التقرير متأخر ومثلوم

بي دي ان |

04 نوفمبر 2025 الساعة 10:51ص

الكاتب
في سابقة تعتبر الأولى للخارجية الأميركية تكشف عن تقرير سري تضمن نحو 500 تقريرا من الانتهاكات الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، أعده مكتب المفتش العام في الوزارة، أشار الى أن وحدات الجيش الإسرائيلي "ارتكبت مئات الانتهاكات المحتملة لحقوق الانسان"، مستخدمة أسلحة أميركية الصنع، وربط التقرير بين الانتهاكات والأسلحة الأميركية وقانون ليهي الأميركي، حيث كانت حصلت هيئة رقابية تابعة للخارجية الأميركية على التقارير المذكورة من وكالات حكومية ومنظمات حقوقية وشهود عيان، توثق استخدام إسرائيل أسلحة أميركية في هجمات أدت الى مقتل مدنيين، بينهم عشرات الأطفال، الذي فتح باب التساؤلات أمام طبيعته وإمكانية تطبيق واشنطن له ضد إسرائيل، نشرته صحيفة "واشنطن بوست" يوم الجمعة 31 تشرين اول / أكتوبر الماضي.
ووفقا للصحيفة، فإن قانون ليهي أطلق على تشريع لفرض عقوبات على الوحدات العسكرية الأجنبية التي تتلقى تمويلا من الولايات المتحدة، وترتكب عمليات قتل جماعي خارجة عن نطاق القانون، الى جانب التعذيب وغيرها من الفظائع، الذي اقترحه السناتور الديمقراطي السابق باتريك ج. ليهي. وأشارت الصحيفة، أن التقرير صدر عشية اتفاق وقف أطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل في التاسع من أكتوبر الماضي، وخرج في توقيت وصفه مسؤولون أميركيون ب "الحرج"، كما أن الإدارة الأميركية أصدرت تعليمات داخلية تقضي بضرورة التحقيق خلال شهرين، الا ان "ثلث هذه الحوادث لم تعالج بعد." حيث ما تزال الخارجية بانتظار الرد الإسرائيلي. وبحسب مسؤولين اميركيين، فإن عملية مراجعة مثل هذه القضايا ستستغرق "سنوات عدة"، بسبب برتوكول فحص خاص ونتاج عملية بيروقراطية خاصة بإسرائيل، يمنحها "معاملة تفضيلية مقارنة بالدول الأخرى." ليس هذا فحسب، بل أن المسؤول السابق في الخارجية الأميركية تشارلز بلاها، أشار بأن أفعالا إسرائيلية ترقى الى توصيف "انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان" قد تخضع لهذه القوانين، الا أن البيت الأبيض لم يقم بالتعليق على التقرير، ويضيف بلاها إن هناك شكوكا في الولايات المتحدة حول "المساءلة في المستقبل" بعد أن خفت حدة الصراع، نظرا "للتراكم الكبير للانتهاكات وطبيعة المراجعة التي تتساهل مع الجيش الإسرائيلي.
وعلى أهمية التقرير باعتباره سابقة في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، الا انه جاء متأخرا جدا، كما أنه أدرج الانتهاكات الإسرائيلية ضمن فرضية "الاحتمال"، ولم يؤكد عليها كحقيقة ماثلة في الواقع خلال العامين الماضيين من الإبادة الجماعية كما ان تأخير نشر التقرير لم يكن مصادفة، بل كان مقصودا تسريبه عشية الاتفاق على وقف الحرب، لذر الرماد في العيون العربية والعالمية، وليس للتنفيذ. لا سيما وأن البيروقراطية الأميركية تحتاج الى سنوات لفحص ما تضمنه التقرير من شهود العيان والوكالات الأميركية والمنظمات الحقوقية المعنية، أضف الى أن التقرير لم يشر من قريب أو بعيد، الى قيادة ومشاركة الولايات المتحدة في الحرب القذرة والوحشية ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا، ولا لتمويل إسرائيل وجيشها بعشرات المليارات من الدولارات، وجسورها الجوية لنقل الصنوف المختلفة من الأسلحة والقنابل والصواريخ بما في ذلك المحرمة دوليا لمواصلة الإبادة الجماعية.
فضلا عن أن التقرير، حصر الانتهاكات ببعض الانتهاكات المحدودة قياسا بحجم المجازر الوحشية التي فاقت أربعة الاف مجزرة وجريمة حرب، أودت بنحو 300 ألف من الشهداء والجرحى جلهم من الأطفال والنساء والابرياء عموما من الفلسطينيين في القطاع، وقصرها على "نحو 500" تقرير، ولم يشر بكلمة واحدة للإبادة الجماعية، التي اشارت لها تدابير واحكام محكمة العدل الدولية في 26 كانون ثاني/ يناير 2024، وتموز / يوليو الماضي، وتبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول / سبتمبر الماضي، كما تجاهلت العديد من التقارير الأممية التي أصدرتها لجان اممية خاصة، وأكدت فيها على ارتكاب دولة لإبادة الجماعية الإسرائيلية وحرب التجويع القاتلة.
إذا التقرير إضافة لأنه متأخر وناقص ومثلوم، فهو لن يرى النور لاحقا، ولن يتم مساءلة إسرائيل ولا جيشها نهائيا على الإبادة الجماعية، أو كما وصفها التقرير بأنها انتهاكات "محتملة"، وبالتالي لا رهان على إمكانية وضعه موضع المحاكمة وفق قانون ليهي بذريعة أن الوقت فات، وخفت صوت الرصاص والقنابل والمدافع نسبيا، رغم أنها مازالت تدوي يوميا فوق رؤوس العباد الأبرياء.
[email protected]
[email protected]