الشاباك السيف والحكم

بي دي ان |

05 أكتوبر 2021 الساعة 03:54م

سأعود مجددا لموضوع ازدياد عمليات القتل في أوساط أبناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، الذي ارتفع هذا العام حتى الان لما يقارب ال85 ضحية، وهو ما يعكس حالة الفوضى والعبث والفلتان، التي تستبيح المجتمع الفلسطيني داخل دولة الاستعمار الإسرائيلية، والتي يقف خلفها بشكل واضح وجلي كل مكونات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وخاصة جهاز الامن العام (الشاباك)، وهذا التشخيص سبق للشرطة الإسرائيلية ذاتها قبل فترة وجيزة ان أعلنت عنه بوضوح.
ومع ذلك وتحت ادعاء اهتمام حكومة الرأسين بينت / لبيد حرصها على "معالجة الازمة" والتصدي لانفلات عقال الجريمة الممنهجة صادق رئيس الحكومة الإسرائيلية يوم الاحد الماضي الموافق 3 أكتوبر الحالي في ختام اجتماع اللجنة الوزارية لما يسمى محاربة العنف والجريمة في المجتمع العربي على خطة العمل التي طرحها نائب وزير الامن الداخلي، يوآف سيغالوفيتس، وتتمحور عناوينها على "تنفيذ عمل منسق بالتعاون بين الشرطة والشاباك ومجلس الأمن القومي والمستشار القضائي للحكومة وسلطة الضرائب وسلطة تبييض الأموال." كما قررت الخطة القيام " بمواجهة مركزة للسلاح غير القانوني في المجتمع العربي، بمشاركة الجيش الإسرائيلي." بالإضافة " لسن مجموعة قوانين بمبادرة وزارة القضاء "توفر أدوات من اجل مواجهة هذه الظاهرة، مثل قانون الحد الأقصى من العقوبة لحيازة السلاح والاتجار به." وفق ما ذكر موقع "واللا" الاليكتروني يوم الاحد الماضي.
ومن الواضح ان الادعاء من أساسه لا يمت للحقيقة بصلة، لان كل المكونات التي أوردتها خطة نائب وزير الامن، هي بالأساس شريكة أساسية في مخطط توسيع وتعميق الجريمة في أوساط المجتمع الفلسطيني في ال48، وقامت عن سابق عمد وإصرار بتوظيف سياساتها العنصرية الاجرامية داخل المجتمع الفلسطيني العربي من خلال نشر السلاح بعشرات الاف القطع، وتغذية وتعزيز نفوذ العصابات الاجرامية في الوسط الفلسطيني، بالإضافة للمستعربين من وحدات الامن، التي تقوم بشكل مدروس أولا لتوسيع وتعميق دوامة الفتنة في أوساط المجتمع العربي؛ ثانيا تقوم باختيار ضحاياها بشكل مخطط له لتأجيج تلك النزاعات؛ ثالثا تحمي المجرمين وفارضي الخوات من الحشاشين والقوادين ومروجي المخدرات، وتعزز مكانتهم في الأوساط الاجتماعية على حساب النظام والقانون وتطلق يدهم لتصول وتجول في كل المدن والبلدات والقرى الفلسطينية؛ رابعا تعمل على إضعاف وتبهيت صورة ومكانة القوى والأحزاب السياسية الفلسطينية الوطنية والديمقراطية وبشكل خاص لجنة المتابعة العربية العليا للجماهير الفلسطينية في ال48.
والهدف لم يكن خافيا على احد منذ بدأت تنتشر وتتوسع الجريمة المنظمة، التي يقف خلفها جهاز "الشاباك"، حيث بات هو السيف والحكم ومنظم الجريمة، التي تتركز على توسيع عملية التطهير العرقي والترانسفير من خلال دفع الجماهير الفلسطينية في داخل الداخل إلى الهجرة الطوعية، بتظافر الانتهاكات الإسرائيلية العنصرية على اكثر من مستوى وصعيد، منها: قانون "القومية الأساس للدولة الصهيونية" وقانون "كامينتس" والرفض المستمر لإعادة النظر بالخرائط الهيكلية للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية ومنع عمليات لم الشمل للأسر الفلسطينية، وأيضا مطاردة الفلسطيني في حال اشترى شقة او قطعة ارض في المدن المختلطة، وأخيرا سنت عدد من البلديات قوانين عنصرية لمنع بيع العرب أراضي او شقق فيها، ويجري الاتجاه لسن القانون رسميا في الكنيست الحالي، وبالتالي تتم عملية خنق متكاملة للمواطن الفلسطيني لتحقيق الهدف الصهيوني، حيث يوضع المواطن الفلسطيني امرأة ام رجلا، طفلا ام عجوزا امام خيارين أساسيين اما الموت على يد عصابات الاجرام المدعومة من الشاباك والجيش والشرطة الإسرائيلية، او الرحيل الطوعي، ولا خيار ثالث حتى لو قبل بالرواية الصهيونية وقدم الولاء لها.
ولتنفيذ المخطط الاجرامي تم تكليف "الشاباك" والشرطة "لمواجهة" الجريمة، والحقيقة تم تكليفهم مع باقي المؤسسات المذكورة سابقا للتكامل فيما بينهم لتفتيت المجتمع الفلسطيني العربي، وتعميق الشرخ بين صفوفه، واضعاف قواه الوطنية والديمقراطية ولجنة المتابعة. كما ان هذا التكليف وفق خطة نائب وزير الامن يتناقض مع القانون الإسرائيلي القائمة على ركيزة العنصرية البغيضة، لأنه لا يجوز للشاباك ولا للجيش ولا لغيرها من الأجهزة التدخل في القضايا الاجتماعية، والتي لها مرجعيات واضحة، كما يجري في المدن والبلدات والمستعمرات الإسرائيلية.
إذا ادعاء الصهيوني الديني المتطرف والعنصري البشع، نفتلي بينت الحرص على المجتمع الفلسطيني، ما هو الا خداع مفضوح ومكشوف، لا ينطلي على أي طفل فلسطيني، الامر الذي يستدعي من الجماهير الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة التصدي لخطة بينت/ لبيد وأجهزة الامن العنصرية الصهيونية عموما وعلى راسها "الشاباك". وان كانت حكومة بينت جادة في مواجهة الجريمة، فإنها تعرف الطريق، أولا اعتقال كل العصابات المافيوية؛ ثانيا جمع السلاح كله، ولديها المعلومات التفصيلية شبه الكاملة عن أماكن تواجده؛ ثالثا الغاء القوانين العنصرية بكل مسمياتها وعناوينها، وتعزيز المساواة والمواطنة، رابعا زيادة الموازنات للمجالس القطرية الفلسطينية، والموافقة الفورية لإعادة النظر بالخرائط الهيكلية للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية، والكف عن مصادرة الأراضي في المدن والبلدات العربية؛ خامسا إعادة اللاجئين على الأقل داخل الخط الأخضر لقراهم ومدنهم المصادرة منذ عام النكبة في العام 1948 ليتمكنوا من العيش بالكرامة نسبية على أراضيهم. دون ذلك يبقى الحديث عن مواجهة الجريمة مجرد أكاذيب، وجزء من مخطط التضليل لتنفيذ الترانسفير.
[email protected]
[email protected]