تحركات سعودية أمريكية تفتح الباب أمام تحالف نووي جديد في الشرق الأوسط

بي دي ان |

02 نوفمبر 2025 الساعة 05:07م

تشهد الأوساط السياسية والإعلامية الإقليمية والدولية تفاعلاً واسعاً عقب التصريحات الأخيرة لوزير الداخلية الأمريكي دوغ بورغوم بشأن المفاوضات النووية الجارية مع المملكة العربية السعودية، والتي جاءت بالتزامن مع التحضيرات لزيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى العاصمة الأمريكية واشنطن.

وخلال مشاركته في جلسة حوار المنامة 2025 التي استضافتها البحرين، أوضح بورغوم أن النقاش مع الرياض ما زال مستمراً، متوقعاً "نشاطاً كبيراً" على مستوى المفاوضات خلال الأسابيع المقبلة وصولاً إلى موعد زيارة ولي العهد المقررة في الثامن عشر من نوفمبر الجاري.

وأشار الوزير الأمريكي إلى تفاؤله بإمكانية الإعلان عن اتفاقيات مهمة خلال لقاء الأمير محمد بن سلمان بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مرجحاً أن تشهد المرحلة المقبلة "تحولات كبيرة" في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين.

 

تحالفات متجددة ومؤشرات استراتيجية

تأتي هذه التطورات في ظل الزخم الذي أحدثه الاتفاق الدفاعي المشترك بين السعودية وباكستان، والذي تم الإعلان عنه مؤخراً.
ووفقاً لوكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، تهدف الاتفاقية إلى تعزيز التعاون الدفاعي والردع المشترك، إذ تنص على اعتبار أي اعتداء على أحد البلدين اعتداءً على كليهما.

ويرى مراقبون أن هذا الاتفاق يعزز الشراكة الاستراتيجية الممتدة بين الرياض وإسلام آباد منذ أكثر من ثمانية عقود، ويعكس توجهاً سعودياً نحو تنويع التحالفات العسكرية والتقنية، في وقت تتجه فيه المملكة إلى تطوير قدراتها النووية لأغراض سلمية ضمن رؤيتها الطموحة 2030.

كما أثارت الاتفاقية تساؤلات حول إمكانية نقل التكنولوجيا النووية من باكستان إلى السعودية، خاصة مع تزامنها مع المفاوضات النووية الجارية بين الرياض وواشنطن، وهو ما زاد من التكهنات بشأن ملامح صفقة كبرى قد تغيّر موازين القوى في المنطقة.

 

تحديات الاتفاق النووي السعودي - الأمريكي

رغم الطابع السلمي المعلن للمشروع النووي السعودي - الأمريكي، إلا أن الاتفاق يواجه عدة تحديات سياسية وتقنية وأمنية قد تؤثر في مساره المستقبلي أو تؤخر تنفيذه.

1. قضية تخصيب اليورانيوم

تتمثل أبرز نقاط الخلاف في مسألة تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة الوقود النووي داخل الأراضي السعودية.
ففي حين تصر واشنطن على تقييد هذه الأنشطة داخل المملكة لضمان عدم استخدامها في أغراض غير سلمية، تعتبر الرياض أن التخصيب المحلي حق سيادي مشروع ينسجم مع خططها لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة النووية السلمية.

2. الضمانات والرقابة الدولية

يتطلب التعاون النووي بين الجانبين التزاماً صارماً بمعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتوقيع بروتوكولات إضافية تسمح بعمليات تفتيش شاملة لضمان الشفافية الكاملة.
وتخشى بعض الأطراف الدولية من أن يؤدي أي تهاون في تطبيق هذه الضوابط إلى إثارة الشكوك حول أهداف البرنامج النووي السعودي على المدى البعيد.

3. التوازنات الإقليمية

من جهة أخرى، تثير احتمالات التعاون النووي بين الرياض وواشنطن قلقاً في الأوساط الإقليمية والدولية، وسط مخاوف من أن يؤدي إلى سباق تسلح نووي جديد في الشرق الأوسط، لا سيما في ظل التوترات المتصاعدة مع إيران، وسعي بعض دول المنطقة لتطوير برامج نووية خاصة بها.

 

صفقة قد تعيد تشكيل المنطقة

يرى محللون أن المفاوضات الحالية تمثل فرصة لإعادة صياغة العلاقة الاستراتيجية بين السعودية والولايات المتحدة، لتشمل أبعاداً جديدة تتجاوز الطاقة إلى مجالات الدفاع والتكنولوجيا النووية والردع الإقليمي.

وفي حال تم توقيع الاتفاق خلال زيارة ولي العهد المقبلة، فقد تشهد المنطقة تحولاً تاريخياً في موازين القوى، يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون النووي السلمي، ولكن أيضاً أمام نقاشات دولية واسعة حول الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.