ابو القيعان يحاكم القتلة

بي دي ان |

15 سبتمبر 2020 الساعة 11:34ص

الدولة الإسرائيلية الإستعمارية قامت وتشكلت على انقاض نكبة الشعب العربي الفلسطيني عام 1948، وواصلت وظيفتها لإستكمال عملية التطهير العرقي ضد ابناء الشعب الذين تجذروا في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، ومن بينهم سكان قرية ام الحيران في النقب، المستهدفة بالتدمير الكلي لإقامة تجمع استيطاني إستعماري على انقاضها، حيث قامت اجهزة الأمن والشرطة الإسرائيلية في ال18 كانون ثاني/ يناير 2017 بهدم 12 بيتا من بيوتها، و8 منشآت زراعية، فتصدى لهم سكانها مع عدد من ممثلي القائمة المشتركة، وعلى رأسهم رئيس القائمة، ايمن عودة الذي اصيب أثناء المواجهة. لكن الأخطر كان الإعدام بدم بارد للمربي الفاضل يعقوب ابو القيعان، الذي كان متجها لمدرسته وبسرعة 10 كيلو متر في الساعة.
ومع ذلك رفض مدير الشرطة آنذاك، روني الشيخ الإعتراف بالجريمة، وتواطأ معه النائب العام السابق، شاي نيتسان، وايضا نداف ارغمان، رئيس جهاز الشاباك، الذي امر مرؤوسه العميد المسؤول في الجهاز عن منطقة النقب بعدم الإدلاء بالحقائق، التي يعرفها، وتساوق مع الشيخ، ووجهوا الإتهام للإستاذ ابو القيعان، بانه "مرتبط مع داعش"، وإدعوا انه قام "بتنفيذ عمل إرهابي ضد رجل الشرطة"، وأغلقوا ملف التحقيق بالقضية في "ماحش"، وخرج في ذلك الوقت رئيس الوزراء الفاسد، بنيامين نتنياهو، وردد إتهامات الشيخ الكاذبة ضد الشهيد المربي، والذي اعدم بسبب هويته الفلسطينية العربية، وعلى خلفية عنصرية.
لكن عائلة الشهيد يعقوب، ومحامي الدفاع موشية كريف، ومركز عدالة، ولجنة مناهضة التعذيب بالإضافة للجنة المتابعة العربية العليا، واعضاء القائمة المشتركة جميعهم تابعوا القضية أولا لتبرئة الشهيد من التهمة الباطلة؛ ثانيا لفضح وتعرية أجهزة الأمن الإسرائيلية المتورطة في القضايا الثلاث ذات الصلة بعملية القتل الجبانة، الأولى إعدام الشهيد ابو القيعان بدم بارد؛ والثانية تزوير الحقائق، وتشويه صورة المربي الفاضل؛ والثالثة إغلاق ملف القضية كليا، والتهرب من عواقب الجريمة النكراء. ومن خلال المتابعة الحثيثة، تمكنوا من إعادة فتح الملف، وعلى أثر ذلك طلب وزير القضاء الإسرائيلي، آفي نيسانكورن يوم الأحد الماضي (12/9/2020) من مفوض ما يسمى "ديوان المظالم" القاضي دفيد روزين بفحص ما نشر مؤخرا بشأن أداء النيابة العامة، وقسم التحقيقات مع افراد الشرطة الإسرائيلية بشأن قضية ام الحيران وإستشهاد ابو القيعان بدون اي سبب. وقبل المفوض ذلك الطلب، وسيعمل على أجراء فحص كامل بشأن ما نشر في القضايا الثلاث المذكورة آنفا لمنع تبرئة المربي يعقوب من جريمة لم يرتكبها.
وعلى إثر ذلك، إعتذر رئيس الوزراء، نتنياهو عن الإتهام الباطل للشهيد، وهو ما رفضته العائلة، وهذا ما عبر عنه حسام ابن الشهيد في تصريح ادلى به لموقع "عرب 48"، وطالب باسم عائلته، وسكان القرية الفلسطينية، اولا ربط الإعتذار بوقف عملية الهدم التي تستهدف القرى الفلسطينية في النقب؛ ثانيا تقديم القتلة من رجال الشرطة للمحاكمة؛ ثالثا ملاحقة كل من حاول تضليل القانون بما في ذلك الشيخ وارغمان ويشاي؛ رابعا تقديم تعويض لعائلة المربي يعقوب مقدارها 20 مليون شيقل.
ولعل ما ساهم في كشف الحقائق، وإزالة عملية التزوير والتشويه المتعمدة ضد المربي ابو القيعان، هي إحتدام الخلافات بين أقطاب الأجهزة الأمنية مع رئيس الوزراء الفاسد، ورغبة كل منهم في تصفية حسابات مع الآخر، دون إغفال دورعائلة الشهيد، والجهات القانونية الداعمة والمؤيدة للحقيقة وبالإستناد للوثائق، ومن ثم إعترافات رجال الشرطة بالتورط في عملية القتل دون مبرر، ومن دون اية اسباب موجبة لها. لا سيما وان المربي لم يستهدفهم، وكان يسير بهدوء شديد.
النتيجة الجلية امام الجميع، ان الشهيد ابو القيعان تمكن بفضل جهود عائلته وكل المنظمات الحقوقية ذات الصلة ومحامي الدفاع من الشروع بمحاكمة القتلة، وبغض النظر عن شكل ومضمون المحاكمة، وقيمة التعويض،  إلآ إنه استطاع ان ينهض من قبره ويحاكمهم جميعا، ويحاكم الدولة الإستعمارية وسياسية التطهير العنصرية، والدفاع في ذات الوقت عن كل القرى الفلسطينية غير المعترف بها كأم العراقيب، وام الحيران وغيرها من قرى النقب البطلة، التي يواجه ابناءها عمليات القهر والتمييز العنصري بارادة فولاذية.
[email protected]
[email protected]