اهمية الدفاع عن الرموز الفصائلية

بي دي ان |

12 يوليو 2021 الساعة 07:19ص

لكل فصيل هوية وملامح فكرية وسياسية ورموز قيادية وراية محددة تدمغة، وتشكل بصمة خاصة، كما ال DNA، في حال شوهدت دالة من تلك المكونات لهذا الحزب، او ذلك الفصيل او تلك الحركة او المجموعة يستطيع أي متابع في الدولة او الشعب المحدد، وحتى على مستوى أوسع في نطاق الإقليم والعالم ان يتعرف عليها. وبالتالي لم يكن إختيار هوية فكرية او سياسية أو رمزية من الرموز وخاصة الرايات (الاعلام الحزبية) مجرد ترف، أو عمل زائد غير ذات اهمية، العكس صحيح.
مثلا الكوفية الفلسطينية كانت منذ زمن الإنتداب البريطاني إحدى ملامح الهوية الوطنية الفلسطينية، وعممها المناضلون الفلسطينيون في عشرينيات وثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي لإعتبارين اساسيين، الأول للتعريف على هوية الفلسطيني، والثاني لحماية الفدائيين من اجهزة الأمن البريطانية آنذاك. وفي زمن الثورة المعاصرة استحضر الرمز المؤسس الشهيد ياسر عرفات دور ومكانة الكوفية الفلسطينية، وباتت جزءا من هويته الخاصة، وهوية وملامح الشعب العربي الفلسطيني، واصبحت الكوفية العرفاتية، واسم عرفات موازيا لإسم فلسطين، او كما قال الشاعر الكبير محمود درويش، "عرفات أحد اسماء فلسطين"، وهذة حقيقة. وحتى فصائل العمل الوطني ميزت نفسها بالوان الكوفية، بين الكوفية الحمراء، التي امست عنوانا لليساريين، والكوفية السوداء رمزا للفتحاويين والشعب عموما.
وعندما اختارت حركة فتح الراية الصفراء وعليها شعار العاصفة، شاءت ان تميز نفسها عن باقي الفصائل والحركات، لا سيما وان لكل حركة وفصيل وحزب رايته الخاصة، التي تدل عليه، وباتت الرايات الحركية او الفصائلية عنوانا لكل منها، وتعكس ثقلها وحضورها في المسيرات الوطنية المشتركة، حتى بات الشعب يطالب ممثلي القوى في الفعاليات والانشطة الوطنية برفع الراية الواحدة والموحدة، وهي العلم الفلسطيني، الذي يتربع فوق كل الرايات، ويعتبر اهمها على الإطلاق، لإنه رمز من رموز الوطنية وحتى القومية العربية لما لفلسطين من اهمية مركزية في الكفاح القومي التحرري.
ولا اضيف جديدا عندما أؤكد ان الرايات بما تحمله من خصائص خاصة باللون والرموز المكونة لها، انما تعكس ملامح الهوية الذاتية لهذة القوة او تلك. ولا اضيف جديا لابناء الشعب العربي الفلسطيني، عندما اؤكد، ان راية حركة فتح عكست هويتها وسمتها، وروحها الوطنية العلمانية الجامعة للكل الوطني. ولم تأخذ في يوم من الأيام طابعا يساريا أو دينيا، لإنها واستنادا للفكرة الرائدة، التي تبنتها قيادة الحركة منذ البدايات الأولى، اعتمدت صيغة الجمع لكل الوان الطيف الفكري والعقائدي الوضعي والديني والسياسي عموما، ولهذا وضعت شعار العاصفة، باعتباره شعارا جامعا وموحدا للكل في بوتقة الكفاح التحرري الوطني. ونأت بنفسها عن اية رموز ضيقة، وذات ابعاد تمس بالطابع الوحدي، او تتسم بصبغة فكرية او عقائدية للون او قطاع اجتماعي معين.
لكن بعض الفتحاوين يبدو انهم لم يدركوا اهمية ومركزية الراية الصفراء الحاملة لشعار العاصفة، فشاءت منافسة الحركات الإسلاموية كحركة حماس او حزب التحرير او حركة الجهاد، فلجأوا لإضافة "لا اله الإ الله وسيدنا محمد رسول الله" في مسيرة اول امس السبت في محافظة رام الله البيرة، وهو ما اثار الإستغراب والرفض عند قطاعات واسعة من ابناء الشعب ونخبه السياسية، وهذا الرفض لم يكن رفضا لا لله جل جلاله ولا لرسوله الكريم (ص)، وانما رفضا لتشويه راية الفتح، وللانحراف، الذي وقع فيه هذا البعض من حيث يدري او لا يدري.
ومن يريد ان ينافس اي حركة سياسية دينية، لا ينافسها بالشكل، وبالتخلي عن منظومته الوطنية الجامعة للكل الفلسطيني، انما بالممارسة العملية، وبالدفاع عن المشروع والسلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد، وبالإنحياز لمصالح الشعب والقضية والنظام السياسي الديمقراطي التعددي وبالمقاومة الشعبية. هكذا يكون الدفاع وليس بالتمثل بالقوى الدينية المتطرفة والأقصوية.
وذكرني هذا النموذج بالضبط عندما لجأ شبيبة حركة فتح في جامعة الأزهر في مدينة غزة بعد تشكل السلطة تقريبا عام 1995، بانتهاج سياسة خاطئة مع الطالبات الفلسطينيات، عندما قاموا بمحاولة فرض الحجاب عليهن لدخول الجامعة، العبد الفقير تصدى انذاك لهذة الحملة القاصرة والمتخلفة، والتي لا تمت لحركة فتح وسياساتها الإجتماعية والثقافية بصلة. لكن بعض البسطاء، اعتقد انه ينافس حماس من خلال الركض في متاهتها المتناقضة مع مصالح وحرية المجتمع الفلسطيني، وتم وقف المهزلة انذاك، والآن مطلوب من اللجنة المركزية ان توقف المهزلة الجديدة، والسلوك المرفوض وحماية الدور الفتحاوي الجامع للكل الوطني ليس فكريا وسياسيا فقط، انما إجتماعيا ودينيا وثقافيا، والتعلم من الدروس والعبر السابقة، لتحموا فتح رعاكم الله، وكفى أخطاء ونواقص، لتحموا انفسكم وشعبكم وم. ت .ف. والنظام السياسي الفلسطيني وحماية الديمقراطية في اوساط الشعب.
[email protected]
[email protected]