نجاح ممداني زلزال أمريكي.. أم انقلاب ناعم؟!

بي دي ان |

09 نوفمبر 2025 الساعة 06:28م

المشرف العام
قد يكون ما مرت به الولايات المتحدة الأمريكية من نجاح الشاب المسلم زهران ممداني بمنصب عمدة مدينة نيويورك في الـ 4 من نوفمبر الجاري، هو باعتقادي بين اثنين، إما زلزال ضرب الولايات المتحدة بسياساتها التقليدية ومساراتها المحددة، أو انقلاباً ناعما على الفكر الذي يحمله العقل السياسي الأمريكي خاصة تجاه إسرائيل، وهو جوهر هذا المقال. 

بعد فوز الشاب الثلاثيني المسلم ممداني ليكون أول مسلم عمدة لأكبر مدينة لليهود وأصحاب المليارات، على الرغم من التحريض الكبير من رئيس الولايات ترامب ضد المرشح الشاب، وتهديده بحرمان الولاية من دعم واشنطن في حال فوزه، ورغم ضخ أصحاب الأموال والمليارات، ملايين الدولارات لمنع فوزه؛ إلا أن هذا الشاب استطاع أن يفعلها، ليحدث صدمة كبيرة لدى الرئاسة الأميركية ذاتها ولدى الإسرائيليين معا. 

قد يتساءل البعض عن سبب اهتمامنا وإعطاء أهمية خاصة لنجاح زهران، نعم إن زهران نجح كعمدة في ولاية نيويورك الأمريكية وهذا لا يعني أنه سيؤثر حالياً في السياسة الأمريكية، ولن يغير "حالياً" في الموقف والدعم الأمريكي اللامتناهي للكيان، لكن نجاح زهران بما يحمله من أفكار وقناعات تجاه القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين، وما يحمله من كره وعداء للكيان يعطينا الحق بإعطائه أهمية بالغة، لأن ممداني الذي أعلن صراحة منذ أكتوبر 2023، أن إسرائيل بدأت حرب إبادة جماعية ضد قطاع غزة وأنه ينبغي لأصحاب الضمير أن "يطالبوا بوقف التمويل العسكري الأمريكي لإسرائيل". 

ولعل قوله الأكثر جرأة حول نيته اعتقال رئيس الوزاراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حال زيارته "لنيويورك".

ممداني الذي عبر بقوة عن موقفه الداعم للقضية الفلسطينية منذ أن كان طالب بالجامعة والذي أسس فرعا لحركة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، لم يتردد في الإحتفاء والإعتزاز بالرموز الفلسطينية، (الكوفية الفلسطينية)، ولطالما نادى بإنهاء الفصل العنصري الإسرائيلي، وكذلك تقدمه بمشروع قانون بعنوان "ليس على حسابنا" يهدف لإنهاء تمويل ولاية نيويورك لعنف المستوطنين  الإسرائيليين، وفي ظني إن لم أكن مخطئة، فإنه قد يعمل على إلغاء مجلس تعزيز العلاقات الإقتصادية بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

إن خوف الرئاسة الأمريكية ودولة الاحتلال من نجاح ممداني رغم علمهم بأنه لن يغير شيء بالسياسة الأمريكية الحالية تجاه إسرائيل، لكنهم يتلمسون خطراً قادما يتمثل بالتغيير الذي سيحدثه ممداني قادما، إما على صعيد الشباب ومجمل الناخبين الذين انتخبوه وتبنوا آراءه تجاه مجمل القضايا بما فيها السياسية (فلسطين تحديداً). 
الشيء المهم بنظري أن العداء لفلسطين كان تذكرة مرور عند الغرب والأمريكان للصعود والفوز بالانتخابات، الآن انقلب السحر على الساحر، وبات التضامن الحقيقي مع فلسطين والعداء لإسرائيل هو تذكرة الدخول لبوابات الحكم والفوز، وهذا ما يثير زعر إسرائيل تحديداً، فقد يصبح هذا مدخلاً للكثيرين، ومنذ حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة والتغيير الكبير الذي حدث في العقلية الغربية وتشكيل حالة وعي لدى الشعوب الغربية والأمريكية سيكون سهلاً جدا نجاح أشخاص كثر تجمعهم بممداني ذات الأفكار في ولايات أخرى مما سيتسبب بزلزال حقيقي في الولايات، وبنظري أن هذا الزلزال قادم لا محالة في ظل الوحشية الكولونيالية التي تمارسها دولة الاحتلال بحق الفلسطينيين، والدعم الأمريكي الأعمى له، والذي يعتبر مشاركة حقيقية في الإبادة الجماعية بحق الأطفال الفلسطينيين وعموم الشعب الفلسطيني. 

بالتالي مطلوب فلسطينيا الاستمرار بسرد الحقيقة الفلسطينية والحضور الدائم في ميادين وساحات العمل النضالي بمختلف بلدان العالم، فقد لا تكون النتيجة آنية، لكن بالعمل والنضال التراكمي سيكون لنا مناصرين وداعمين للحق وغدا قد يصبحوا أولئك أنفسهم صناع قرار في دولهم، ويمثلون التغيير الحقيقي للسياسات. 

قد لا نتفق مع ممداني في جميع سياساته، في النهاية هو عمدة لولاية أمريكية؛ لكن ما يهمنا ونعطيه أولوية مدى تقاربه من قضيتنا والتي لابد وأن يفعل شيء لأجلها في ولاية تعتبر من أهم الولايات المتحدة الأمريكية.