أمريكا..البروفيسور المجنون؟

بي دي ان |

31 أغسطس 2021 الساعة 06:06ص

 لم تعترض امريكا !! التصريحات كانت مجرد نسخة ساقطة، على غرار البروفسور المجنون في رواية جوزيف كونراد " العميل السري" يحث السيد فلاديمير ؛ فرلوك ، على القيام بعمل ارهابي لا يكون مخيفا فحسب بل وعبثيا أيضا!!. فهو يقول له : ان الهجوم ينبغي ان يتجاوز نية الانتقام - بل لا بد له من ان يكون تدميرا صرفا ، لابد من ان يكون هكذا.. فهو يطلب منه القيام بفعل وحشي مدمر و عبثي أيضا بحيث يكون غير قابل للفهم أو للشرح او للتفكير!! الصدمة والترويع .. جز العشب ..الحصار، القوة الجوية المدمر ؛ كلمات تقترب بنحو فاحش من الفاشية بما يشوه الانسان ويجرده من الانسانية، وليس من قبيل المصادفة اننا نقترب هنا من حافة الفاشية التى تجمع بين القوة المفرطة والغرور والعجرفة والافتتان.

سياسة الكيان الصهيوني العدوانية تتسم بالتحدي للإرادة الدولية وتتميز باقتراف جرائم الحرب والحصار ، وبالمخالفات الجسيمة المتكررة لأحكام الميثاق وقواعد القانون الدولي، بمعنى .التدمير من أجل التدمير ، بهدف فرض وقائع معينة ، خارج الشروط التاريخية والسياسية. فتتبدل النسبة بين العنف الاستراتيجي وبين العنف المفرط بنحو حاسم ؛ كانت الفاشية مولعة تقريبا بالتدمير مثلما هي مولعة بالإنجاز ، لقد مر عليها أوقات كان شعارها : يحيا الموت!

وبالتالي ليس الإرهابيين مستعدين لسفك الدماء فحسب ، بل إنهم يبتهجون بهذا الفعل الوحشى! في الحقيقة. اعتبر إمانويل كانط. "أن شرا شيطانيا. كهذا مستحيل". وبما انهم لا يستطيعون تدمير المدينة نفسها مرات متتالية ، ولا يمكن ان يحدث تأثير مطلقا في الواقع ، ليس باضافة شئ اليه أو بإعادة صياغته ، او بمحوها ، ولكن التدمير بالنسبة لإرهاب الدولة ، ليس من أجل التدمير والقتل والدمار الوحشي فحسب؟ بل الهاوية التى يرمي فيها الابرياء من - وجهة نظره- يمكن ان ينبثق منها الأمن لشعبه!!

 الإرهابيين لا تخلو جعبتهم بوجه عام من الحجج والافكار ، مهما كانت تلك الافكار خطيرة أو منافية للعقل والطبيعة الانسانية؛ فأرهبهم اذن ليس الا وسيلة تساعدهم في تنفيذ رؤاهم السياسية ، وليس لهذه السياسة بديلا لها ، وقد شاعت فلسفة مشابهة ومعقدة من الارهاب السياسي في أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية، يصعب اختزالها بأية طريقة الي مجرد احتلال دول او مجرد سفك دماء ؛ بل عدم المطالبة بحق الشعوب فى المقاومة من اجل الحرية الاستقلال.

ويبدو أن جوبيلز اعتقد في مرحلة ما أن الهتلرية ستنتهي إلي كارثة على الارجح ، ولكن هذا لم يكن سببا مقنعا للتبرؤ منها؛ فى كرنفال من المتعة المتوحشة ترتد الارادة المسيطرة، والقوة المفرطة بضغينة ضد نفسها ، حين تغرم بالقوة الوحشية الصرفة. وبالتالي كلما استخدمت دولة الإرهاب، القوة الوحشية. كلما تخطوا خطوة في المساهمة في الفناء الذاتي.

كنت قد أشرت فى مقال سابق بعنوان "جز العشب"

الي التهديد والتحريض على ابادة شعب كامل.

وإلى عدم احترام معايير وقواعد حقوق الإنسان الدولية ، واتباع استراتيجية الصدمة والترويع ضد المدنيين. وأن اسرائيل استخدمت في هجومها العدواني على الشعب الفلسطيني الاسلحة الامريكية والقنابل الارتجاجية والصواريخ الفتاكة، وقذائف الفسفور المحرمة دوليا وذلك بالمخالفة للاتفاقية المعقودة بينها وبين الولايات المتحدة منذ العام1952 والتى بمقتضاها لا يتم تسليم اسرائيل هذه الانواع من الاسلحة الا بعد تعهدها بعدم استخدامها في الهجوم على المدنيين.

 في السابق اكدت وزارة الخارجية الامريكية : ان القوات الإسرائيلية قد استخدمت القنابل والاسلحة الامريكية الفتاكة ضد السكان المدنيين اثناء غزوها لجنوب لبنان ،منتهكة بذلك القوانين الخاصة بالاسلحة الامريكية ، فضلا عن الاتفاقية التى بمقتضاها تسلم مثل هذه الاسلحة لاسرائيل تقضي بعدم استخدامها الا في حروب واسعة النطاق وضد الاهداف العسكرية فقط دون الاهداف المدنية".

و هو ما قد تم تنفيذه ، بهدف، اغتصاب العقل وتمزيق اللحم ، وتشويه الابرياء ، ان ينفجروا من الداخل فهو يمثل بذلك الفعل المطلق للايهام الذي يحول اليوم المعاش الى ما لانعرف كهنة ولا يفهم مغزا ، بأتقان وحشي .. انه يهدف الى شق الآرض مجازيا وفعليا أيضا ، تحت أقدامنا ، وتعتبر الصدمة والترويع و العدوانية جزءا . استراتيجي لا مجرد تأثير في الاخر فقط من اجل الترويع الأبرياء. ليزاوج ارهاب الدولة بين الموت والبرنامج السياسي ، بالإرهاب المنظم الذي يوظف الصدمة والرعب من أجل غايات ومشاريع توسعية.. بمعنى الرسالة : إذا لم توقفوا مطالبكم المشروعة، بحقوق الشعب الفلسطيني فى الاستقلال والحرية وتقرير مصيره ورفع الحصار ، فإن المزيد من الدم سيسفك ، نحن الاقوى فى المنطقة!! هذه هي رسالة إرهاب الدولة. وبالتالي: سياسة الصدمة والرعب جزء منها . الصدمة للنساء.. والرعب للأطفال، وهم في ثبات النوم .. في ثياب النوم !

هكذا يؤدي الارهابيون - ارهاب الدولة - مسرحية عامة، علي مسرح ، المجتمع الدولي – المجتمع الوحشي- من إبداعهم؛ ولا يستطيعون ابدا اختيار أدورهم ،فالقوة الوحشية تنتصر مؤقتا لأنها مجهزة للهلاك ، اما الابرياء فالكلمة الاخير لهم ، والحرية في النهاية لهم ، وليس الوفاء للموت الذي يبقيهم في اماكنهم مذعنين له.. لكنه الانتصار الذي ينتزع بثمن باهظ جدا. 

وللحديث بقية.