تهجير الغزيين تحت غطاء "العمل الإنساني": جمعية إسرائيلية تستغل أزمة الحرب
بي دي ان |
17 نوفمبر 2025 الساعة
12:17م
الكاتب
المحامي علي أبو حبلة
في ظل الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، ظهرت أزمة إنسانية خانقة، شملت انقطاع الكهرباء والماء والغذاء، والتشريد الداخلي للسكان المدنيين. في الوقت نفسه، استغلت جهات خارجية هذه الظروف لممارسة عمليات تهجير منظمة، غالبًا تحت شعارات إنسانية، مستهدفة المدنيين في وضعهم الأكثر هشاشة.
أحدث هذه العمليات، وفق تقرير صحيفة "هآرتس"، نفذتها جمعية إسرائيلية تحمل اسم "المجد"، التي قامت بتهجير مئات الغزيين إلى وجهات متعددة حول العالم، مستغلة حاجتهم الملحّة لمغادرة القطاع. التحقيقات أشارت إلى أن الجمعية تعمل بشكل غير رسمي، مستغلة الثغرات القانونية والإدارية، ما يعرض المدنيين لمخاطر مباشرة على حياتهم وحقوقهم.
كيف تعمل الجمعية؟
تتم العملية وفق آلية محددة:
يقدّم الغزيون الراغبون في المغادرة بياناتهم عبر موقع الجمعية الإلكتروني.
بعد الموافقة المبدئية، يطلب من كل مرشح تحويل مبلغ مالي يتراوح بين 1,500 و2,700 دولار أمريكي.
يُضاف المرشح إلى مجموعة "واتساب" لتلقي التحديثات والتعليمات المتعلقة بالرحلة، وغالبًا من أرقام إسرائيلية.
تُنقل المجموعات عبر حافلات إلى معبر "كرم أبو سالم"، ثم إلى مطار "رامون" أو مطارات أخرى، لتستقل طائرات مستأجرة تتجه إلى وجهات غير معلومة للركاب غالبًا.
المجموعة الأخيرة، التي ضمّت 153 غزيًا، سافرت إلى نيروبي على متن طائرة مستأجرة، ثم إلى جوهانسبورغ بجنوب إفريقيا. ولم يُقدَّم للركاب طعام أو ماء أثناء انتظارهم، وتم تأجيل دخولهم لأكثر من 12 ساعة بسبب نقص الأوراق الرسمية.
هوية الجمعية ومؤسسها
التحقيقات أكدت أن الجمعية غير مسجّلة رسميًا في ألمانيا أو القدس، وأن موقعها الإلكتروني أنشئ حديثًا في شباط/فبراير 2025. مؤسسها، تومر جانار ليند، يحمل الجنسية الإسرائيلية والإستونية، أسّس عدة شركات في أوروبا والشرق الأوسط معظمها غير نشط. وتبدو أهداف الجمعية الرئيسية استغلال الأزمة الإنسانية لتحقيق مكاسب مالية، وليس تقديم دعم إنساني حقيقي.
الأبعاد القانونية والإنسانية
يُعتبر تهجير المدنيين بهذه الطريقة غير قانوني وفق القانون الدولي الإنساني، الذي يضمن حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، ويُحظر النقل القسري خارج مناطق النزاع دون ضمان حقوقهم.
السفارة الفلسطينية في جنوب إفريقيا ووزارة الخارجية الفلسطينية حذرتا سكان غزة من الوقوع في "فخاخ تجار الدم ووكلاء الترحيل"، مؤكدة أن الجمعية لا تتحمل أي مسؤولية عن التعقيدات التي قد تنتج عن هذه العمليات.
البعد السياسي والاستراتيجي
التهجير الجزئي لسكان غزة يخدم أهدافًا إسرائيلية متعددة:
1. تخفيف الضغط الديموغرافي والأمني داخل القطاع، خصوصًا على المدن والمستوطنات المجاورة.
2. اختبار التعاون الدولي والإقليمي بشأن استقبال الفلسطينيين، وقياس ردود أفعال الدول أمام موجات تهجير غير رسمية.
3. تحويل أزمة داخلية إلى عبء خارجي، ما يقلل الانتقادات الدولية المباشرة على سياسات إسرائيل.
4. تغيير التركيبة الديموغرافية داخل غزة، وهو ما قد يؤثر على أي تفاوض مستقبلي حول القطاع.
خلاصة
تهجير الغزيين عبر جمعيات وهمية يوضح استغلال الأزمات الإنسانية لتحقيق مكاسب سياسية ومالية، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية عاجلة لوضع أطر تنظيمية صارمة لضمان حماية المدنيين وحقوقهم القانونية.
يبقى السؤال الأكبر: هل ستستمر مثل هذه العمليات تحت شعارات إنسانية، أم أن المجتمع الدولي والسلطات الفلسطينية سيضعان آليات واضحة لمنع استغلال مأساة المدنيين؟
غزة اليوم ليست مجرد ساحة صراع عسكري، بل اختبار لمصداقية القانون الدولي وحقوق الإنسان، وقدرة المجتمع الدولي على حماية المدنيين من الاستغلال المباشر تحت غطاء العمل الإنساني.
بي دي ان |
17 نوفمبر 2025 الساعة 12:17م
المحامي علي أبو حبلة
أحدث هذه العمليات، وفق تقرير صحيفة "هآرتس"، نفذتها جمعية إسرائيلية تحمل اسم "المجد"، التي قامت بتهجير مئات الغزيين إلى وجهات متعددة حول العالم، مستغلة حاجتهم الملحّة لمغادرة القطاع. التحقيقات أشارت إلى أن الجمعية تعمل بشكل غير رسمي، مستغلة الثغرات القانونية والإدارية، ما يعرض المدنيين لمخاطر مباشرة على حياتهم وحقوقهم.
كيف تعمل الجمعية؟
تتم العملية وفق آلية محددة:
يقدّم الغزيون الراغبون في المغادرة بياناتهم عبر موقع الجمعية الإلكتروني.
بعد الموافقة المبدئية، يطلب من كل مرشح تحويل مبلغ مالي يتراوح بين 1,500 و2,700 دولار أمريكي.
يُضاف المرشح إلى مجموعة "واتساب" لتلقي التحديثات والتعليمات المتعلقة بالرحلة، وغالبًا من أرقام إسرائيلية.
تُنقل المجموعات عبر حافلات إلى معبر "كرم أبو سالم"، ثم إلى مطار "رامون" أو مطارات أخرى، لتستقل طائرات مستأجرة تتجه إلى وجهات غير معلومة للركاب غالبًا.
المجموعة الأخيرة، التي ضمّت 153 غزيًا، سافرت إلى نيروبي على متن طائرة مستأجرة، ثم إلى جوهانسبورغ بجنوب إفريقيا. ولم يُقدَّم للركاب طعام أو ماء أثناء انتظارهم، وتم تأجيل دخولهم لأكثر من 12 ساعة بسبب نقص الأوراق الرسمية.
هوية الجمعية ومؤسسها
التحقيقات أكدت أن الجمعية غير مسجّلة رسميًا في ألمانيا أو القدس، وأن موقعها الإلكتروني أنشئ حديثًا في شباط/فبراير 2025. مؤسسها، تومر جانار ليند، يحمل الجنسية الإسرائيلية والإستونية، أسّس عدة شركات في أوروبا والشرق الأوسط معظمها غير نشط. وتبدو أهداف الجمعية الرئيسية استغلال الأزمة الإنسانية لتحقيق مكاسب مالية، وليس تقديم دعم إنساني حقيقي.
الأبعاد القانونية والإنسانية
يُعتبر تهجير المدنيين بهذه الطريقة غير قانوني وفق القانون الدولي الإنساني، الذي يضمن حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، ويُحظر النقل القسري خارج مناطق النزاع دون ضمان حقوقهم.
السفارة الفلسطينية في جنوب إفريقيا ووزارة الخارجية الفلسطينية حذرتا سكان غزة من الوقوع في "فخاخ تجار الدم ووكلاء الترحيل"، مؤكدة أن الجمعية لا تتحمل أي مسؤولية عن التعقيدات التي قد تنتج عن هذه العمليات.
البعد السياسي والاستراتيجي
التهجير الجزئي لسكان غزة يخدم أهدافًا إسرائيلية متعددة:
1. تخفيف الضغط الديموغرافي والأمني داخل القطاع، خصوصًا على المدن والمستوطنات المجاورة.
2. اختبار التعاون الدولي والإقليمي بشأن استقبال الفلسطينيين، وقياس ردود أفعال الدول أمام موجات تهجير غير رسمية.
3. تحويل أزمة داخلية إلى عبء خارجي، ما يقلل الانتقادات الدولية المباشرة على سياسات إسرائيل.
4. تغيير التركيبة الديموغرافية داخل غزة، وهو ما قد يؤثر على أي تفاوض مستقبلي حول القطاع.
خلاصة
تهجير الغزيين عبر جمعيات وهمية يوضح استغلال الأزمات الإنسانية لتحقيق مكاسب سياسية ومالية، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية عاجلة لوضع أطر تنظيمية صارمة لضمان حماية المدنيين وحقوقهم القانونية.
يبقى السؤال الأكبر: هل ستستمر مثل هذه العمليات تحت شعارات إنسانية، أم أن المجتمع الدولي والسلطات الفلسطينية سيضعان آليات واضحة لمنع استغلال مأساة المدنيين؟
غزة اليوم ليست مجرد ساحة صراع عسكري، بل اختبار لمصداقية القانون الدولي وحقوق الإنسان، وقدرة المجتمع الدولي على حماية المدنيين من الاستغلال المباشر تحت غطاء العمل الإنساني.