اوقفوا الجرائم ضد النساء

بي دي ان |

13 ابريل 2021 الساعة 07:29ص

مازالت العادات والتقاليد البالية والمتخلفة تضرب جذورهاعميقا في الوعي المجتمعي في فلسطين عموما، وفي المدن والارياف المحافظة خصوصا، وينتج عن هذا الموروث تعقيدات إجتماعية تنعكس على المرأة خصوصا، نصف المجتمع الأضعف والاجمل والاكثر عطاءً، وللاسف تدفع ضريبة غالية جدا لا تتوقف عند مصادرة دورها وحقها وكرامتها في المجتمع، وانما يطال حياتها كلها دون وجه حق، وبرضى وقبول من المركب الإجتماعي المتناقض مع روح العصر، والرافض احترام والتعامل بايجابية مع القوانين الوضعية الحامية عملية التطور الإجتماعي، والتي تحفظ مكانة ومساواة المرأة بالرجل في المجتمع.
ومن نماذج هذة الصورة السلبية  ما اميط اللثام عنه في نهاية الأسوع السابق وتحديدا يوم الخميس الماضي الموافق 8/4/2021 حيث تم الكشف عن جريمة جديدة وبشعة ضد إمرأة فلسطينية على يد والدها قبل ايام عدة، بعد ان إعتدى عليها بالضرب على مكان حساس برأسها، مما ادى لوفاتها. والمرأة لم ترتكب جرما، ولم تسيء لعائلتها، ولا تجاوزت القيم المتعارف عليها حتى بالعرف القبلي. وكل ما دافعت عنه، هو حقها في العودة لطليقها وابنائها. لكن والدها وأخوتها رفضوا ذلك بذريعة، انه اطلق فيما سبق الرصاص عليهم بسبب الخلافات البينية.
وللاسف حاول الوالد إخفاء الجريمة، وطمس معالمها وبشكل بشع يندى له الجبين، عندما قام بحفر حفرة عمقها 3 متر، ووضع جثة المغدورة فيها، وهال عليها التراب، ولم يكتف بذلك، انما صب عليها الباطون. وهو ما يدلل على الإصرار في التكتم على الجريمة،وعدم الإعتراف بها بدل تسليم نفسه لجهات الإختصاص، والإقرار بالخطيئة والجريمة البشعة، التي إرتكبها.
وحسب المعطيات المنشورة، فإن الفتاة من مواليد 1996، وتم تزويجها بعمر ال16 عاما، وبعد فترة من الخلافات الداخلية مع زوجها، تم طلاقها منه. لكن فيما بعد ذلك جرى التواصل بينها وبين طليقها، وتم تجسير العلاقات، والإتفاق بينهما بالعودة لبيت الزوجية، بيد ان والدها واخوتها رفضوا مبدأ فكرة العودة وأصروا على الطلاق.
وهنا تكمن المصيبة وعمق الجريمة والخطيئة، اولا لا يجوز لكائن من كان حرمان المرأة البالغة من التقرير في مصيرها؛ ثانيا المرأة لم تتجاوز القانون، ولا أخلت بشرف العائلة، ولا تطاولت على والدها، وانما طالبت بحقها الشرعي في العودة لزوجها وابنائها؛ ثالثا الخطيئة استهدفت المرأة والقانون والحق العام على اكثر من مستوى، اللجوء لسياسة الزجر والإملاء وإخضاعها للمنطق العشائري المتخلف، الاقدام على العنف وإرتكاب الجريمة عن سابق إصرار وتصميم، دفن القتيلة بطريقة مهينة وغير شرعية، السعي للتستر على الجريمة، وإخفائها لولا تدخل جهاز الأمن الوقائي وإكتشافه الجريمة بعد التحري والمتابعة؛ رابعا تسيد المنطق الذكوري المرفوض؛ خامسا حتى بالمنطق العشائري، ووفق العرف والعادة، يجري عادة تغليب خيار المصالحة على المعاداة؛ سادسا ووفق الدين الإسلامي، ان "ابغض الحلال هو الطلاق"، وبالتالي كان الأجدر بالوالد وابنائه إعادة ابنتهم لزوجها، الذي أقر بخطأ ارتكابه فعل الطلاق، واراد إعادة زوجته له ولإبنائهما، وضمنا اعترافه بخطأ إطلاق النار عليهم.
إذا كيفما قلبت اوجه الجريمة تجد الوالد إرتكب جريمته عن سابق تصميم وإصرار، ولم يحسن التصرف، واعماه تخلفه وبؤس تفكيره عن إختيار الطريق الأسلم والأنسب له ولإبنته وزوجها، ووقع في شر اعماله، وهو ما يستدعي من جهات الإختصاص محاكمة القاتل محاكمة تعيد الإعتبار لمكانة المرأة، وللتأكيد على أن المرأة كائن حي، مساو للرجل، ولها الحق كل الحق في التقرير بمصيرها وخيارها وحياتها ومستقبلها إسوة باشقائها وبالرجال عموما، ولتكن المحاكمة بمثابة الدرس والعبرة للمجتمع الذكوري العشائري المتخلف، ولتعميد دور ومكانة القانون العام كأساس ناظم للعلاقات بين ابناء المجتمع جميعا داخل الأسرة وخارجها، وفي مختلف مناحي الحياة. ولا يجوز ان تمر الجريمة البشعة دون عقاب صارم، حتى يكون عبرة لمن يعتبر. وحتى تتوقف جرائم القتل العبثية ضد النساء دون ادنى معايير الأخلاق والقيم والقانون والعدالة الإجتماعية.