القدس إنتصرت بالشعب

بي دي ان |

01 مايو 2021 الساعة 07:22ص

في اعقاب إجتماع اركان القيادة مساء الخميس الموافق 29 نيسان / ابريل الماضي صدر بيان رسمي بتأجيل الإنتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني بعدما ابلغت كل من إسرائيل والولايات المتحدة القيادة الفلسطينية وثلاث دول عربية بعدم السماح باجراء الإنتخابات في القدس العاصمة الأبدية بذريعة عدم وجود حكومة في دولة المشروع الصهيوني الإستعمارية. وكان الرئيس عباس تابع مع الدول الأوروبية وممثليهم هنا في فلسطين وإسرائيل لممارسة الضغط على قادة حكومة اليمين المتطرف لينتزعوا موافقتها على إجراء الإنتخابات في القدس، وارسل وزير الخارجية، رياض المالكي لدول الاتحاد بهدف حثهم لممارسة لاستخدام ثقلها السياسي والاقتصادي والمالي على حكومة نتنياهو، غير انهم إعتذروا لعدم تمكنهم من فعل شيء. مع ان دول الإتحاد وقيادته طلبوا من شخص الرئيس ابو مازن إصدار المراسيم الرئاسية وتحديد الرزنامة الزمنية لإجراء الإنتخابات، وهو ما حصل في 15 كانون ثاني / يناير الماضي (2021) على امل ان يأتوا بالموافقة، بيد انهم فشلوا. الأمر الذي استوجب من شخص رئيس دولة فلسطين ورفاقه في القيادة من تأجيل الإنتخابات، وليس إلغائها لحين الحصول على الموافقة الإسرائيلية بتنفيذ برتوكول القدس لعام 1995. 
نعم تأجيل الإنتخابات هو إنتصار للقدس، وإنتصار للشعب ولجميع القوى والنخب السياسية الفلسطينية، حتى اولئك الذين حاولوا تبسيط وتقزيم ملف ومكانة القدس العاصمة، أو أولئك الذين طالبوا بتجاوز برتوكول القدس وإجرائها باي وسيلة وطريقة، وذلك لضمان إجراء الإنتخابات. ورغم محاولات بعض ممثلي الكتل لي عنق الحقيقة، والقفز عن الأهمية الإستراتيجية للقدس في الصراع لإعتبارات خاصة، وأجندات إقليمية ودولية، جاء التأجيل مستجيبا ومتماهيا مع ثوابت ومصالح الشعب الفلسطيني العليا، ومع مكانة وأهمية ومركزية زهرة المدائن في معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ولم يكن التأجيل سهلا، ولا ذريعة، ولا إستصغارا من شأن وأهمية وأولوية الإنتخابات والعملية الديمقراطية، ولا تهميشا لدور احد، او إستفرادا بالقرار، انما إنطلاقا من المسؤوليات الشخصية والتنظيمية والوطنية دفع عباس مدعوما من الغالبية في القيادة الفلسطينية، ووفق معايير الديمقراطية بتأجيل الإنتخابات. وهو ما يتطلب من الجميع الإرتقاء لمستوى المسؤولية في محاكاة التأجيل،، والإبتعاد عن الحسابات الصغيرة، والتركيز على المصالح الوطنية العامة، وبالتالي عليهم مراجعة الذات قبل مراجعة القوى المؤيدة للتأجيل وفقا للمعايير والثوابت الوطنية.
بالتأكيد الغالبية الفلسطينية من قطاعات الشعب في مختلف المحافظات، وفي الوطن والشتات وداخل الداخل، كانوا جميعهم رابح من عملية التأجيل للعملية الديمقراطية، رغم انها حملت خسائر مؤقتة لعدم إجراء الانتخابات، الآ انها خسائر يمكن تعويضها لاحقا من خلال إلزام إسرائيل بالقبول باجرائها في القدس العاصمة، وذلك عبر اعتماد برنامج مجابهة وطنية شاملة في القدس وكل الأرض الفلسطينية لوقف سياسة التغول والبطش وجرائم الحرب الإسرائيلية، ولعل ما جرى ويجري في القدس العاصمة خلال الأسابيع الماضية القليلة يمهد الطريق لصياغة برنامج عمل مشترك لكل القوى والفعاليات السياسية والثقافية والإعلامية، ومستفدين من تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأخير، ومن قرار محكمة الجنايات الدولية بالولاية على اراضي الدولة الفلسطينية، والإقرار بوجود جرائم حرب ارتكبها قادة دولة الإستعمار الإسرائيلية، وبالإتكاء على دعم الأشقاء والأصدقاء الأمميين، وبالتالي المحصلة الإجمالية كان الرابح الشعب والعاصمة الابدية.
غير ان ربح القدس والغالبية الشعبية والسياسية، لا يعني انه لا يوجد خاسرون، واولئك هم شريحة من الغوغاء والسفهاء والمرتشين والمأجورين، الذين إرتضوا ان يكونوا بوقا للتشهير والتحريض والقدح والذم للقيادة الفلسطينية عموما وشخص الرئيس عباس خصوصا. اولئك النفر المسقط لذاته، ومكانته، ودوره الإيجابي في المجتمع، كان ومازال بإمكانهم التعبير عن مواقفهم المعارضة للتأجيل بهدوء وموضوعية، وبالأسانيد، التي يعتقدونها "صحيحية" للمحاججة، والدفاع عن قناعاتهم دون تكبيل او تكميم افواه، او الإنتقاص من حقهم الديمقراطي، والساحة مفتوحة امامهم للادلاء بارائهم ومواقفهم. لكنهم أبوا إلآ ان يلجأوا للقدح والذم والشتائم والإسفاف، لإن هذا ديدنهم، ومكانهم، ومستنقعهم. وهذا مرفوض ومدان، ويفترض ان يتم ملاحقتهم وفق معايير القانون. رغم ان بعضهم يريد ان يبروز نفسه، ويصنع "مجدا" غير موجود، ووهميا، لإنه ليس اهلا لذلك، ولا يملك المؤهلات الشخصية والسياسية لتبوأ هكذا مكانة، وهؤلاء لا سعر لهم، ولا قيمة أخلاقية او قيمية، وينطبق عليهم  قول "فاقد الشيء لا يعطيه". 
[email protected]
[email protected]