الأخرس ينتصر

بي دي ان |

08 نوفمبر 2020 الساعة 03:33م

معركة صراع الإرادات بين الضحية والجلاد في فلسطين لم تتوقف يوما منذ بدأ المشروع الكولونيالي الصهيوني يحط رحاله في فلسطين التاريخية منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى يوم الدنيا هذا، وحتى يزول الإستعمار عن الأرض الفلسطينية، ويتم إزالة آثار وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو ومؤتمر سان ريمو وكل المخططات الإستعمارية الغربية الرأسمالية.
من بين هذة المعارك البطولية الشجاعة، معركة اسير الحرية الشجاع ماهر الأخرس، الذي واجه بلطجة وغطرسة وعنصرية الجلاد الصهيوني ممثلا بسلطات السجون الإسرائيلية بارادة فولاذية عكست ارادة كل الشعب العربي الفلسطيني، وحتى كل ابناء الامة العربية الأحرار، ورفض الإستسلام للحكم الإداري العسكري عليه دون سبب يذكر، وتوجيه اتهامات باطلة دون اسانيد قانونية ضده. لذا قرر اللجوء لخوض معركة الأمعاء الخاوية في مواجهة آلة البطش والجريمة الصهيونية المنظمة، وواصل المعركة ل103 ايام حتى رضخت المحكمة الإسرائيلية لإرادة البطل ماهر الأخرس، ووافقت بعد رفضها اكثر من مرة الإستجابة لمحامي الدفاع عن جنرال الحرية، وافقت إذعانا ورضوخا، وليس مِنّةْ ولا كرم اخلاق، او إقرارا بالقوانين والتشريعات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان.
نعم تم الإتفاق ان ينهي اسير الحرية ماهر إضرابه البطولي مقابل الإفراج عنه يوم 26 تشرين ثاني / نوفمبر الحالي (2020) وعلى ان لا يعود للسجن خلال الفترة المتبقية، بل يتم علاجه في احد المستشفيات حتى يوم الإفراج. وبذلك تكون معركة الإرادة بين الضحية والجلاد حسمت لصالح الضحية، لصالح الإرادة العظيمة، لصالح الحق الشخصي والوطني والإنساني، لصالح فرض العدالة النسبية على مغتصبي الأرض والحقوق السياسية والقانونية والثقافية والإجتماعية والبيئية.
نموذج الأسير الفارس ماهر الأخرس، هو نموذج الفلسطيني العربي القادر على حمل راية الحرية، المؤهل بتمريغ انف المستعمرين الصهاينة في التراب، وهو بمعركته البطولية مع اخوانه واقرانه المضربين عن الطعام من كل الفصائل للدفاع عن حقوقهم الشخصية والوطنية، يكونوا عززوا معركة الحرية التي تخوضها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، مما اسهم في خلق وتكريس حالة التكامل والتعاضد ما بين المعركة الفردية والجمعية الوطنية لفرض إرادة الشعب على الجلاد الصهيوني. وهي نموذج لكل المعارك الفلسطينية الشجاعة، التي تصب في بوتقة النضال التحرري العام.
وما حدث مع الأسير الأخرس المنتصر، يشكل حافزا لتعميق الكفاح الفردي والجمعي الفلسطيني، والذي يفترض ان يتوج بتعميق النضال الشعبي الواسع والمنظم وفق رؤية وطنية متكاملة، وعلى ارضية برنامج الإجماع الوطني، التي حددتها قرارات المجلسين الوطني والمركزي في الدورة ال23، وما اعقبها من خطوات تبنتها اللجنة التنفيذية واجتماع الرئيس عباس مع الأمناء العامين في الثالث من ايلول / سبتمبر الماضي (2020). والتي تحتاج إلى تعميق وتطوير لدفع عربة المصالحة الوطنية قدما للامام، رغم العثرات والإرباكات من بعض القوى المتضررة من المصالحة والوحدة.
إنتصار ماهر الأخرس، هو انتصار لنا جميعا، لكل الشعب العربي الفلسطيني، لكل مناضل قومي عربي ضد النهب والتبعية والإستغلال والتطبيع الإستسلامي مع المستعمرين الصهاينة، وإنتصار لكل مناضل من مناضلي الحرية والسلام والعدالة الإنسانية، انتصار للشرائع والقوانين الدولية. ورغم انها معركة فردية، بيد انها جزء اصيل من معركة الكل الوطني الفلسطيني.
وبهذة المناسبة تملي الضرورة على إعادة لفت الإنتباه لأبطال الحرية في سجون الإستعمار الإسرائيلي لتطوير معاركهم المطلبية والسياسية والقانونية بشكل مشترك وفي كل السجون، وإذا كان ولا بد من معركة في هذا السجن او ذاك، فلتكن بشكل جمعي وموحد، ولتتوقف المعارك الفردية او الفصائلية، لإنها على اهميتها، تكون اعظم واكثر مردودية ونجاحا في تحقيق الأهداف المختلفة.
مبروووووووووك كبيرة للمناضل ماهر الأخرس وعائلته الكريمة وللحركة الأسيرة البطلة وللشعب العربي الفلسطيني عموما.
[email protected]
[email protected]