الاستقلال في الأفق المنظور
بي دي ان |
16 نوفمبر 2025 الساعة
11:06ص
الكاتب
قبل 37 عاما التأم المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر الشقيقة، وتلازم انعقاد الدورة التاسعة عشر مع اشتعال شرارة الانتفاضة الكبرة – ثورة كانون 1987 - 1993، التي انطلقت من مخيم جباليا البطولة شمال قطاع غزة، وامتدت نيرانها فأشعلت السهل والوادي والجبل والصحراء في فلسطين التاريخية، ووحدت الشعب الفلسطيني في انتفاضة الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة، وأمتزج الدم الفلسطيني مع نبض وثيقة الاستقلال التي صاغها رمز الثقافية الوطنية شاعرنا الكبير الراحل محمود درويش، وصدح بها، كما لم يصدح من قبل رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، الشهيد الرمز المؤسس ياسر عرفات، وتماثل صوت أبو عمار الهادر مع كل حرف في الوثيقة الوطنية والقومية والإنسانية، حتى هز صدى رعد صوته قارات الأرض جميعا، فتطايرت رسائل الاعتراف بالدولة الفلسطينية مباشرة، ووصلت الى ما يزيد عن 130 دولة شقيقة وصديقة، وترافقت مع تصاعد النضال الشعبي السلمي تحت راية منظمة التحرير وذراعها الكفاحي في الداخل "القيادة الوطنية الموحدة": المشكلة من الفصائل الوطنية الأساسية: حركة فتح والجبهتين الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب.
ورغم التعقيدات الداخلية والخارجية، والفيتو الأميركي على المشاركة الفلسطينية المستقلة في مؤتمر مدريد للسلام، الذي رعته إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الاب نهاية تشرين اول / أكتوبر 1991، الا أن القيادة الفلسطينية تمكنت من إحداث الاختراق التدريجي وصولا لوفد مستقل ضمن الوفود المشاركة، (وهنا لا اناقش كافة التفاصيل وما حدث من نقل المفاوضات من مدريد الى أوسلو وانعكاساتها غير الإيجابية)، وتبلورت بنتاج اتفاقية أوسلو أيلول / سبتمبر 1993 الكيانية الفلسطينية الوليدة في البيت الأبيض برعاية الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، ومازالت الكيانية تراوح في مربع المرحلة الأولى من الاتفاقية، التي حددت بخمس سنوات، رغم مرور 31 عاما، لا بل تراجعت الى مرحلة أدنى، يمكن وصفها بمرحلة "فوق الصفر، ودون تجاوز المرحلة الأولى"، ولهذا أسباب عديدة لا مكان للخوض فيها الان.
لكن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تواصل وتعاظم خلال العقود الثلاثة الماضية مع صعود قوى اليمين الصهيوني الأكثر تطرفا بقيادة رئيس الائتلاف الإسرائيلي الحاكم بنيامين نتنياهو، وصولا لإشعال فتيل حرب العامين الوحشية 2023 / 2025، التي مازال الشعب والقيادة الفلسطينية يلملمون جراحها وتداعياتها الكارثية، حيث تجري في هذه الأيام المداولات في أروقة مجلس الامن الدولي التنافس بين مسودات مشاريع قرارات أميركية وروسية بشأن إدامة وقف الحرب، وإدخال المساعدات الإنسانية كافة لقطاع غزة، والشروع في ملف إعادة الاعمار ووقف كلي للتهجير القسري وتولي الإدارة الفلسطينية من التكنوقراط لمسؤولياتها على الأرض في القطاع، وارتباطها بالحكومة الفلسطينية، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وتأكيد الترابط بين الضفة بما فيها القدس العاصمة والقطاع، وصولا لتكريس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967.
ورغم الانحياز لصالح مسودة مشروع القرار الروسي، الذي يستجيب للمصالح والحقوق السياسية والقانونية الفلسطينية، الذي شكل نقطة تحول إيجابية، وعامل ضغط على الإدارة الأميركية، بالإضافة الى الضغط العربي والإسلامي والدولي عليها لإدخال تعديلات وتحسينات نسبية للمرة الثانية على مسودة مشروع القرار الأميركي من بينها الربط بين المرحلة الانتقالية وحل الدولتين، الذي يفترض ان يجري التصويت عليه غدا الاثنين 17 تشرين ثاني / نوفمبر الحالي، ودعمته الدول العربية والقيادة الفلسطيني، لإدراكهم أن القطب الأميركي هو صاحب الباع الطويل في الملف الفلسطيني الإسرائيلي حتى اللحظة الراهنة، وللقناعة بأنه الأقدر على ممارسة الضغط الفاعل على الحكومة الإسرائيلية، رغم كل المواقف المعادية لمبدأ وخيار حل الدولتين من قبل حكومة تل ابيب. بتعبير آخر، لم تكن الموافقة الفلسطينية والعربية اعتباطية، انما جاءت إدراكا لموازين القوى الدولية، وللاستفادة من الوقت لإخراج أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من دوامة المراوحة في دائرة المرحلة الاولى من خطة الرئيس دونالد ترمب، والتقدم نحو المرحلة الثانية وصولا للمؤتمر الدولي للسلام، واستقلال وسيادة الدولة الفلسطينية على حدود أراضيها المحتلة في يونيو 1967.
إذا إعلان الاستقلال في 15 تشرين ثاني / نوفمبر 1988، قبل 37 عاما، لم يعد وهما، وضربا من الخيال، انما كان عميق الصلة بالمشروع الوطني وهدف الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة، وثمرة النضال الوطني التحرري على مدار عقود الصراع الطويلة، وبالتالي إذا ما أحسنت قيادة منظمة التحرير والدولة والحكومة إدارة الصراع مع دولة الاحتلال الإسرائيلية، بالتعاون مع الدول العربية والإسلامية والدولية الداعمة لخيار حل الدولتين، فإن الاستقلال لم يعد بعيد المنال، بل أصبح في الأفق المنظور.
[email protected]
[email protected]
بي دي ان |
16 نوفمبر 2025 الساعة 11:06ص
ورغم التعقيدات الداخلية والخارجية، والفيتو الأميركي على المشاركة الفلسطينية المستقلة في مؤتمر مدريد للسلام، الذي رعته إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الاب نهاية تشرين اول / أكتوبر 1991، الا أن القيادة الفلسطينية تمكنت من إحداث الاختراق التدريجي وصولا لوفد مستقل ضمن الوفود المشاركة، (وهنا لا اناقش كافة التفاصيل وما حدث من نقل المفاوضات من مدريد الى أوسلو وانعكاساتها غير الإيجابية)، وتبلورت بنتاج اتفاقية أوسلو أيلول / سبتمبر 1993 الكيانية الفلسطينية الوليدة في البيت الأبيض برعاية الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، ومازالت الكيانية تراوح في مربع المرحلة الأولى من الاتفاقية، التي حددت بخمس سنوات، رغم مرور 31 عاما، لا بل تراجعت الى مرحلة أدنى، يمكن وصفها بمرحلة "فوق الصفر، ودون تجاوز المرحلة الأولى"، ولهذا أسباب عديدة لا مكان للخوض فيها الان.
لكن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تواصل وتعاظم خلال العقود الثلاثة الماضية مع صعود قوى اليمين الصهيوني الأكثر تطرفا بقيادة رئيس الائتلاف الإسرائيلي الحاكم بنيامين نتنياهو، وصولا لإشعال فتيل حرب العامين الوحشية 2023 / 2025، التي مازال الشعب والقيادة الفلسطينية يلملمون جراحها وتداعياتها الكارثية، حيث تجري في هذه الأيام المداولات في أروقة مجلس الامن الدولي التنافس بين مسودات مشاريع قرارات أميركية وروسية بشأن إدامة وقف الحرب، وإدخال المساعدات الإنسانية كافة لقطاع غزة، والشروع في ملف إعادة الاعمار ووقف كلي للتهجير القسري وتولي الإدارة الفلسطينية من التكنوقراط لمسؤولياتها على الأرض في القطاع، وارتباطها بالحكومة الفلسطينية، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وتأكيد الترابط بين الضفة بما فيها القدس العاصمة والقطاع، وصولا لتكريس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967.
ورغم الانحياز لصالح مسودة مشروع القرار الروسي، الذي يستجيب للمصالح والحقوق السياسية والقانونية الفلسطينية، الذي شكل نقطة تحول إيجابية، وعامل ضغط على الإدارة الأميركية، بالإضافة الى الضغط العربي والإسلامي والدولي عليها لإدخال تعديلات وتحسينات نسبية للمرة الثانية على مسودة مشروع القرار الأميركي من بينها الربط بين المرحلة الانتقالية وحل الدولتين، الذي يفترض ان يجري التصويت عليه غدا الاثنين 17 تشرين ثاني / نوفمبر الحالي، ودعمته الدول العربية والقيادة الفلسطيني، لإدراكهم أن القطب الأميركي هو صاحب الباع الطويل في الملف الفلسطيني الإسرائيلي حتى اللحظة الراهنة، وللقناعة بأنه الأقدر على ممارسة الضغط الفاعل على الحكومة الإسرائيلية، رغم كل المواقف المعادية لمبدأ وخيار حل الدولتين من قبل حكومة تل ابيب. بتعبير آخر، لم تكن الموافقة الفلسطينية والعربية اعتباطية، انما جاءت إدراكا لموازين القوى الدولية، وللاستفادة من الوقت لإخراج أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من دوامة المراوحة في دائرة المرحلة الاولى من خطة الرئيس دونالد ترمب، والتقدم نحو المرحلة الثانية وصولا للمؤتمر الدولي للسلام، واستقلال وسيادة الدولة الفلسطينية على حدود أراضيها المحتلة في يونيو 1967.
إذا إعلان الاستقلال في 15 تشرين ثاني / نوفمبر 1988، قبل 37 عاما، لم يعد وهما، وضربا من الخيال، انما كان عميق الصلة بالمشروع الوطني وهدف الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة، وثمرة النضال الوطني التحرري على مدار عقود الصراع الطويلة، وبالتالي إذا ما أحسنت قيادة منظمة التحرير والدولة والحكومة إدارة الصراع مع دولة الاحتلال الإسرائيلية، بالتعاون مع الدول العربية والإسلامية والدولية الداعمة لخيار حل الدولتين، فإن الاستقلال لم يعد بعيد المنال، بل أصبح في الأفق المنظور.
[email protected]
[email protected]