وقفة متأنية ..النقد!

بي دي ان |

20 أغسطس 2021 الساعة 06:10ص

 قال : في استطاعتك أن تنقد الأوضاع كما تشاء والمبدأ  هنا أن فرص النقد مكفولة.. أن قضيتنا  تقف اليوم أمام مفترق طرق وأمامها خياران لا ثالث لهما ، إما الوحدة الوطنية والانتصار على المخطط الصهيوني، وشل ايديهم. وبالتالي التحول نحو الأفضل أو الفشل في مواجهة هذا  المخطط والمشروع الصهيوني ، والغرق في الخطابات الحزبية  والانقسامات التي ستمزق  قضيتنا وأمتنا وتفتت منطقتنا وتؤدي بنا إلى مستقبل أسوأ مما نحن فيه.

  لقد ظل كتاب فلسطين و مثقفوها. ومعهم كتاب و ادباء العالم . الذين يحملون هموم قضية الشعب الفلسطيني على أكتافهم، وفى قلوبهم ، يحاورون وينتقدون ، لأكثر من سبعون عامًا، كلما وجدوا أمامهم ممارسات خاطئة ؛ وكم من نقد كان يمكن أن ينقذ القضية والبلاد من كوارث رهيبة . وما من عربي مستنير إلا ويتابع قضيتنا بكل ما يملك من ترقبٍ واهتمام؛ لأنه يعلم أن مفتاح المنطقة كلها هنا؛ ولأنه يخشى عليها من أن يلحقها أي مكروه يصيبها قبلها، وهكذا فإن الاهتمام الزائد بها الذي يبديه أي عربي بأوضاع قضيتنا، يظل في واقع الأمر اعترافًا بمكانة قضيتنا الرئيسية في الوطن العربي، حتى لو اتخذ شكل انتقادٍ مرير لأوضاعها، فلماذا لا يُبدي أحد اهتمامًا بانتقاد ما يحدث داخل بعص دول المنطقة مثلا، حتى لو تراكمت الأخطاء في ممارسات حكام وسياسات هذه البلدان؟

قلت :  هذا كلامٌ رائع بغير شك ، ولا يوجد مصادرة لحق الناس في توجيه أي نقد؛ وكل ما أعرفه هو أننا جميعا في  كارثةٌ سياسية ومحنة فكرية، قبل أن تكون أزمة نقد سياسي ؛ ومع هذا كله، فإن هناك ما هو أفدح وأخطر، وأعني به دائرة الانقسام الشيطانية؛ التي يدور فيها الجميع سكارى بخمر الأفكار الزائفة، و الارتجال.  والسياسة المضللة، والمصالح الحزبية الضيقة، ويثبتون بها، على نحوٍ قاطع، طفولية الفكر السياسي لجميع أطراف اللعبة ؛ الأمر الذي  لا معنى له. فى ظل السيطرة الحالية، بدون نقد؛ او وعي سياسي سليم، فى ظل مبدأ وطني حر. وفوق هذا . وأعني به الحديث المتكرى إن الجميع في الوهم والضحالة الفكرية سواء، والبعض. نشئوا في مناخٍ سياسي لا يسمح بالموضوعية ولا يترك مجالًا للنقاش او النقد .المنطقي المجرد عن الأهواء.

قال : إن الفكرة الكامنة من وراء هذا النقد. هي عدم التغطية ، على المستوى السياسي العام ، فعند البعض نزوغ شديد إلى التغطية على السلبيات - الفشل - إلى درجة أن افتضاح هذه السلبيات. ومعرفة الآخرين بها هو في نظره  شر يفوق العيوب نفسها! وكثيرًا ما نتصرف بحيث نتغاضى عن أخطر أنواع الآثام. ما دامت حزبية!! هذا النوع من التفكير بلغ، في السنوات الأخيرة، من الانتشار حد يحتم علينا أن نتوقف طويلًا عنده. إن الجميع ليس في الوهم والضحالة الفكرية سواء، لمن نشئوا في مناخٍ سياسي لا يسمح بالموضوعية ولا يترك مجالًا للنقاش المنطقي المجرد عن الأهواء ، والا أصبح التفكير السياسي القاصر في هذه الأيام؛ مسيطر، يطرحه الاخر.  لذا. نحتاج إلى وقفةٍ متأنية تناقش الأسس التي ترتكز عليها هذه السياسة بهدوء.

قلت : في حالة قضيتنا يكون من المخجل حقٍّا، أن يساوي المرء بين ذلك التاريخ النضالي العريق.والتاريخ الأصيل للشعب .. بين قضية العرب و القدس الشريف ، وبين التصرفات -الغير مسؤولة-  الافراد، يمكن أن يكون الكثيرون منهم مصابين بداء الانقسام ، والادعاء .. فى محكاه لبعض الانظمة في المنطقة، وفي عتمة حكم بدون انتخابات، ولا حق الاختيار الحر والديمقراطي للمواطنين. وبالتالي لا يوجد نقد بالمعني الصريح.

قال : إن من يعتز بقضيته الشريفة العادلة وتاريخ شعبنا النضالي المشرف حقٍّا، هو ذلك الذي يعلن في كل مكان، وأمام الجميع، أن قضيتنا ليست مسئولة عن أخطاء البعض ، وينزه الشعب والقضية عن تلك النقائص. والانقسامات. التي يمكن أن يتصف بها هذا المسؤول  أو ذاك الفصيل، أما ذلك الذي ينصب نفسه محاميًا عن كل خطأ يرتكبه البعض، وبدون توجيه. نقد حقيقي واع ، متوهمًا أنه يدافع على هذا النحو عن قضيته وطنه، فهو في الواقع الذي يسيء إلى هذا الوطن  وهذه القضية أبلغ إساءة، ولو اتخذت مسألة التوحيد بين المسؤول والفصيل وقضايا الوطن قاعدةً عامة، لكان علينا جميعًا. أن نُحمِّل المسؤولية عن  أخطاء كارثة الانقسام لكل من نفذ هذ المخطط الصهيوني الخبيث. وليس توجه النقد فقط؟.

 والسؤال : هل  أصبح التفكير السياسي القاصر في هذه الأيام؛ والاستنكار من أجل تبرئة المسؤولين وإبعادهم عن النقد هو المتحكم. ولا يسمح بالنقد السياسي الحر. المجرد عن الأهواء؟ او يسمح بحق الناس في النقد ، لكنه. يفعل ما يريده فقط؟ ان هذا الخلط بين المستوى الشخصي ، وبين تقييم العمل السياسي العام، هو آفة من أخطر الآفات في تفكيرنا المعاصر، وهو علامةٌ واضحة على أن تربيتنا السياسية بعيدة كل البعد عن ذلك النضوج، الذي لا بد منه لقيام نهضةٍ سياسية حقيقية. وللحديث بقية.