كيف قرأت ما خفي أعظم وما كشفه القسام؟

بي دي ان |

15 سبتمبر 2020 الساعة 05:38م

كشف كتائب القسام عن برنامجها التسليحي في برنامج ما خفي أعظم، يحمل دلالات القوة والمنعة وقدرتها على المواجهة من جهة، واستهانتها بالحراك السياسي القائم وحفلات التطبيع الغانجة، وما يصاحبها من دعاية سوداء لا تعبر عن نبض شعوب المنطقة من جهة أخرى. فمشهد الصواريخ التجريبية، ورجال التصنيع الحربي، وانتشال ما تحمل السفن الغارقة قبل قرن من الزمان، وإخراج ما تحتفظ به الرمال من مخلفات وأطنان قذائف رسم صورة حقيقية لشعبنا ومقاومته، وعزز المسار الطبيعي الذي ترنو إليه شعوب المنطقة، وعزز صورة معاكسة لما أراده نتنياهو من تسويق مشهد التطبيع العربي، ففي الوقت الذي يحتفى بالتوقيع على اتفاقية التطبيع مع الامارات، تسير ورش التصنيع، والتدريب والإعداد على قدم وساق في غزة، وتشد للمسجد الاقصى الرحال.

أهم ما لفتني بتحقيق الجزيرة الاستقصائي، تطور القدرات التفصيلية الميدانية التكتيكية الاستراتيجية لكتائب القسام، فنقف أمام منظومة متكاملة، تعرف كل جهة ما لها وما عليها، ويقوم كل تخصص بدوره بدقة ومهارة، وخلفهم عقل جامع يكامل الجهد، يجمعه بانسيابية ورؤية عسكرية متقدة.
 فكيف للمقاومة المحاصرة من اكتشاف سفينة غارقة في البحر منذ عقود؟ وكيف الوصول ومعاينتها، في ظل بحرية إسرائيلية متقدمة؟ والتعامل معها بمهنية وثبات انفعالي وتخطيط طويل الأمد، ومن ثم استخراج ما بقعرها ونقله لورش التصنيع ومختبرات التطوير، والاستفادة من كل مسمار وصاعق في السفينة، وإعادة تصنيعه وتحويله صواريخ ذات قدرة تدميرية عالية، كل ذلك والاحتلال إما أنه لا يدري وهذا نجاح استخباراي للمقاومة، أو يعلم ويراقب وعاجز عن الفعل في ظل تعزيز قواعد للاشتباك، وهذا تقدم ملموس للقسام، ودليل قدرة ردع نسبية، وتمنحه اكتساب مساحات عمل وتحرك، تؤهله للتوسع واكتساب المزيد منها مستقبلا. 

من المعروف أن المعركة الحقيقية بيننا وبين الاحتلال على امتلاك السلاح، والتمسك به، فقد نزع سلاح شعبنا في نكبة 48 فاحتلت فلسطين، ونزع في عام 82 فارتكبت المجازر وفرضت أوسلو.
ومن هنا تأتي استراتيجية كتائب القسام، في مراكمة القوة وتعزيز السلاح والتمسك به، وتطويره وتصنيعه ونشره، ففي أقل من عشر سنوات بين 2006_2014 خاضت حماس مع شعبنا الفلسطيني أربعة حروب مفتوحة، ومواجهات عسكرية لا تقوى عليها الجيوش الحديثة، بالإضافة لعشرات المواجهات العسكرية المحدودة، بهدف نزع سلاحها وتخليها عنه، وفي كل مرة تخرج أكثر إصرارا لتسليح شعبها  والاحتفاظ ببنادقها، والتمسك بمراكمة قوتها، وتطوير صناعتها، حتى بات قطاع غزة قلعة حصينة، ونواة صلبة يخشاها العدو.

لهذا يهرول نتنياهو للتطبيع هربا من واقع فلسطيني يزداد قوة يوما بعد يوم، ويشدد الحصار ويضيق على غزة حتى تتخلى عن سلاحها، وتفقد إرادتها للقتال،  ولسان الحال يقول كيف  لو فتحت لهم الدنيا، واستثمروا طاقتهم القصوى، وسهلت حركتهم في محيط عربي داعم؟! هنا نعرف سر المعادلة الحقيقية، كسر الحصار عن غزة أول منازل التحرير، إن رفع الحصار اقتربنا من قرع أبواب القدس.