"رحلة من المجهول إلى المجهول"..

شباب غزة يهاجرون بأحلامهم المفقودة للنجاة من وطن لم يفلح بإسعادهم

بي دي ان |

01 سبتمبر 2021 الساعة 04:49ص

على متن سفينة صغيرة أو على أجنحة طائرة ما، يركب شبان فارين من جحيم الحرب والفاقة والفقر بل والبطالة، ظناً منهم أنها بدايةٌ للنجاة، أو أنها جسرٌ لهم من الجحيم إلى النعيم، ماهي إلا هجرة بمثابة رحلة من المجهول إلى المجهول، فهي ليست بداية مشوارهم بل نهايته، ولكن النهاية إما أن تكون الأجمل أو الأسوأ.

يروي الشاب "ص.و" البالغ من العمر 26 عاماً، قصته لـ"بي دي ان" :" درست اللغة الانجليزية وآدابها وحصلت على الماجستير في psycholinguistics بدرجة امتياز في جامعة istanbul ،"اسطنبول" والآن أستكمل دراسة الدكتوراة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة  medeniyet" 

وعن السبب الرئيسي الذي دفعه للهجرة، يقول :" سبب هجرتي هو أنني أردت اكمال دراستي العليا والحصول على فرصة عمل في مجال لا وجود له في قطاع غزة."

ويؤكد الشاب أنه استطاع الحصول على  وظيفة ،محاضر في جامعته الذي انهى الماجستير بها"اسطنبول" وأنه لم يكن سيحظى بها إذا بقى يدرس في غزة.

ويتابع حديثه، :" التعليم في غزة محدود وقدراته محدودة, وأما في تركيا فمجالات البحث العلمي ترتقي لتصبح في الصدارة" موضحاً أن الدولة تقدم كل ما يلزم لإراحة الطلاب- من رواتب للحاصلين على منح دراسية وسكن طلابي مريح وسهولة التنقل من خلال بطاقة الطالب المخفّضة وغيرها الكثير.

وعن الصعوبات التي تواجه الشاب الغزي في الهجرة والسفر، فقال: "إن أكثر مايضيق على الشاب الفلسطيني عندما يريد أن يحقق أحلامه وينتقل لدولة ما لاستكمال دراسته هي تكمن في المعابر وصعوبة التنقل لا أكثر".

ويشير إلي أن السبب الأساسي والرئيسي في هجرة الشباب من بلادهم هو قلة وسائل البحث العلمي وعدم توفر الفرص بعد التخرج، وذلك بسبب الحرب والاحتلال والفاقة.

وينهي الشاب حديثه، مبيناً أنه يطمح أن يصبح اكاديمي

مرموق لعله يعود لبلده لينشئ جيلاً متعلماً قادراً على تحدي الاحتلال وغطرسته".

وفي لقاء آخر...

"س.ر " الشاب الفلسطيني، بالغٌ من العمر "25"عاما، بعد انتهائه من درجة البكالوريس في مجال الهندسة الالكترونية، قرر أن يسافر إلى تركيا، وفي رواية قصته لنا أكد، أن سبب خروجه من غزة، هو أنه يريد تكملة مسيرته التعليمية والحصول على الماستر، وسبب رغبته بالسفر إلى تركيا، عدم وجود الماستر من تخصصه في غزة وأن التعليم بالخارج أفضل بكثير لاحتوائها على الكثير من الايجابيات المعدومة في وطننا.

وعن طريقه خلال رحلته، نوهه (س.ر ) إلى أنه وصل تركيا في آمان الله وأنه بدأ حديثا بالدراسة الماستر في سنته الاولى منها بعد أن درس اللغة التركية وأصبح يتحدث اللغة التركيه بلباقة.

وتحدث أيضا أنه من خلال التواصل على الفيس بوك عن جمال التعليم بالجامعات التركية وعن حسن تعاملهم مع المهاجرين من غزة، وايضا يوجود تساهل من الموظفين الاتراك للفلسطينين خاصة، لافتاً أنه لا يوجد عنصرية ابدا وانه سعيد جدا. 

وعن المصاريف الجامعية، ذكر أنه قد تدفع سنة كاملة من خلال المنحة الدراسية، الذي توفر له أيضا سكن وأنه لا يواجه أي مشكلة من خلال هذا الامر.

وأردف(س.ر) :" لا أنوي الهجرة الدائمة ولكنه أتمنى أن تتحسن الاوضاع في بلدي، لكي أعود اليها ولأحباب قلبي وعائلتي".

ويضيف:" إن المدرس الجامعي في غزة يتحدد مجال عمله للتدريس الاكاديمي فقط مثل الكثير من الدكاترة وهذا يقلل من مسيرته العملية والعلمية، على عكس من دولة تركيا دائما يوجد فيها مشاريع واعمال جديدة للمدرسين".

ويكمل:" انه مهما اجتهدت الجامعات والطواقم الاكادمية في غزة فانها ستبقى امكانيتها اقل من الجامعات في الخارج لأن عدد المدرسين والجامعات قليل جدا نسبة للدول الاخرى وانه يوجد مدرسين في الجامعات التركيه اضعاف المدرسين الموجودين في القطاع لذلك لا تحتوي على تعليم كبير وانها لا تحتوي على امكانيات كبيرة تفيد التخصصات العملية والعلمية، ولكن كل الامكانيات الذي تحتاجها كل التخصصات موجودة في الجامعات الاوربيه والامريكيه وغيرها، بالاضافة الى فرصة حضور الطلاب لمعارض ومؤتمرات دولية وهذا شيء صعب لطلاب غزة وسسببها الاحتلال الذي يمنعنا من الوصول والتطور في بلادنا".

ويختتم حديثه:" التعليم سلاح ولكن  فلسطين محتلة فالجميع يرى ان التعليم بالخارج افضل بكثير لضعف الامكانيات الموجودة في بلدههم المحتلة".

ولـ"بي دي ان " تؤكد الشابة مها السقا التي تبلغ من العمر 29عاما المرافقة لزوجها الذي يدرس دكتوراة في العلوم السياسية في جامعة سكاريا في تركيا، تتحدث عن صعوبة رحلة الدراسة والعمل في الخارج، وتنوه انها ليست كما يتوقعها الاخرون لانها تحتاج الى جهد وعطاء وصبر كبير

وتشير السقا إلى كمية حب الاتراك لفلسطين ولاهالي غزة بتحديد لعلمهم على مايعانون من الظلم في حياتهم

كما تشيد بمواقف الدولة التركية، مع الفلسطينيين، إذ أن الدولة التركيه منحت زوجها الطالب منحة راتب شهري وبدل ايجار بيت ولكن ان هذا  لايكفي لعائلة لذلك يلجئ زوجها الى العمل لاستكمال احتياجاتهم

 كما أكدت أن تعليم غزة قوي وبعض جامعاتها قوية لكن التعليم خارج غزة وفلسطين يوسع افق الطالب ومداركه وثقافته خاصة تعلم اللغات الجديدة والتعرف على طلاب من جميع الجنسيات

 وتبين أن هدف خروجهم من الوطن ليس الهجرة بل لاكتساب العلم وأن عودتهم للوطن لاتراجع عنها

وعن المواقف الصعبة المؤلمة التي تواجههم في الهجرة، هي أنهم  يعيشون أعيادهم وشهر رمضان دون جمعة العائلة ولكن نوهت إلى أن الطلاب الفلسطينيين تربطهم علاقات ودية ويربطهم اتحاد طلابي يساعد بعضهم البعض من خلاله.. 

وعن تحديها وصمودها بغربتها، تقول إن "الغربة لا تخيفنا بقدر ما تجعلنا أقوى وأنضج وتعلمنا الكثير" .. 

وتنهي روايتها :"إن طموحاتنا تكبر مع مرور الأيام .. لا سقف لها .. أن نعيش الحياة بجمالها نحاول أن نظهر للجميع الجانب الجميل في غزة .. فالجميع لا يعرف عنها إلا صورة الحرب".

هكذا شباب غزة يجتازون الحدود ، فارين من "واقع اقتصادي واجتماعي يزداد تدهورا يوما بعد آخر"، باحثين عن البديل، لأحلامهم الكبيرة التي تقودهم في رحلات إلى الضفة المقابلة، للنجاة من وطن لم يفلح في إسعادهم.