ترمب ينفذ خطة "صفقة القرن" عبر بوابة غزة ويعيد هندسة الشرق الأوسط الجديد عبر "سايكس بيكو 2"

بي دي ان |

11 نوفمبر 2025 الساعة 08:23م

الكاتب
منذ الإعلان عن ما عُرف بـ"صفقة القرن" في عهد الرئيس الأمريكي  دونالد ترمب في فترة حكمه الاولى ، ركّزت الإدارة الأمريكية على إعادة صياغة الجغرافيا السياسية للمنطقة العربية وفق رؤية تضمن مصالح إسرائيل كقوة مركزية، وتحويل الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي من قضية تحرر وطني إلى نزاع حدودي يمكن تسويته سياسيًا واقتصاديًا ضمن إطار أمريكي–إسرائيلي مشترك.

غزة: بوابة المشروع الأمريكي الجديدة

الإجراءات الأمريكية الأخيرة، بما فيها إقامة قاعدة عسكرية في قطاع غزة، تمثل خطوة استراتيجية متقدمة ضمن مخطط أمني واسع لإعادة ترتيب المنطقة. هذه القاعدة تعمل كنواة لإشراف مباشر من واشنطن على ترتيبات أمنية تهدف إلى حماية المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وتثبيت واقع سياسي جديد قد يقوض فكرة الدولة الفلسطينية الموحدة.

ويبدو أن غزة تُستخدم اليوم كـ"مختبر ميداني" لتطبيق نموذج إداري وأمني جديد، يعزل القطاع عن الضفة الغربية، ويفتح الطريق أمام تشكيل كيان فلسطيني محدود السيادة تحت إشراف دولي أو عربي شكلي.

زيارة الرئيس الانتقالي لسوريا وأبعاد الاتفاقات الإقليمية

زيارة الرئيس الانتقالي لسوريا بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد تمثل نقطة محورية ضمن الاستراتيجية الأمريكية–الإسرائيلية لإعادة ترتيب النفوذ في المنطقة. وقد رافقت هذه الزيارة سلسلة من التحركات السياسية والأمنية، تضمنت:
توقيع اتفاقات أمنية مع الولايات المتحدة وخفض التوتر مع إسرائيل.
الإصرار على سحب الأسلحة غير الشرعية من جماعات مثل حزب الله، وتطويع لبنان والعراق ضمن منظومة أمنية وإقليمية تخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
عزل إيران من خلال محاصرتها اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا، وقطع خطوط نفوذها الإقليمية، خصوصًا في سوريا ولبنان والعراق.
هذه الخطوات تعكس توجهًا أمريكيًا واضحًا لإعادة هندسة المنطقة على أسس أمنية واستراتيجية تخدم إسرائيل، وتضعف قدرة القوى الوطنية على فرض سيادة فعلية على أراضيها.

من صفقة القرن إلى "سايكس بيكو 2"

المخطط الأمريكي–الإسرائيلي الحالي لا يقتصر على القضية الفلسطينية، بل يمتد لإعادة هندسة المنطقة برمتها. كما أعادت اتفاقية سايكس–بيكو الأولى عام 1916 تقسيم المشرق العربي بين القوى الاستعمارية، تهدف النسخة الثانية، أو "سايكس بيكو 2"، إلى إعادة توزيع النفوذ والحدود بما يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وخلق تكامل اقتصادي وأمني بين إسرائيل وعدد من الدول العربية عبر مشاريع الغاز والطاقة والممرات التجارية.

الخطر الأكبر يتمثل في تفكيك الكيانات الوطنية العربية وتحويلها إلى أقاليم متناحرة، بما يمنح إسرائيل دور القيادة الإقليمية تحت مظلة "محاربة الإرهاب الإيراني" أو "تحقيق الاستقرار الإقليمي".

الدور الأمريكي: الأمن والاقتصاد كأدوات للهيمنة

إعادة التموضع العسكري الأمريكي في شرق المتوسط والبحر الأحمر، وتزايد النشاط الاستخباراتي في غزة وسيناء والأردن وسوريا، يشير إلى استراتيجية واضحة للسيطرة على الممرات التجارية وخطوط الطاقة والاتصال بين آسيا وأوروبا. ما يحدث في غزة وسوريا ولبنان ليس ظاهرة معزولة، بل جزء من سلسلة مشاريع تشمل العراق واليمن، تهدف جميعها إلى تكريس نظام إقليمي يخدم إسرائيل ويهمّش القضية الفلسطينية.

التحذير الفلسطيني والعربي

تتزامن هذه التحركات مع مساعٍ أمريكية–إسرائيلية لإعادة رسم الواقع الفلسطيني، بما يشمل:

الحد من حق العودة الفلسطيني.
فرض التطبيع الشامل دون أي تنازل عن الأراضي المحتلة.
تحويل غزة إلى كيان أمني محدود الوظائف تحت إشراف دولي.
لمواجهة هذا الواقع، أصبح من الضروري تبني موقف فلسطيني موحد يعيد بناء منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة الشراكة الوطنية، ويفعّل المقاومة السياسية والقانونية عبر المؤسسات الدولية، بما يضمن حماية حقوق الشعب الفلسطيني واستعادة قدرته على تقرير مصيره. هذه الاستراتيجية تُمثّل السبيل الأمثل لوقف أي محاولة لإعادة إنتاج "سايكس بيكو 2" بغطاء أمريكي–إسرائيلي، وضمان حماية الحقوق الوطنية الفلسطينية ضمن المعايير الدولية.