حماة المستعمرات والعربدة على الاشقاء

بي دي ان |

22 نوفمبر 2025 الساعة 02:16ص

الكاتب
تُصر حركة حماس على العبث والتخريب في الساحة الفلسطينية، وهذا هو دورها منذ أعلنت عن تأسيسها بعد اشتعال فتيل الانتفاضة الكبرى في كانون اول / ديسمبر 1987، وعمقته بعد نشوء السلطة الوطنية في النصف الأول من عام 1994، حيث حاولت فرض ازدواجية السلطة في 18/ 11/ 1994، مع قيامها بتفجير المتاجر والفنادق وسينما النصر في مدينة غزة ومهاجمة مجمع الأجهزة الأمنية في السرايا، أي بعد ستة شهور من وجود السلطة الوطنية الفلسطينية، وتوالت انتهاكاتها وعمليات التخريب لتبديد مكانة ودور السلطة الوطنية الوليدة، رغم التنازلات التي قدمتها قيادة السلطة وحركة فتح العمود الفقري للحركة الوطنية، التي توجت باتفاق مكة برعاية الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبد العزيز في شباط / فبراير 2007، وتم تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة إسماعيل هنية، رئيس كتلة حماس البرلمانية آنذاك، الا انها انقلبت على الاتفاق والحكومة، وسيطرت على قطاع غزة في 14 حزيران / يونيو من ذات العام بعد 4 شهور، ليس هذا فحسب، بل انها أدخلت الشعب في قطاع غزة بالتكامل مع دولة إسرائيل الاستعمارية في حروب متتالية منذ نهاية 2008 ومطلع 2009، ثم في عام 2012، و2014، و2019، و2021، وتوجت حروبها بطوفان الأقصى في السابع من تشرين أول / أكتوبر 2023، الحرب الوحشية الإسرائيلية التي استمرت عامين كاملين حتى التاسع من أيلول / سبتمبر 2025.
ومع طرح الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطته المعروفة بنقاطها العشرين، وافقت عليها حماس، وباركتها، وشاركت مع حلفائها من حركة الجهاد والجبهة الشعبية في مؤتمر شرم الشيخ، الذي اعتمد الخطة، ومع ذلك، بعدما صادقت 13 دولة عربية وإسلامية ودولية على قرار مجلس الامن الدولي 2803 في 17 تشرين ثاني / نوفمبر الحالي، خرجت ببياناتها المتكررة مع حلفائها ترفض القرار، وتطالب الدول العربية عموما ودولة الجزائر الشقيقة تحديدا برفض الموافقة على مشروع القرار، وبعد موافقة الجزائر على القرار هاجمتها مع مجموعة الفصائل المتساوقة معها، واتهتمها بما ليس فيها، وهي المعروفة بمواقفها الوطنية والقومية الصلبة دفاعا عن مصالح وحقوق الشعب العربي الفلسطيني، وكانت دولة المليون ونصف المليون شهيد الحاضن الأول لمكاتب حركة فتح، ثم منظمة التحرير الفلسطينية بعد تأسيسها في 1964، ولم تدخر يوما جهدا وموقفا ودعما سياسيا وديبلوماسيا وكفاحيا وماليا الا وقدمته للشعب الفلسطيني. ولا اريد استحضار مواقف قادة الجزائر التاريخيين من احمد بن بلا، الى هواري بومدين مرورا بكل الرؤساء حتى الرئيس الجزائري الحالي عبد المجيد تبون، الذين أكدوا بثبات عن دعمهم الكامل للشعب والقيادة الفلسطينية دون تردد.
ومن المفارقات الملفتة للانتباه، صرح موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة حماس عشية المصادقة على قرار مجلس الامن 2803، وتحديدا يوم الأربعاء 5 نوفمبر الحالي على قناة "الحدث العربية" يستجدي حكومة الائتلاف الحاكم بقيادة بنيامين نتنياهو بالمحافظة على دورها البوليسي لحماية المستعمرات الإسرائيلية على غلاف غزة، عندما قال "المستوطنات الإسرائيلية لن تكون آمنة إذا نزع سلاح حماس"، بتعبير آخر، حملت رسالته نصا واضحا للقيادة الإسرائيلية نحن من حمى ويحمى مستعمراتكم، واذا نزع سلاح حركة حماس، ستعم الفوضى، ولن يكون هناك من يحميها، الا نحن.
وتصريح أبو مرزوق عكس مجددا الدور السياسي والأمني الموكل لها في حماية المستعمرات والدولة الإسرائيلية، وتواطأت معها على مدار العقدين الماضيين من وجودها في الساحة الفلسطينية، وهي ذاتها من ساعد نتنياهو الصعود الى سدة الحكم في عام 1996، وساهمت بتعزيز دوره ودور اليمين الصهيوني المتطرف في التربع على كرسي الحكم خلال السنوات الطويلة الماضية لحكوماته الست، بوسائل وأساليب مختلفة، وحتى لا اتهم بالتجني على فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين، ليراجع الغارقين في أوهام "مقاومة" حركة حماس في المحطات المتوالية من سيطرتها على القطاع مرورا بدورها العبثي والوظيفي فيما آلت اليه الأمور على مدار السنوات 18 الماضية.
واضافة لبيان حماس والفصائل المتورطة معها، الذي هاجم الجزائر الشقيقة، صرح مصدر مسؤول في الحركة الاخوانية، معتبرا أن "الامة التي تخلت عن غزة في 7 أكتوبر وتركتها وحدها في مواجهة الحديد والنار، لن تنهض فجأة لمنع قرار أممي أو لإفشال خطة تمس ما تبقى من كرامة غزة." وأضاف منتقدا قبول الجزائر بخيارات دولية تهدف الى نزع سلاح المقاومة، قائلا "لقد أرادوا قوة دولية تنزع سلاح المقاومة، وكأنهم لا يفهمون أن نزع السلاح يعني إخراج الروح من الجسد." وهو يقصد إخراج حركة حماس من المشهد السياسي الفلسطيني عموما وقطاع غزة خصوصا. ولم يسأل نفسه ذلك المصدر، لماذا وافقت حركته على خطة ترمب؟ ولماذا شاركت في مؤتمر شرم الشيخ؟ ولماذا لم تهاجم حلفائها الذين وافقوا على القرار؟
وردا على هجوم حماس ومن معها من الفصائل، عقد وزير الخارجية الجزائري احمد عطاف مؤتمرا صحفيا، جاء فيه: أن "بيان الفصائل الفلسطينية مشبوه ومجهول المصدر (وهو يعلم ان مصدره جلي وواضح ومعروف الهوية لديه ولدينا) ونسقنا موقفنا مع الدول العربية والسلطة الفلسطينية، ومرجعيتنا منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية." وأوضح أن بلاده اعتمدت ثلاثة اعتبارات رئيسية في دعمها للقرار، تتعلق بأهدافه الجوهرية، والدوافع التي تقف خلفه، ومواقف الأطراف الإقليمية المؤثرة. وتابع القول، أن الجزائر ترى في المقترح خطوة ضرورية لترسيخ وقف إطلاق النار، وتوفير الحماية الدولية وتهيئة الظروف لإعادة اعمار غزة. وهذا ما أكد عليه أيضا ممثل الجزائر في الأمم المتحدة عمار بن جامع، ان بلاده دعمت القرار الذي يهدف الى وقف إطلاق النار بغزة وتهيئة الظروف للفلسطينيين لممارسة حقهم في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة.
باختصار شديد، معيب جدا تطاول حماة المستعمرات الإسرائيلية العربدة واتهام الاشقاء في الجزائر وغيرها من الدول العربية الذين ساهموا بشكل واضح في منع التهجير القسري من القطاع والضفة وأبرزهم مصر والأردن، والدور السعودي المميز في حمل راية استقلال الدولة الفلسطينية، وقيادة مؤتمر دولي مع فرنسا لدعم خيار حل الدولتين، وموقف الأمير محمد بن سلمان الواضح والجلي في زيارته الأخيرة الى واشنطن، التي بدأها يوم الثلاثاء الماضي 18 نوفمبر الحالي، الذي رفض التطبيع مع إسرائيل قبل التزامها باستحقاق استقلال الدولة الفلسطينية. لكن من يعرف سياسات حركة الاخوان المسلمين وفروعها في الوطن العربي والعالم الإسلامي، لم يفاجأ بمواقف فرعهم الفلسطيني، الذي يقول الشيء ونقيضه في آن للمحافظة على دوره التخريبي في الساحة الفلسطينية وتعطيل الوحدة الوطنية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية.
[email protected]
[email protected]