن زوجها ، و بعدها بسنوات في مجزرة صبرا وشاتيلا وجدت فيها اسم ابنها من ضمن قائمة الشهداء اما ابنتها فاعتبرت في عداد المفقودين.

وتضيف كنعان، "كان خبر استشهادهم صعب جدا ، و شعرت حينها وكأني طير قصت جناحيه ، كأنه أبي لم يولد ويولدوا أخوتي , كأنه لم نولد كأن الأرض إنشقت وأخرجتنا وكأنه السماء أنزلتنا فكان الموقف جدا صعب ، ودائما حملي على ربي الذي خلقني". 

وتتابع :" وحينها قلت يارب أنت الذي خلقتني وأنت من أخذت وعليك أن تصبرني ، وفعلا أكرمني الله بالصبر، ورغم ذلك كلما أكتب قصيدة أشعر أن أهلي بالأمس استشهدوا رغم مرور كل هذه السنوات".

وتكمل كنعان حديثها، :"زادت الصدمة والفاجعة باستشهاد القائد " أبو عمار " ، لأنه هو من تبنانا نحن بنات مخيم تل الزعتر جميعنا الأيتام فكان الأب الحاضن ، وكان متكفل بنا بكل شيئ ولم يقصر بحقنا ، وبإستشهاده فعلا شعرنا باننا تيتمنا فعلاً وما عاد يولد أب مثل الذي ولدنا والذي كان متبنينا الله يرحمه".

ولم تحتمل كنعان كل هذه الآلام والصدمات فغادرت مع زوجها الثاني إلى تونس، وبعد قيام السلطة الفلسطينية، جاءت إلى قطاع غزة وبعد 22 عاماً على مجزرة 1982، تلقت اتصالاً من قريبة لها في بيروت تخبرها عن عثورها على ابنتها ، عندها سمعت للمرة الأولى منذ ذلك الوقت صوت ابنتها عبر اتصال من خلال قناة لبنانية، لتقوم بعدها قناة إماراتية بمفاجأة الأم وابنتها ولمّ شملهما على الهواء مباشرة.

أما عنها كثائرة فلسطينية، فقد كان لها دور كبير في الثورة والنضال ، وتقديم المساعدات والمعونة للمقاتلين ، كما وشاركت في المسيرات والندوات ، وكافة الطرق الوطنية في خدمة شعبها.

وتعتبر كنعان اليوم شاعرة معروفة، ولديها عدد من المؤلفات، منها "تل الزعتر"، و"مملكة التنك"، والبسمة المجروحة و"جمهورية الثوار"، كما تشارك بقصائدها في العديد من المحافل الوطنية. وهو ما منحها لقب "خنساء فلسطين".

وفي نهاية حديثها، تنصح رحاب كنعان المبتدئين بقراءة كل ما يقع بين أيديهم وتنمية الذاكرة والمواهب واختيار الطريق والمنهج المناسب.

كما تتمنى من جميع المؤسسات والجمعيات أن يكون لها الدور تجاه الكُتّاب والشعراء ، لأنهم بحاجة للإحساس بالعطاء والنضال الذي يقدمونه .