لا تسقطوا الشباب في الوحل أكثر من ذلك !

بي دي ان |

01 نوفمبر 2021 الساعة 12:43م

لا يخفى على أحد من المتابعين للشأن الفلسطيني على كافة الأصعدة إلى أي حد وصل تراكم الأزمات المتلاحقة التي زادت صورة الواقع الفلسطيني قتامة فوق قتامتها بفعل الاحتلال والإنقسام والصمت الدولي والضعف الفلسطيني داخلياً وخارجياً، وغياب الدور الفاعل لأي طرف ثالث بعيداً عن أطراف الإنقسام، وليس طرفي الإنقسام كما يصفهم البعض لأن أطراف الإنقسام السياسي الفلسطيني ليسوا حركتي فتح وحماس بل امتد الإنقسام لكافة شرائح المجتمع السياسي والأهلى، بالإضافة للإنقسامات الإقليمية والاجندة الخارجية، كون الشأن الفلسطيني ساحة صراع إقليمي ودولي يلعب به أطراف عدة عن طريق أدواتهم الفلسطينية على اختلاف توجهاتهم. 

وبما أن المجتمع الفلسطيني يسود عليه صفة الشباب، فإن الشباب الفلسطيني هم الفئة الأكثر تضرراً بفعل الأزمات مضارعة الفعل التي لا تتوقف، بل تزداد وطأتها يوماً بعد يوم خلافاً لما قد يحاول البعض تجميله بأدوات تجميل رديئة ينسف صحتها الواقع الواضح للعيان. 

وجد الشباب الفلسطيني أنفسهم في عاصفة من الأزمات التي خلّفها الاحتلال وأعاد إنتاجها الإنقسام الفلسطيني بشكل أكثر قساوة فبين إنعدام فرص التوظيف والزيادة الفلكية في معدلات البطالة والفقر والهجرة بما تحمله المخاطر لازمات لها علاقة بحرية الرأي والتعبير والإعتقال على خلفية الرأي وتقييد الحريات، ناهيك على إستشراء الفساد والواسطة والمحسوبية والتوظيف على خلفيات حزبية وعائلية. 

بالإضافة لحرمان الشباب من أبسط حقوقهم في الذهاب لصناديق الاقتراع كمرشحين أو مقترعين لإختيار من يمثلهم بشكل حقيقي، بعيدا عن الشعارات الرنانة والخطب العقيمة والإسطوانات المشروخة حول حقوق الشباب ومشاركتهم السياسية، حيث أن كل الدراسات والأبحاث الإحصائيات تقول أن نسبة مشاركة الشباب في الهيئات والمراكز القيادية ومنظمات المجتمع المدني تقارب القيمة الصفرية ولا تتجاوز مشاركتهم الأدوات في الصفوف الدنيا لهذه الأحزاب والمؤسسات. 

الشباب الفلسطيني وعلى الدوام كان سباقاً في الكثير من الميادين النضالية والاجتماعية المختلفة على مدار سنوات الصراع العربي الإسرائيلي، ولم يتأخروا عن دورهم النضالي والاجتماعي يوماً، وكانوا جذوة المطالبة بالحقوق الوطنية والسياسية والاجتماعية؛ إلا أن عوامل عديدة أضعفتهم وأغرقتهم في الوحل، وقامت بكل ما يمكن أن تقوم به من أجل ضمان عدم نهوضهم لأخذ دورهم المنوط بهم خدمة أهداف المنتفعين والمستفيدين من هذه الظروف وتجار الأزمات والمتربحين منها. 

الواقع والبيئة والظرف الفلسطيني يتطلب تكاتف شبابي ضاغط على الصعيدين الوطني والصراع مع الاحتلال، ويسبقه الضغط داخلياً من أجل إنهاء الإنقسام وضمان العدالة الإنتقالية وجبر الضرر عن كل الفئات التي لحقها الضرر بقعل ممارسات المنقسمين في غزة والضفة، والنأي بشعبنا وقضيتنا على أي محاور وصراعات ومصالح إقليمية. 

وأمام كل ما سبق فإن الذهاب لحراك شبابي وطني إجتماعي يضع الجميع أمام مسؤولياته، ويضمن معالجة تراكمية لكافة الأزمات التي تحتاج فقط لإرادة صادقة من كافة الأطراف ذات العلاقة وتغليب المصلحة الوطنية ومصلحة الطبقات المسحوقة على المصالح الحزبية والولاءات الإقليمية الضيقة التي يعاني منها شعبنا وقضيتنا في ظل الهجمة الإسرائيلية المسعورة على أبناء شعبنا وأسراه ومقدساته، وتهويد الأرض ومحاولاته فرض واقع جديد والتعامل مع القضية الفلسطينية كقضية إنسانية واظهار المواطن الفلسطيني بمظهر المتسول أمام العالم. 

لا تسقطوا الشباب الفلسطيني في الوحل أكثر من ذلك، لأن السقوط في الوحل سيطال الجميع.. ومن لم يستمع للشباب الآن، لن يجد من يستمع إليه غداً

•أدم أديب المدهون
ناشط شبابي