الوصاية الأمريكية: نوفمبر والنكسات الثلاثة … !!!
بي دي ان |
19 نوفمبر 2025 الساعة
02:26م
المشرف العام
وكأنه قدر على الفلسطينيين أن يكون نوفمبر شهر النكبات وتوالي التقسيمات وتثبيت قواعد الاحتلال (إسرائيلي، أمريكي) على أرض غزة التي لم تهنأ على مدار عقود.
وبعدما كان السعي وتم بالفعل اعترافاً دوليا من (159) دولة تم اعترافها بدولة فلسطينية، تأتي خطة ترامب على خلفية أحداث السابع من أكتوبر لتعيد فلسطين وشعبها إلى نقطة الصفر بل وما قبل الإنجاز الأول.
إن اعتماد مجلس الأمن الدولي، يوم أمس 17/ نوفمبر الجاري، خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخاصة بقطاع غزة (دون الضفة الغربية)، والذي يدعم مبادرة ترامب "للسلام" في قطاع غزة بتصويت ساحق حيث صوت لصالح القرار 13 دولة من أصل 15،وامتناع روسيا والصين عن التصويت واللتين أكّدتا أن القرار لا يشير صراحة إلى قيام دولة فلسطينية ولا يعطي الفلسطينيون حق تقرير مصيرهم بشكل واضح.
القرار الذي وقعت عليه دول غربية وعربية في شرم الشيخ بتاريخ 9 أكتوبر الماضي ووافقت عليه حركة حماس، والفصائل الفلسطينية، والذي ينص بشكل واضح وصريح في إحدى بنوده على نزع السلاح في قطاع غزة وتدمير البنية التحتية (للإرهاب) ولربما الإشارة إلى المقاومة على أنها ارهاب أخطر من موضوع نزع السلاح ذاته، فقد تكون للمرة الأولى التي يقال عن المقاومة في مجلس الأمن (إرهاب) ، وعلى الرغم من موافقة حماس والفصائل الفلسطينية، إلا أنها تسابقت قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن بيومين لإدانة الخطة الأميركية ورفضها وكأنها تراها للتو.
لاشك أن الخطة الأميركية جاءت نتاج تخطيط قديم مرتبط بالسابع من أكتوبر وهذا ما أدلى به كوشنير لإحدى القنوات الأمريكية: إننا نعد على مدار عامين خطة إعمار غزة والدور الأمريكي المناط بها.
بالتالي فإن مخطط سرقة بحر غزة وما يكتنزه من غاز مازال - بنظري المحرك الأساسي لخطة ترامب نحو غزة وقد يتضح تنفيذ المخطط لاحقاً، فلا يوجد احتلال بريء، وأميركا الراعي الأساسي لحرب الإبادة على غزة لن تكون يوماً الأم الحنون لها.
لقد عززت خطة ترامب الذي يترأس مجلس السلام بها (رأس هرم الهيكل) المهيمن على غزة، عززت فصل الضفة عن غزة ومزقت وحدة الجغرافيا الفلسطينية بين غزة والضفة التي وضعت حماس مسمار نعشها الأول، كما وضعته في نعش وحدة النظام السياسي في ذات الوقت.
نعم إن خطة ترامب لسلام مزعوم فيها تقليص كبير جدا وربما غياب لدور السلطة الفلسطينية، وإزاحة مفهوم وفكرة الدولة الفلسطينية عن المشهد، بعد تسونامي الإعترافات التي حظيت به فلسطين خلال حرب الإبادة.
في الخطة لا نعلم أي هوية ستهيمن على غزة، هل ستحافظ على الهوية الوطنية الفلسطينية، أم سيسعى الأمريكان لفرض فكر وثقافة أخرى، ولا أستبعد محاولة دس (الإبراهيمية) في المحتوى الثقافي والمعرفي الذي سوف يحاول أهل الوصاية الجدد فرضه على المواطنين بحجة محو ثقافة (الإرهاب) على حد زعمهم.
إن الخطة الترامبية لا تلبي الحد الأدنى من طموح الشعب الفلسطيني، لكنها الحرب وتداعياتها التي لم تترك مجالا للمكلومين والمنكوبين في غزة إلا الموافقة على هذه الخطة التي تعتبر بجوهرها إحتلالا ووصاية أمريكية بلا أدنى شك.
فالمنكوبين بغزة بفعل الحرب، ليس أمامهم سوا النجاة من الجحيم ووقف المقتلة، وإن كانوا بلا استشارة أو سلطة على ما تم فرضه عليهم وهم أصحاب الشأن، فالحكم والقرار للقوي الجائر وليس لصاحب الحق الضعيف، وما أضعفنا نحن وما اقترفناه بأيدينا من تقصدنا لغياب الديمقراطية وحرية الرأي، وعدم غربلة مؤسساتنا العطشى للإصلاح من باب مصلحة الشعب والوطن وليس من باب تنفيذ ما تشترطه القوى الدولية (أميركا والغرب)، وكذلك الإنقلاب المشين الذي نفذته حركة حماس والذي قسم ظهر الوحدة الوطنية وضرب النظام السياسي الفلسطيني بمقتل، في مقامرة محسوبة لصالح الحزب على حساب فلسطين والشعب وفوق جثث آلاف الشهداء على مدار القضية الفلسطينية.
نعم الجميع مشارك بالخطيئة لكن كل بقدر، ودون أي اعتبار لما خسرته فلسطين على كل الأصعدة.
قد يشيع الفلسطينيون كل ما تم إنجازه نحو تجسيد الدولة الفلسطينية بعد الهيمنة الأمريكية التي تم التوقيع عليها، ولا نعلم إذا كان سيرتفع فيما بعد علم فلسطين عاليا ونشيد السلام الوطني، وهل سيبقى الجندي المجهول غائباً عن ساحته وسط مدينة غزة، أم سيعود من جديد ؟!
لقد تقصد الاحتلال تدمير الرموز والمؤسسات السيادية بغزة، وهدم المواقع الأثرية وسرقة الآثار تمهيداً لغزة الجديدة التي يكتنف تفاصيلها وملامحها الكثير من الغموض، ومع ذلك يبقى عزاءنا في بقاء الفلسطينيين على أرضهم وعلى ساحل بحرهم، وهذا سيكون سر بقاء الأرض في حضن أهلها والعكس.
ويبقى السؤال الأهم: من سيعيد تقييم المرحلة وتحليل المشهد كما ينبغي، ومن سيعيد غزة إلى السيادة الفلسطينية من جديد ؟! فمن ارتكب الخطايا لا يجوز له إقامة الصلاة في محراب المدينة.
بعد ضياع غزة وفصلها عن الوطن، وإن كان هنالك إعمار على أهميته، تبقى العيون على الضفة الغربية التي ربما تشهد العديد من الإشتباكات وزيادة الاستيطان والضم وإعطاء فتيان التلال مساحات أكبر للإعتداء على المواطنين. أعتقد ستكون الهجمة على الضفة أكبر، لتحقيق الحلم الإسرائيلي بضم الضفة، والعمل على كسر شوكة المواطنين لحشرهم بزاوية التهجير أو تدمير الضفة على غرار غزة، لا قدر الله.
لا شك أن السياسة التي اتّبعتها القيادة الفلسطينية تجاه الاحتلال لن تأتي أكلها، بالتالي عليها لملمة البيت الفلسطيني وتغيير استراتيجة التعامل مع الاحتلال وقبل كل ذلك حماية المواطنين من فتيان التلال وقطعان المستوطنين وهذا أضعف الإيمان.
في ذات السياق لأول مرة تطلب أمريكا فتح مسار مباشر مع حركة حماس، يبدو أن هناك من يتم ترويضه خاصة أن حماس الخارج اعتادت على رفاهية العيش ومازالت أناملهم ملساء، بالتالي قد يصلحون من وجهة نظر أمريكية لمرحلة قادمة، خاصة بعد وعد أمريكي لأردوغان بعودة حماس بعد خمس سنوات.
فهل نعي الخطورة البالغة التي تعيشها القضية الفلسطينية، أم سيبقى كل منا في وهم اصطنعه لنفسه في لحظة استسلام لقوى الشر ومجاراة المفروض علينا ؟!
أعتقد إن لم ننهض جميعنا بعنفوان، فإننا سنسقط سقوطاً مدوياً.
بي دي ان |
19 نوفمبر 2025 الساعة 02:26م
وبعدما كان السعي وتم بالفعل اعترافاً دوليا من (159) دولة تم اعترافها بدولة فلسطينية، تأتي خطة ترامب على خلفية أحداث السابع من أكتوبر لتعيد فلسطين وشعبها إلى نقطة الصفر بل وما قبل الإنجاز الأول.
إن اعتماد مجلس الأمن الدولي، يوم أمس 17/ نوفمبر الجاري، خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخاصة بقطاع غزة (دون الضفة الغربية)، والذي يدعم مبادرة ترامب "للسلام" في قطاع غزة بتصويت ساحق حيث صوت لصالح القرار 13 دولة من أصل 15،وامتناع روسيا والصين عن التصويت واللتين أكّدتا أن القرار لا يشير صراحة إلى قيام دولة فلسطينية ولا يعطي الفلسطينيون حق تقرير مصيرهم بشكل واضح.
القرار الذي وقعت عليه دول غربية وعربية في شرم الشيخ بتاريخ 9 أكتوبر الماضي ووافقت عليه حركة حماس، والفصائل الفلسطينية، والذي ينص بشكل واضح وصريح في إحدى بنوده على نزع السلاح في قطاع غزة وتدمير البنية التحتية (للإرهاب) ولربما الإشارة إلى المقاومة على أنها ارهاب أخطر من موضوع نزع السلاح ذاته، فقد تكون للمرة الأولى التي يقال عن المقاومة في مجلس الأمن (إرهاب) ، وعلى الرغم من موافقة حماس والفصائل الفلسطينية، إلا أنها تسابقت قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن بيومين لإدانة الخطة الأميركية ورفضها وكأنها تراها للتو.
لاشك أن الخطة الأميركية جاءت نتاج تخطيط قديم مرتبط بالسابع من أكتوبر وهذا ما أدلى به كوشنير لإحدى القنوات الأمريكية: إننا نعد على مدار عامين خطة إعمار غزة والدور الأمريكي المناط بها.
بالتالي فإن مخطط سرقة بحر غزة وما يكتنزه من غاز مازال - بنظري المحرك الأساسي لخطة ترامب نحو غزة وقد يتضح تنفيذ المخطط لاحقاً، فلا يوجد احتلال بريء، وأميركا الراعي الأساسي لحرب الإبادة على غزة لن تكون يوماً الأم الحنون لها.
لقد عززت خطة ترامب الذي يترأس مجلس السلام بها (رأس هرم الهيكل) المهيمن على غزة، عززت فصل الضفة عن غزة ومزقت وحدة الجغرافيا الفلسطينية بين غزة والضفة التي وضعت حماس مسمار نعشها الأول، كما وضعته في نعش وحدة النظام السياسي في ذات الوقت.
نعم إن خطة ترامب لسلام مزعوم فيها تقليص كبير جدا وربما غياب لدور السلطة الفلسطينية، وإزاحة مفهوم وفكرة الدولة الفلسطينية عن المشهد، بعد تسونامي الإعترافات التي حظيت به فلسطين خلال حرب الإبادة.
في الخطة لا نعلم أي هوية ستهيمن على غزة، هل ستحافظ على الهوية الوطنية الفلسطينية، أم سيسعى الأمريكان لفرض فكر وثقافة أخرى، ولا أستبعد محاولة دس (الإبراهيمية) في المحتوى الثقافي والمعرفي الذي سوف يحاول أهل الوصاية الجدد فرضه على المواطنين بحجة محو ثقافة (الإرهاب) على حد زعمهم.
إن الخطة الترامبية لا تلبي الحد الأدنى من طموح الشعب الفلسطيني، لكنها الحرب وتداعياتها التي لم تترك مجالا للمكلومين والمنكوبين في غزة إلا الموافقة على هذه الخطة التي تعتبر بجوهرها إحتلالا ووصاية أمريكية بلا أدنى شك.
فالمنكوبين بغزة بفعل الحرب، ليس أمامهم سوا النجاة من الجحيم ووقف المقتلة، وإن كانوا بلا استشارة أو سلطة على ما تم فرضه عليهم وهم أصحاب الشأن، فالحكم والقرار للقوي الجائر وليس لصاحب الحق الضعيف، وما أضعفنا نحن وما اقترفناه بأيدينا من تقصدنا لغياب الديمقراطية وحرية الرأي، وعدم غربلة مؤسساتنا العطشى للإصلاح من باب مصلحة الشعب والوطن وليس من باب تنفيذ ما تشترطه القوى الدولية (أميركا والغرب)، وكذلك الإنقلاب المشين الذي نفذته حركة حماس والذي قسم ظهر الوحدة الوطنية وضرب النظام السياسي الفلسطيني بمقتل، في مقامرة محسوبة لصالح الحزب على حساب فلسطين والشعب وفوق جثث آلاف الشهداء على مدار القضية الفلسطينية.
نعم الجميع مشارك بالخطيئة لكن كل بقدر، ودون أي اعتبار لما خسرته فلسطين على كل الأصعدة.
قد يشيع الفلسطينيون كل ما تم إنجازه نحو تجسيد الدولة الفلسطينية بعد الهيمنة الأمريكية التي تم التوقيع عليها، ولا نعلم إذا كان سيرتفع فيما بعد علم فلسطين عاليا ونشيد السلام الوطني، وهل سيبقى الجندي المجهول غائباً عن ساحته وسط مدينة غزة، أم سيعود من جديد ؟!
لقد تقصد الاحتلال تدمير الرموز والمؤسسات السيادية بغزة، وهدم المواقع الأثرية وسرقة الآثار تمهيداً لغزة الجديدة التي يكتنف تفاصيلها وملامحها الكثير من الغموض، ومع ذلك يبقى عزاءنا في بقاء الفلسطينيين على أرضهم وعلى ساحل بحرهم، وهذا سيكون سر بقاء الأرض في حضن أهلها والعكس.
ويبقى السؤال الأهم: من سيعيد تقييم المرحلة وتحليل المشهد كما ينبغي، ومن سيعيد غزة إلى السيادة الفلسطينية من جديد ؟! فمن ارتكب الخطايا لا يجوز له إقامة الصلاة في محراب المدينة.
بعد ضياع غزة وفصلها عن الوطن، وإن كان هنالك إعمار على أهميته، تبقى العيون على الضفة الغربية التي ربما تشهد العديد من الإشتباكات وزيادة الاستيطان والضم وإعطاء فتيان التلال مساحات أكبر للإعتداء على المواطنين. أعتقد ستكون الهجمة على الضفة أكبر، لتحقيق الحلم الإسرائيلي بضم الضفة، والعمل على كسر شوكة المواطنين لحشرهم بزاوية التهجير أو تدمير الضفة على غرار غزة، لا قدر الله.
لا شك أن السياسة التي اتّبعتها القيادة الفلسطينية تجاه الاحتلال لن تأتي أكلها، بالتالي عليها لملمة البيت الفلسطيني وتغيير استراتيجة التعامل مع الاحتلال وقبل كل ذلك حماية المواطنين من فتيان التلال وقطعان المستوطنين وهذا أضعف الإيمان.
في ذات السياق لأول مرة تطلب أمريكا فتح مسار مباشر مع حركة حماس، يبدو أن هناك من يتم ترويضه خاصة أن حماس الخارج اعتادت على رفاهية العيش ومازالت أناملهم ملساء، بالتالي قد يصلحون من وجهة نظر أمريكية لمرحلة قادمة، خاصة بعد وعد أمريكي لأردوغان بعودة حماس بعد خمس سنوات.
فهل نعي الخطورة البالغة التي تعيشها القضية الفلسطينية، أم سيبقى كل منا في وهم اصطنعه لنفسه في لحظة استسلام لقوى الشر ومجاراة المفروض علينا ؟!
أعتقد إن لم ننهض جميعنا بعنفوان، فإننا سنسقط سقوطاً مدوياً.