أوهام مؤتمر "وعد الآخرة"

بي دي ان |

04 أكتوبر 2021 الساعة 05:40ص

ما زالت مواقع التواصل الاجتماعي تتناول تفاصيل "مؤتمر وعد الآخرة" والذي نظمته حركة حماس في غزة، والذي تتناول فيه إجراءات وتحضيرات التجهيز  لما بعد تحرير فلسطين، وقد تناول جانب من هذا المؤتمر، إدارة تقسيم المدن، عسقلان، المجدل وغيرها وكذلك مليون شقة وسجلات ثمان وعشرين الف مؤسسة إسرائيلية مؤكدين أنه يجب التجهيز لادارة كل هذه المؤسسات، وكذلك الشركات والسجلات المدنية وتنظيم العائدين والسكان والغنائم والحديث عن توفير خبراء لتنظيم عمل هذه المؤسسات بعد تحرير فلسطين والاستعداد لهذه المرحلة.

يذكرني هذا المؤتمر بخطاب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية،مؤخرا، حين قال عبر وسائل الإعلام أنه قد حدد النجار الذي ينفذ منبرا للأقصى بعد التحرير وقوله "الآن الآن النجار يعمل في المنبر ويجهزه"، حقيقة هذه الأوهام التي تبيعها حماس للشارع الفلسطيني تعد كارثة بحق حالة الوعي لديهم من جانب، ومحاولة غريبة للاستخفاف في العقول الفلسطينية الحية والمتيقظة والتي باتت تدرك جيدا الممكن من غيره وتميز الوهم من الحقيقة من جانب اخر، وأنا هنا أسجل استغرابي من القائمين على هذا الحدث الهزلي واستغرب الحضور. 

فعن أي تحرير يتحدثون؟! فهل يعقل عقد مؤتمر للحديث لما بعد التحرير ونحن في غزة تحديدا وحركة حماس على وجه الخصوص كونها قائمة على المؤتمر من جانب ومن جانب آخر كونها صاحبة الحكم القهري المتفرد في غزة، هذه الحركة التي تفاوض إسرائيل من شهور على تصدير البندورة بقمعة أو بدون، إدخال مواسير الصرف الصحي، سلع وأساسيات، تجرى مفاوضات ووساطات لإدخالها، حماس التي عجزت عن توفير مياة صالحة للشرب أو كهرباء لغزة، ففي غزة جيل كامل لم يرى كهرباء لمدة يوم كامل ولا نصف يوم في غزة.

فعن أي تحرير يتحدثون؟! غزة أصبحت الناس تبيت فيها على أرصفة الشوارع، احترفت النساء والأطفال التسول وأشياء أخرى مهينة لأجل لقمة العيش .. تفاصيل وتفاصيل لا تنتهي ولا تكفيها هذه السطور. كنت أتوقع أن يُعقد مؤتمر حول كيفية تحقيق الوحدة الوطنية، تحسين المستوى المعيشي للمواطن، البحث في الحد من ظاهرة البطالة والعنف الأُسَري أو تعزيز الانتماء لدى الشباب المغترب داخل وطنه والذي يبحث عن حياة خارج وطن لا يجد به حياة. 

بكل الأحوال مثل هذه الأوهام لا يجوز تصديرها للشارع الفلسطيني فهي ليست إلا حالة من الاستخفاف على الآخرين والغرق في مستنقع الخيال لأصحاب الفكرة، وقد برز هذا واضحا من حالة السخرية التي تناولها رواد مواقع التواصل والمواطنين على وجه العموم، هناك الكثير من الأكاذيب التي لم تعد تنطلي على صغار القوم وحقائق باتت مكشوفة للمواطن، ظاهرها ما يحلو للسامعين سماعه وباطنها من الخبث لا يطيقه البسطاء والعامة. 

لا تستخفوا بعقول الآخرين، فيستخف الآخرون بكم؛ ولننظر بعين الجدية والمسؤولية لهموم المواطن وإخراجه من عنق الزجاجة التي تم الزج به بداخلها، وأن ننظر لحالة العجز والتخبط التي وصلت لها الحالة الفلسطينة بفعل أناس أخذتهم العزة بالاثم، يرفضون الإعتراف والإعتذار عما أوصلوا له الحالة الفلسطينة، بالتالي لا يتقبلون فكرة التراجع عن خطيئتهم، ويفضلون إبقاء  الناس في أتون الفقر والقهر الذي لن يدوم وفق حركات التاريخ الطبيعية.