لا لفتح المعبر في اتجاه واحد

بي دي ان |

06 ديسمبر 2025 الساعة 02:12م

الكاتب
الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على مدار تاريخ الصراع، لم تلتزم يوما بأي اتفاق تم بينها وبين الدول العربية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وكانت دوما تختلق ذرائعها الانقلابية على المعاهدات والاتفاقات بما يخدم مصالحها وأهدافها الاستعمارية الاستراتيجية، ودحرجة مماطلاتها وتسويفها لتثبيت حقائق جديدة على الأرض، وتوسيع نفوذها وسطوتها واملاءاتها على العرب عموما والفلسطينيين خصوصا، المستهدفون الاساسيون من قادة الدولة الإسرائيلية اللقيطة بالنفي والتصفية والتهجير القسري رديف التطهير العرقي، وإزالتهم من الوجود، وفقا للشعار الصهيوني الناظم "ارض بلا شعب، لشعب بلا أرض"، إن استطاعوا لذلك سبيلا، وهو حلم وطموح مستحيل، او كما يقول المثل الشعبي "حلم ابليس بالجنة." لأن الشعب الفلسطيني متجذر في ترابه الوطني، والان (2025) عدد أبناء الشعب داخل حدود فلسطين التاريخية يفوق عدد الإسرائيليين الصهاينة بأكثر من 300 ألف فلسطيني.
وإذا توقفنا أمام خطة الرئيس دونالد ترمب، وقرار مجلس الامن الدولي 2803 المتعلق بها، ورد نصا واضحا بشأن فتح معبر رفح البري المصري الفلسطيني، وحرية حركة المواطنين الفلسطينيين في النقطة (4): "اتخاذ التدابير لتسير حركة الأشخاص دخولا وخروجا من غزة بما يتفق مع الخطة الشاملة." بتعبير جلي، يجب فتح المعابر الفلسطينية مع مصر والأردن وإسرائيل دون قيود على حركة الدخول والخروج من والى قطاع غزة.
لكن حكومة بنيامين نتنياهو أعلنت في الأسبوع الماضي مطلع الشهر الحالي كانون اول / ديسمبر 2025، عن فتح معبر رفح المصري الفلسطيني في اتجاه واحد، هو اتجاه الخروج والمغادرة وعدم عودة المواطنين الفلسطينيين الى بيوتهم ومخيماتهم ومدنهم، في استهداف واضح لتكريس هدف التهجير القسري لأبناء الشعب من وطنهم الام، في محاولة للالتفاف على الاتفاقية المبرمة وقرار مجلس الأمن الدولي، وعلى قيادة الشعب الفلسطيني والاشقاء المصريين، والتهرب من الالتزام بما تضمنه القرار الاممي، وفرض أجندتها الاستعمارية.
مما دفع الاشقاء المصريين أول أمس الخميس 4 ديسمبر الحالي، من التحذير لما يحمله الإعلان الإسرائيلي احادي الجانب، والمرفوض من العرب والعالم عموما والفلسطينيين والمصريين خصوصا، وجاء الموقف المصري قاطعا، حيث اعتبرت القيادة المصرية، أن فتح معبر رفح من طرف واحد خط أحمر، ويمس باتفاقية السلام. وشددوا على أن مصر ترفض الظهور كأنها تُسهل تهجير سكان غزة ضمن خطة ترمب للهجرة، ووفق القناة الإسرائيلية "12"، بدأت المواجهة المصرية الإسرائيلية، بعد اعلان إسرائيل أنه "وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار وتوجيهات القيادة السياسية، سيُفتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة لخروج سكان غزة فقط." وردا على ذلك، صرح ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات المصرية، نفى على الفور ما تضمنه التصريح الإسرائيلي، وأوضح أولا لا علم لمصر بأي اتفاق مع إسرائيل بهذا الشأن، وثانيا إذا كان سيفتح المعبر، فسيُفتح في كلا الاتجاهين." وعقب مسؤول إسرائيلي على غضب القاهرة بالقول "إذا لم يرغب المصريون في استيعابهم، فهذه مشكلتهم." ووفق الاتفاقية المبرمة والموافق عليها من الأطراف كافة، كان يجب فتح المعبر منذ مطلع تشرين اول / أكتوبر الماضي. لكن إسرائيل تذرعت برفض فتح المعبر، لأن حركة حماس لم تنفذ بعد كامل التزاماتها بموجب المرحلة الأولى من الاتفاق، وأشارت الجهات الإسرائيلية أن "فتح المعبر بالكامل، للدخول والخروج، لن يكون ممكنا الا بعد أن تعيد حماس جميع اسراها القتلى.
وكما يعلم الرأي العام الدولي الرسمي والأهلي، أن كافة الرهائن الإسرائيليين الاحياء والقتلى عادوا الى إسرائيل، باستثناء رفات احد الرهائن، وبالتالي ذريعة إسرائيل مردودة عليها، وتكشف عن استخفافها بالأميركيين والمصريين والضامنين الاخرين تركيا وقطر وقيادة منظمة التحرير والدولة والحكومة الفلسطينية، والعودة لمنطق اللعب على الكلمات، وتشتق معادلات خاصة بها، لا سيما وان الرئيس ترمب وأركان ادارته اعلنوا، أن البحث عن رفات القتلى الإسرائيليين يحتاج الى بعض الوقت، وهو ما يفرض على إسرائيل الشروع بدخول المرحلة الثانية التي تأخرت نحو شهرين، حيث كان يفترض ان تبدأ بعد أسبوع من الإعلان عن ابرام الاتفاق، وقبل صدور قرار مجلس الامن الدولي.
في مطلق الأحوال، لا مصر الشقيقة ولا القيادة الفلسطينية ولا الدول الضامنة تقبل بالذرائع الإسرائيلية الواهية والمفضوحة، ولزاما عليها (إسرائيل) فتح المعبر دون قيود وشروط لدخول وخروج أبناء القطاع من والى مصر وقتما يشاؤوا، والشروع بالمرحلة الثانية، وتولي الشرطة الفلسطينية مسؤولياتها في المعبر تحت قيادة واشراف اللجنة الإدارية التكنوقراطية الفلسطينية، لا سيما وان حركة حماس وفق المصادر الحمساوية والمصرية والقطرية والتركية وحتى الأميركية وافقت على تسليم سلاحها، وانسحابها من المشهد السياسي.
[email protected]
[email protected]