تقرير: ذوي الاحتياجات الخاصّة بغزة.. ما بين إعاقة جسدية وأخرى حكومية!

بي دي ان |

02 ديسمبر 2021 الساعة 12:43ص

بخوفٍ ورهبة، وبمعاناةٍ مستمرة، ومأساةٍ تكبرُ شيئًا فشئيًا، وندوبٍ نفسية تزدادُ يومًا بعدَ الآخر، وذكرياتٍ مخيفة مازالت عالقة في الأذهان، يكابد ذوو الاحتياجات الخاصة في غزة، لمواجهة حياة باتت أشبه بالأموات الذين يسيرون في أجساد لا تلقى أي اهتمام من قبل أي طرف مسؤول، فهم الأكثر تهميشًا وتعرضًا لارتدادات الواقع المر، في ظل افتقار القطاع لمنشآت ومرافق وشوارع بل وطرقات مهيئة تماما لإعاقتهم.

العوق ليس بهم..

ورغم أن تفاصيل معاناتهم تختلف من شخص لآخر، فمنهم من وُلِد بإعاقة منذ صغره، ومنهم من ضاعف الاحتلال معاناته، فبَترت الحرب الإسرائيلية أجزاء من جسده، فأرداته عاجزا عن الحركة كليًا أو جزئيًا، إلا أن كل ذلك يجتمع عند حقيقة واحدة وهي أنهم ليسوا معاقين بقدر إعاقة الحكومة والمجتمع لحركتهم، فالعوق ليس بهم بل العوق بمن تقاعس عن توفير حقوقهم، وتوفير ما يلائم معاناتهم.

معوقات تزيد معاناتهم..

محمد أبو كميل، من ذوي الاحتياجات الخاصة، يسرد تفاصيل معاناته، لـ"بي دي ان"، قائلاً:" إن أحلامنا بسيطة تتمثل بوجود شارع مسفلت يسهل عملية الحركة دون وجود أي عوائق، لكن الحكومة لم تلبي احتياجاتنا".  

وفي ظروف مماثلة لما يمر بها أبو كميل ، هناك من يشاركه من ذوي الإعاقة أيضا معاناة إعاقة سيره بكرسيه المتحرك، لاسيما أن الجميع منهم ينظر إلى القيود التي تحاصر تواجده داخل مجتمعه، مدركٌ أنه بحاجة لبيئة مناسبة كريمة، بيئة لا تجعله بحاجة لمساعدة ما، أو شخص مرافق له طوال الوقت.

ولا يبالغ أبو كميل حينما يصف حال المعاقين جسدياً في غزة بـ"المأساوي"، فهو يؤكد بحديثه، أنه على الرغم من وجود العديد من المؤسسات المتخصصة التي تمتلك القدرة على تلبية أبسط احتياجاتهم بإنشاء شوارع مناسبة للحركة ودون وجود أي مشاكل وعدم اعتمادهم على الاخرين، لتسهيل حركة المرور لديهم، هؤلاء المؤسسات دائما ما تتوقف متعذرة أمامهم بشتى الأعذار؛ فلا يقع العبء على عاتقها وحدها، بل على المسؤول القائم على إصلاح البنية التحتية المدمرة. 

ظروف مماثلة..

وفي حديث مع محمد شخصه، الذي يعيش الظروف ذاتها،  أشار إلى وجود شارع ترابي قريب من منزله غير مسفلت قد يواجه صعوبة أثناء الذهاب إلى المسجد في طريقه، حيث لا يستطيع التوجه دون مساعدة أحد بسبب وجود عقبات.

 ويتابع شخصه، حديثه:" عندما أطلب المساعدة من أي شخص يتطلب منهم مشقة وجهدا وعناء، ويجعلني ذلك أشعر بالحزن، عندما ينظر إلي بشفقة أو بتمنن فطريقة التعامل غير مقبولة، وأشعر بإحراج في كل مرة أطلب بها المساعدة". 

وتعرب منى ميسر، عن حزنها لعدم قدرتها على تلبية احتياجاتها معتبرة أن حياتها باتت "مأساة"، مضيفةً:" أنها لا تستطيع الخروج من المنزل في بعض الأحيان خاصة بالشتاء نظرا لأن الشوارع محفرة، وهذه المشكلة تقف أمامها في كيفية الحركة وسهولتها من مكان لآخر".

بين تحدي الإعاقة والخضوع للواقع..

وتنتظر منى وغيرها من ذوي الاحتياجات الخاصة، تلبية لحقوقهم التي قد تعيد لبعضهم القدرة على سهولة التنقل والحركة دون معاناة تزيد من إعاقتهم، من أجل استعادة نسق حياتهم الطبيعي، وإعالة أسرهم، وسط غياب كبير للمنظمات التي تعنى بشؤونهم.

وما تنادي به ميسر هو حق من حقوقها الشرعية، علّها توصل رسالة للجهات المسؤولة بأن يهتموا بالشوارع الفرعية بدلاً من الرئيسية لأنها قد تؤثر على حياتها وحياة من يعايش ظروفا مماثلة لظروفها، وقد يزيد عليهم الصعوبات والعجز مما يشكل خطر لديهم.

مطالبات بالترميم والإصلاح..

بدورها، مؤسسة اتحاد لجان الإغاثة الطبية التابعة لذو الاحتياجات الخاصة، توجه رسالة للجهات المسؤولة:" أنه في ظل عدم وجود المرافق، نطالب الجهات المسؤولة بأن تقوم بإصدار تراخيص لإنشاء طرق مسفلتة لجعل ذو الاحتياجات الخاصة يمارسون حياتهم بشكل طبيعي بلا قيود أو مشاكل وهو ما سيجعله يخرج ويدخل بسهولة للاماكن العامة.

بحاجة لمزيد من الدعم..

وفي السياق ذاته، تقول بلدية غزة- مركز الأطراف الصناعية،:"إنها بحاجة إلى المزيد من الميزانية، وهو الأمر الذى يتوقف عائق في ترميم الشوارع"، ويشير إلى أنه بالرغم من الجهود التي بذلت قدر الامكان من اصلاح جزء من بعض الشوارع، لكن البلدية بحاجة إلى مزيد من الدعم لإعادة الترميم بشكل كامل.

عوائق على مختلف المستويات..

ولا تقتصر الصعوبات والمشاكل التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة في حياتهم فقط على الشوارع الغير مسفلتة، بل هناك الكثير من العقبات الأخرى التي تكمن في عجز الأهل عن توفير الكراسي المتحركة لتسهيل تنقلهم، فالركود، والفقر، والعجز المالي، هو مايجعل الأسرة غير قادرة على توفير احتياجاتهم أيضًا.

هنا بغزة.. الكل معرضٌ للإعاقة..

الجميع هنا في غزة، معرضٌ لأن يُصاب إصابة بدنية، جراء قذيقة حرب إسرائيلية، فتتحول إصابته لإعاقة تمنعه من الحركة، بعد أن كان يملأ الحياة جريًا ومرحًا، فهذا بحد ذاته مدعاة للإحباط والانعزال؛ لكن قمة الإصرار والنجاة تكمن في المطالبة بحقوقٍ تلائم من يعاني من إعاقة ما، وتوفير ما يناسبه لإناره له الطريق أو للفت انتباه مجتمعه لمراعاة ظروفه.