اللقاء المرتقب بين ويتكوف وخليل الحية: دروس من التاريخ الفلسطيني ونموذج طالبان
بي دي ان |
19 نوفمبر 2025 الساعة
09:52م
الكاتب
في خطوة تستحق التدقيق، من المتوقع أن يجتمع المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف بالقيادي البارز في حركة حماس، خليل الحية، في العاصمة التركية إسطنبول. هذا اللقاء، رغم تصنيف حماس رسميًا كمنظمة إرهابية، يحمل دلالات استراتيجية كبيرة على مستقبل وحدانية التمثيل الفلسطيني، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وحقوقه الوطنية المشروعة.
الحدث يعيد إلى الأذهان تجربة الولايات المتحدة مع حركة طالبان في أفغانستان، ويستدعي مراجعة التاريخ الفلسطيني منذ خمسينات القرن الماضي، خصوصًا الانقسامات السياسية التي شهدها المجلسان الفلسطينيان والمواقف المعارضة بين النشاشيبي والحسيني ، والتي أسهمت في تراجع القضية الفلسطينية وضياع الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني
1. النموذج الأمريكي – طالبان: اعتراف واقعي بالواقع
تاريخيًا، اعتمدت الولايات المتحدة استراتيجية مشابهة في أفغانستان:
قنوات اتصال مباشرة مع طالبان في الدوحة، رغم تصنيفها كحركة إرهابية.
المفاوضات أفضت إلى اتفاق سياسي أسفر عن انسحاب القوات الأمريكية وتسليم السلطة لطالبان، كاعتراف بوجود قوة أمر واقع لا يمكن تجاوزها.
الهدف كان تحقيق استقرار مرحلي رغم الانتقادات الداخلية والخارجية، لكنه مثل اعترافًا ضمنيًا بالتحكم الفعلي للطرف المتحكم بالأرض.
اللقاء المرتقب بين ويتكوف والحية يعكس نهجًا مشابهًا، حيث تحاول الإدارة الأمريكية فتح خط اتصال مباشر مع حماس، تمهيدًا لأي ترتيبات مستقبلية في غزة، وربما لتمرير مشاريع دولية مثل القرار 2803 لوضع القطاع تحت إدارة دولية مؤقتة، بما يعيد تشكيل المشهد السياسي الفلسطيني.
2. دروس من التاريخ الفلسطيني: انقسام الخمسينات والمجلسان
في خمسينات القرن الماضي، شهدت القضية الفلسطينية مرحلة حرجة من الانقسام الداخلي:
1. المجلس الوطني الفلسطيني والمجلس التنفيذي لمنظمة التحرير:
تأسست هذه المؤسسات لإدارة التمثيل الفلسطيني وتنظيم النضال السياسي، لكنها سرعان ما واجهت اختلافات عميقة بين الفصائل والأحزاب.
2. المعارضون التاريخيون مثل النشاشيبي والحسيني:
هؤلاء الممثلون تاريخيا والفصائل المعارضة للمسار الرسمي، عملوا أحيانًا خارج المجلسين، مما أدى إلى ضعف التنسيق السياسي وفقدان الوحدة الوطنية.
3. تداعيات الانقسام:
فقدان السيطرة على مسار القضية الفلسطينية في المحافل الدولية.
ضياع الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حق تقرير المصير وإقامة الدولة.
فتح الباب للتدخلات الإقليمية والدولية، التي أعادت تشكيل القرار الفلسطيني وفق مصالح خارجية، على حساب شرعية المنظمة والسلطة.
اللقاء المرتقب بين ويتكوف والحية، إذا جرى خارج المرجعيات الفلسطينية الرسمية وبدون التنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الوطنية، قد يمثل تكرارًا لهذا الانقسام التاريخي، ويهدد وحدانية التمثيل الفلسطيني ويضعف قدرة الفلسطينيين على الدفاع عن حقوقهم الوطنية المشروعة.
3. الغضب الإسرائيلي والضغط الأمريكي
تسود حالة من الغضب داخل المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية بسبب اللقاء المرتقب، وذلك لعدة أسباب:
الاعتراف الضمني بحماس كطرف تفاوضي، ما يصعب على إسرائيل فرض شروطها للمرحلة الانتقالية في غزة، بما يشمل نزع السلاح، وإنهاء حكم الحركة
تهديد مشروع فصل غزة عن الضفة الغربية، حيث قد يفرض التعامل الدولي مع حماس وحدة سياسية جديدة، تعيد القضية الفلسطينية إلى الصدارة الدولية.
رفع سقف التفاوض الدولي لحماس، ما يقلل من نفوذ السلطة الفلسطينية، ويضعف وحدانية التمثيل.
في المقابل، تمثل سياسة واشنطن في إبقاء منظمة التحرير على قائمة الإرهاب الأمريكية وإغلاق مكتبها في واشنطن، استمرارًا لضغوط على القيادة الفلسطينية، وتهيئة الأرضية للتعامل المباشر مع قوى أخرى خارج المرجعيات الرسمية.
4. الدور التركي: وسيط إقليمي أم لاعب رئيسي؟
تركيا تتحرك ليس كمكان للقاء فحسب، بل كطرف إقليمي يسعى إلى:
تمكين حماس من موقع تفاوضي دولي على اعتبار أن أردوغان يعتبر الزعيم الدولي لحركة الإخوان المسلمين
تعزيز نفوذها الإقليمي في القضية الفلسطينية، خصوصًا بعد تراجع الدور العربي التقليدي.
وهذا يعكس تكرار النمط التاريخي لتدخل القوى الإقليمية والدولية في الشأن الفلسطيني، وهو ما أدى في الماضي إلى استنساخ الانقسامات وتقويض وحدانية التمثيل.
5. تداعيات على الحقوق الوطنية وحق تقرير المصير
اللقاء المرتقب يحمل مخاطر استراتيجية على:
1. وحدانية التمثيل الفلسطيني: فتح قنوات تفاوضية مع حماس دون الرجوع لمنظمة التحرير يعيد إنتاج تعددية الممثلين.
2. استقلال القرار الوطني: أي إدارة دولية على غزة تقلل من قدرة الفلسطينيين على اتخاذ قراراتهم السيادية.
3. استنساخ الانقسامات التاريخية بين الضفة وقطاع غزة، كما حدث مع المجلسين والمعارضين في خمسينات القرن الماضي.
4. ضعف الدفاع عن الحقوق الوطنية المشروعة: مثل حق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وحق العودة
وحقيقة القول فإن لقاء ويتكوف والحية في إسطنبول ليس مجرد اجتماع دبلوماسي، بل مرحلة مفصلية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تحمل في طياتها:
اختبار وحدانية التمثيل الفلسطيني وإمكانية استنساخ الانقسامات التاريخية.
تمهيدًا لمشاريع دولية لإدارة غزة بشكل مؤقت، بما قد يقوض استقلال القرار الفلسطيني.
ضغطًا على القيادة الفلسطينية لقبول ترتيبات قد تهدد الحقوق الوطنية وحق تقرير المصير.
يبقى على القيادة الفلسطينية ومرجعياتها الوطنية التأكيد على التمثيل الشرعي الموحد، ورفض أي ترتيبات تهدد وحدانية التمثيل الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، لتجنب تكرار أخطاء التاريخ التي أضاعت على الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية مع ضرورة فتح حوار وطني فلسطيني على قاعدة الشراكة الوطنية والتعددية السياسية تحت إطار منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
بي دي ان |
19 نوفمبر 2025 الساعة 09:52م
الحدث يعيد إلى الأذهان تجربة الولايات المتحدة مع حركة طالبان في أفغانستان، ويستدعي مراجعة التاريخ الفلسطيني منذ خمسينات القرن الماضي، خصوصًا الانقسامات السياسية التي شهدها المجلسان الفلسطينيان والمواقف المعارضة بين النشاشيبي والحسيني ، والتي أسهمت في تراجع القضية الفلسطينية وضياع الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني
1. النموذج الأمريكي – طالبان: اعتراف واقعي بالواقع
تاريخيًا، اعتمدت الولايات المتحدة استراتيجية مشابهة في أفغانستان:
قنوات اتصال مباشرة مع طالبان في الدوحة، رغم تصنيفها كحركة إرهابية.
المفاوضات أفضت إلى اتفاق سياسي أسفر عن انسحاب القوات الأمريكية وتسليم السلطة لطالبان، كاعتراف بوجود قوة أمر واقع لا يمكن تجاوزها.
الهدف كان تحقيق استقرار مرحلي رغم الانتقادات الداخلية والخارجية، لكنه مثل اعترافًا ضمنيًا بالتحكم الفعلي للطرف المتحكم بالأرض.
اللقاء المرتقب بين ويتكوف والحية يعكس نهجًا مشابهًا، حيث تحاول الإدارة الأمريكية فتح خط اتصال مباشر مع حماس، تمهيدًا لأي ترتيبات مستقبلية في غزة، وربما لتمرير مشاريع دولية مثل القرار 2803 لوضع القطاع تحت إدارة دولية مؤقتة، بما يعيد تشكيل المشهد السياسي الفلسطيني.
2. دروس من التاريخ الفلسطيني: انقسام الخمسينات والمجلسان
في خمسينات القرن الماضي، شهدت القضية الفلسطينية مرحلة حرجة من الانقسام الداخلي:
1. المجلس الوطني الفلسطيني والمجلس التنفيذي لمنظمة التحرير:
تأسست هذه المؤسسات لإدارة التمثيل الفلسطيني وتنظيم النضال السياسي، لكنها سرعان ما واجهت اختلافات عميقة بين الفصائل والأحزاب.
2. المعارضون التاريخيون مثل النشاشيبي والحسيني:
هؤلاء الممثلون تاريخيا والفصائل المعارضة للمسار الرسمي، عملوا أحيانًا خارج المجلسين، مما أدى إلى ضعف التنسيق السياسي وفقدان الوحدة الوطنية.
3. تداعيات الانقسام:
فقدان السيطرة على مسار القضية الفلسطينية في المحافل الدولية.
ضياع الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حق تقرير المصير وإقامة الدولة.
فتح الباب للتدخلات الإقليمية والدولية، التي أعادت تشكيل القرار الفلسطيني وفق مصالح خارجية، على حساب شرعية المنظمة والسلطة.
اللقاء المرتقب بين ويتكوف والحية، إذا جرى خارج المرجعيات الفلسطينية الرسمية وبدون التنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الوطنية، قد يمثل تكرارًا لهذا الانقسام التاريخي، ويهدد وحدانية التمثيل الفلسطيني ويضعف قدرة الفلسطينيين على الدفاع عن حقوقهم الوطنية المشروعة.
3. الغضب الإسرائيلي والضغط الأمريكي
تسود حالة من الغضب داخل المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية بسبب اللقاء المرتقب، وذلك لعدة أسباب:
الاعتراف الضمني بحماس كطرف تفاوضي، ما يصعب على إسرائيل فرض شروطها للمرحلة الانتقالية في غزة، بما يشمل نزع السلاح، وإنهاء حكم الحركة
تهديد مشروع فصل غزة عن الضفة الغربية، حيث قد يفرض التعامل الدولي مع حماس وحدة سياسية جديدة، تعيد القضية الفلسطينية إلى الصدارة الدولية.
رفع سقف التفاوض الدولي لحماس، ما يقلل من نفوذ السلطة الفلسطينية، ويضعف وحدانية التمثيل.
في المقابل، تمثل سياسة واشنطن في إبقاء منظمة التحرير على قائمة الإرهاب الأمريكية وإغلاق مكتبها في واشنطن، استمرارًا لضغوط على القيادة الفلسطينية، وتهيئة الأرضية للتعامل المباشر مع قوى أخرى خارج المرجعيات الرسمية.
4. الدور التركي: وسيط إقليمي أم لاعب رئيسي؟
تركيا تتحرك ليس كمكان للقاء فحسب، بل كطرف إقليمي يسعى إلى:
تمكين حماس من موقع تفاوضي دولي على اعتبار أن أردوغان يعتبر الزعيم الدولي لحركة الإخوان المسلمين
تعزيز نفوذها الإقليمي في القضية الفلسطينية، خصوصًا بعد تراجع الدور العربي التقليدي.
وهذا يعكس تكرار النمط التاريخي لتدخل القوى الإقليمية والدولية في الشأن الفلسطيني، وهو ما أدى في الماضي إلى استنساخ الانقسامات وتقويض وحدانية التمثيل.
5. تداعيات على الحقوق الوطنية وحق تقرير المصير
اللقاء المرتقب يحمل مخاطر استراتيجية على:
1. وحدانية التمثيل الفلسطيني: فتح قنوات تفاوضية مع حماس دون الرجوع لمنظمة التحرير يعيد إنتاج تعددية الممثلين.
2. استقلال القرار الوطني: أي إدارة دولية على غزة تقلل من قدرة الفلسطينيين على اتخاذ قراراتهم السيادية.
3. استنساخ الانقسامات التاريخية بين الضفة وقطاع غزة، كما حدث مع المجلسين والمعارضين في خمسينات القرن الماضي.
4. ضعف الدفاع عن الحقوق الوطنية المشروعة: مثل حق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وحق العودة
وحقيقة القول فإن لقاء ويتكوف والحية في إسطنبول ليس مجرد اجتماع دبلوماسي، بل مرحلة مفصلية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تحمل في طياتها:
اختبار وحدانية التمثيل الفلسطيني وإمكانية استنساخ الانقسامات التاريخية.
تمهيدًا لمشاريع دولية لإدارة غزة بشكل مؤقت، بما قد يقوض استقلال القرار الفلسطيني.
ضغطًا على القيادة الفلسطينية لقبول ترتيبات قد تهدد الحقوق الوطنية وحق تقرير المصير.
يبقى على القيادة الفلسطينية ومرجعياتها الوطنية التأكيد على التمثيل الشرعي الموحد، ورفض أي ترتيبات تهدد وحدانية التمثيل الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، لتجنب تكرار أخطاء التاريخ التي أضاعت على الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية مع ضرورة فتح حوار وطني فلسطيني على قاعدة الشراكة الوطنية والتعددية السياسية تحت إطار منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.