واقع إسرائيل المنظور

بي دي ان |

24 مارس 2021 الساعة 07:24ص

أكتب هذة المقالة ظهيرة امس الثلاثاء الموافق 23/3 2021 وحركة التصويت في صناديق الإقتراع مازالت ضعيفة، ويشوبها الإنخفاض وعدم الحماس. بيد ان ذلك قد يتبدل في الفترة المسائية، وتزداد وتيرة الإقبال على الصناديق. لكني ساستبق نسبة التصويت الإجمالية، واذهب للإعتقاد، انها ستكون بسمة عامة ضعيفة في هذة الجولة من الإنتخابات، لإكثر من إعتبار، منها: اولا إستياء الشارعين الإسرائيلي الصهيوني والفلسطيني العربي من العملية الديمقراطية، ليس رفضا لها، ولكن رفضها يعود لإستسهال القوى والكتل في التصويت على حل الكنيست. لا سيما وان هذة هي الجولة الرابعة خلال اقل من عامين؛ ثانيا لتشتت وتمزق القوى والكتل المشاركة في الإنتخابات، والتي حصرت أخيرا ب37 قائمة، قد تتمثل 13 قائمة منها في الكنيست ال24؛ ثالثا رغم ميل الشارع الإسرائيلي الصهيوني لصالح نتنياهو الفاسد لتولي رئاسة الحكومة، الذي تمنحه استطلاعات الرأي نسبة تصل ل40%، غير ان نسبة تزيد على ال50% (56%) لا ترغب بتوليه رئاسة الحكومة لإكثر من إعتبار منها: الفساد المالي، والأخلاقي، والنرجسية المفرطة، وفشله في إدارة الحكم، وعدم تمكنه من معالجة ازمات الكورونا والإقتصاد، وضربه ركائز القضاء، وتحويل الدولة لحديقة خلفية لآل نتنياهو؛ رابعا عدم تمكن شخصية صهيونية من إقناع الشارع الإسرائيلي بإمكانية منافسة نتنياهو.
والنتيجة التي يمكن ان تفرزها عملية الإنتخابات ستكون مشوشة وضبابية، غير محددة المعالم. مع ان عدد مقاعد اليمين المتطرف في البرلمان قد تصل إلى 80 مقعدا. لكنها موزعة على قوى متنافسة ومتناقضة، ولا تقبل القسمة على شخصية كرزماتية مثل بيبي. والعديد من زعماء الكتل يفترض في نفسه الأهلية لمنافسة رئيس الحكومة الفاسد أمثال ساعر وبينت وقبلهم لبيد. لكن نتائج إستطلاعات الرأي اشارت إلى عدم تمكنهم من إستقطاب الشارع الصهيوني، بل العكس صحيح. وبالتالي لم يبقً في الميدان إلآ حميدان، اي ساكن شارع بلفور. لكنه حتى لو حصد نتنياهو 61 مقعدا، فلن يكون بمقدوره الحكم كما يجب، وسيكون على رأس حكومة هشة وضعيفة، ومعرضة للسقوط في كل لحظة. كما ان بدء محاكمته في نيسان / ابريل القادم لن يسمح له قيادة الحكومة وفق الأصول المرعية. لإن تواجده في المحكمة 3 مرات اسبوعيا سيكون على حساب الملفات الأساسية، وبخلاف ما سيبرز من ملفات جديدة، ومن ابرزها ملف محكمة الجنايات الدولية، والعلاقة مع إدارة بايدن، وإمكانية حدوث تطورات دراماتيكية على إحدى الجبهات الشمالية او الجنوبية، فضلا عن الأزمة الإقتصادية والكورونا والملف الإيراني .. إلخ
الواقع الإسرائيلي الماثل قبل الإنتخابات، وبعدها لا يوحي بإمكانية خروج دولة الإستعمار الإسرائيلية من الأزمة العميقة، التي تعيشها. لإنها أزمة تتجاوز شخص رئيس الحكومة الفاسد، وإن كان هو شخصيا منذ عامين وأكثر بات يرمز لها، ويعتبر خروجه من الحكم بالنسبة للعديد من القوى الصهيونية والفلسطينية في ال48 مفتاحا لفكفكة عناوينها. لكن الحقيقة ان جوهر الأزمة ليس كذلك، نعم نتنياهو وزوجته ساره العنوان الشكلي لها، لكن الأزمة اعمق من بقاء أو غياب الملك الفاسد، لانها مرتبطة ببنية المشروع الكولونيالي الصهيوني برمته، وبالتركيبة الإجتماعية والإثنية والدينية للمجتمع الإستعماري ذاته الآخذة بازدياد وحدة الإستقطاب والإستحواذ نتيجة صعود قوى اليمين المتطرف، وإتساع حضور ونفوذ اليهود الصهاينة الشرقيين ومعهم قطعان المستعمرين، وللصراع بين اليمين المتطرف ومعه الحريديين وما يسمى الصهيونية الدينية بن غفير وسموتيرتش الكهانيين الفاشيين والقوى الصهيونية العلمانية الليبرالية والمحسوبة شكلا على ما يسمى "اليسار، أو يسار الوسط (المركز)"، وقبل هذا وذاك الصراع القومي التاريخي مع الشعب العربي الفلسطيني.
خلاصة القول والتقدير السابق لإعلان النتائج النهائية لفرز الأصوات، ان اسرائيل ماضية بقوة نحو انتخابات خامسة، ولن تتمكن من الخروج من عنق الزجاجة، وامامها واحد من خيارين، لإن الإنتخابات الخامسة لن تخرجها من ازماتها، وبالتالي هناك ممر اجباري الذهاب للحرب على احدى الجبهات، أو إعادة الإعتبار لمكانة الدولة بمرتكزاتها الاساسية. والأخير لم يعد ممكنا في ظل سيطرة اليمين المتطرف والحريديين ومن لف لفهم من قطاع الطرق المستعمرين. وقادم الأيام وحده الكفيل بتقديم الجواب.
[email protected]
[email protected]