قُضي الأمر

بي دي ان |

05 نوفمبر 2025 الساعة 06:45م

الكاتب
قال: إذن فهذه هي الكارثة، ولكن كيف ينبغي أن نتعامل معها؟ من ذا يحل لنا هذه الألغاز؟ قلت له: لن يكشف السر عمَّا يسر...! المخطط أكبر من اكبرهم، واكبرهم صغير؛ و في قلوب الأبرياء أسًى جديد أنساهم أحزان الموت والخراب...هل يمكن أن تمضي الحياة في معاناة متصلة بلا أمل؟ فلنفكِّر بحالنا، لقد خسر كل شيء، واشتعلت النار في كِيانه كله، ولم يكن ثمة متسع للحزن، لقد قُضي الأمر...فماذا يشغله بعد الآن؟ ماذا علينا أن نفعل؟ إنه العبث فوق ما يتصوَّر العقل! قالها الصديق، بوجه كأنه متجمِّد منذ مئة عام.

قلت : هو ذلك، ولكنه ليس كل شيء! ماذا تريد أكثر من ذلك؟ ولمَ يغرّر بنا بلا عناء؟ حتى متى تشقى وتُمتهن؟ لمَ ينعم الأنانيون والمجرمون؟ لمَ يذهب الطيبون والأبرياء؟
و ما تجد اللقمة إلا بشق الأنفس؟ لمَ يَغُط البعض في النوم وتحترق البلاد والعباد؟

قال في جزع: من نقاط الضعف فينا، ما معنى هذا؟! فقال له : عندنا من الكوارث ما يكفي، بل إنها كارثة واحدة متصلة الحلقات. بل أفدح الكوارث الوطنية التي عرفتها القضية. والتى تفوق احتمال البشر، ولكننا ننسى دائمًا.

تعاقبت الأيام والأسابيع والأشهر، المثقلة بالحقد والمرارة والندم، وشخصت الأبصار، يحدِّقون بأعين تطفح بالذهول والجنون وها هو الزمن يمضي مسرعًا بلا أمل. على بقعة أرض حزينة وصابرة، اعتزلت الحياة، تنتظر مهيضةً تحت حكم الإبادة والإعدام، تجتر الأحزان وتتعزَّى بالصبر.
وصرخة ممزَّق، وظلَّ التساؤل يشد العقول والقلوب، ويقرع وعيهم المترع بالعبث بالحزن والذهول.

مضت أيام في الذهول لا تدري شيئًا عن كارثتها الكبرى، صحت من كابوس أسود، ارتطمت بصخرة الواقع، وجدت نفسها وحيدًة بائسه كما كانت أو أشد بأسًا، انطوت على أحزانها، تكاثف ظِل القاتل السفاح حتى حجب نور الشمس. ومضى يوم في قفا يوم، القلوب مشتعلة، والماضي القريب، كحال الضحايا لا يعود. بكت طويلًا فوق الركام، و تحت شلالات الدماء، و الأنقاض وحرق الأبرياء العلني أمام العالم، و لم يستدِر ذلك رحمة أحد!! 

تقرير الأمم المتحدة الذي صدر بعنوان:
"الإبادة الجماعية في غزة: جريمة جماعية" للمقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، عندما تقرأه تخرج بخلاصة واحدة: كل دول العالم بالأسماء كانت تساعد الصهاينة لإبادتنا. حتى الدول العربية قبل الأجنبية. الفرق بينها؟ ان بعضها كان يبيدنا في العلن. والأخرى في السر او بطريقة غير مباشرة، أفضل ما جاء فيه: ان هذه الإبادة ما كانت لتتم لولا أن وجدت إسرائيل حاضنة دولية تدعمها، لا أعلم بعد التقرير: هل بقيت دولة شريفة في العالم لا تدعم الصهاينة؟

فقال: مشاهد الدمار الشامل في غزة والتي نقلتها القنوات الفضائية لمشاهديها، فظيعة وكارثية ومروعة  بما يتجاوز قدرة اي عقل بشري علي تخيل مدي الانحطاط الاخلاقي والانساني لمن كانوا وراء كل هذا الدمار والسبب فيه...أ
و لمدي ما يعيشه الناس هنا، في ظل هذا الخراب الشامل وغير المسبوق من فظائع واهوال...تتجاوز قدرة البشر علي الصمود والتحمل والاستمرار.

والسؤال هو : اي اعمار واي اعادة بناء لغزة وسط كل هذا الدمار والذي يكاد يكون هو المستحيل بعينه؟ واي أنتظار يمكن ان يقوم ويستمر مع امثال هؤلاء الوحوش اعداء الانسانية والحياة؟ ما فعله  مجرمو الحرب الصهاينة في غزة من ابادة وحشية لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحروب سوف يبقي جريمة العصر وكل العصور.. وهي جريمة يقف العالم كله شاهدا عليها ومع ذلك تركوا مرتكبيها يفلتون من العقاب، بل وليعودوا الآن ليواصلوا ما بداوه من تدمير!!

قلت: وأصحاب النكبات، شبه أحياء، على طرق الفناء، بين الفقد والخراب العام، أضمروا الاحتقار والمقت لسائر معاوني كيان القتلة. لخيانتهم لعهد الإنسانية، ولانخراطهم في سلك المجرمين والقتلة والبلطجية، سلسلة صدئة من المصالح، و الدعارة السياسية والانقسام الداخلي والإجرام  والوساخة والجنون؛ بل سلسلة من  الجرائم الوحشية البشعة، فأولئك المجرمون الذين فاقت شراستهم وقابليتهم للقتل كل التصورات، يركبهم الخزي والعار الأبدي، هم ذوو عقول مريضة أو أنهم بشر عاديون؟

قال: قُضي الأمر، وتمّت المقامرة الجنونية، وفوق الكوارث...ها هي السلطة...سُلْطَتَيْن، مأوًى الفساد للدجل والدجالُون، ومفزع المختلين، عقبة كالحة، و مسؤولون اوطى من البحر الميت، ومطرتهم الأفواه بصقًا،ويلعنُهم الرائحُ والغادي، البعض ماضٍ في سبيله القذر حب المال، وحب السيطرة على العباد؛ مثل رائحة عفنة بشراهة الجوعى. هؤلاء عبارة عن سلسلة من الانحرافات والمآسي والدروس الضائعة، وعشق الشبه حكم، وفرض الجباية والاتاوات، وفرض  الجاه المرضي، ويتصعلك الآخر، واستنام كل فريق إلى مخطط الانقسام والخراب الصهيوني وسعد بحياة السلطة، وكيف خيَّم عليهم الصمت لدرجة الخرس، حتى اللحظة الأخيرة!! كيف أصابهم العمى فلم يرَوا شعاعًا واحدًا من النور؟

لقد عرفهم الكبير والصغير، الصديق والعدو، فانهال عليهما طوفان متضارب من السخريات والعبث والجد والغمز، والاتهام وسلَّم الجميع بقضاء المقادِر. وكم من قلوب أحرقها حكم الأطماع! وكم من نفوس دوَّخها سادة الخراب! وكم من قلوب ثملت بمستقبل مجهول! 
 وللحديث بقية.