مصير الخطة والسياسة العبثية

بي دي ان |

30 أكتوبر 2025 الساعة 01:02ص

الكاتب
مازالت خطة الرئيس ترمب تراوح مكانها في المرحلة الأولى، رغم مرور أكثر من أسبوعين على البدء بتنفيذها، ويعود السبب الى أكثر من عامل، منها خروقات دولة الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة، التي تجاوزت ال80 خرقا، وآخرها كان أول أمس الثلاثاء 28 تشرين اول / أكتوبر الحالي، متذرعة بتنفيذ عملية ضد القوات الإسرائيلية في رفح، وأدت الى وقوع 100 شهيد من أبناء الشعب في قطاع غزة، وإصابة العشرات بجروح خطيرة، فضلا عن تأخر حركة حماس تسليم باقي رفات الجثامين الإسرائيلية في غزة، والنقطة الأخيرة كان يمكن تفاديها، في حال قدمت الحركة الخريطة المتعلقة بأماكن وجود تلك الجثامين. المعروفة لديها، وتدرك أن عليها تسليمها، استنادا لالتزامها بالخطة الأميركية، لكنها تماطل وتسوف لكسب الوقت لفرض حضورها في المشهد الأمني والسياسي واللوجستي في غزة تكريسا وتعزيزا لحضورها وبقائها في اليوم التالي للمرحلة الأولى، أي المرحلة الأهم. وبالتالي يجري التكامل بين الفريقين الإسرائيلي والحمساوي على إطالة أمد المرحلة الأولى، وعلى حساب الدم الفلسطيني، واستعادة أبناء الشعب في القطاع انفاسهم، والخروج من دوامة الإبادة الجماعية الإسرائيلية.
كما أن الإدارة الأميركية ساهمت، وتساهم في العبث الدائر، من خلال منحها الضوء الأخضر لبقاء عناصر ميليشيات حماس السيطرة الأمنية في القطاع لفترة غير منظورة زمنيا، وفي ذات الوقت، يعلن الرئيس ترمب ووزير خارجيته روبيو، عن "حق" إسرائيل في قصف المواطنين الفلسطينيين، على اعتبار ذلك، لا يمثل خرقا للصفقة الأميركية، وهي بذلك تلعب دور السيف والحكم، فهي صاحبة الخطة، والضامنة بتطبيقها، ومتسرعة الدخول للمرحلة الثانية لبلوغ أهدافها، وبالتالي لا يمكن بالمنطق والواقع تجاوز المعيقات والارباكات الناجمة عن هذه الازدواجية، ويحول دون التقدم في البناء على النقطة المفصلية الأولى، وهي وقف الحرب القذرة، والمراكمة على البعد الإيجابي في الخطة، والتي تفتح شهية كل من إسرائيل وحماس لمزيد من العبث في مصير المواطنين المنكوبين بكليهما طيلة نحو عقدين من الزمن، ولكليهما أهدافه وحساباته الفئوية والخاصة، فضلا عن القاسم المشترك بينهما في إطالة أمد الإبادة، من حيث تدري او لا تدري حماس.
وتعميقا لما ورد، فإن إسرائيل القائمة بالاستعمار على أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة بعد الرابع من حزيران / يونيو 1967، تسعى لبلوغ أهدافها الاستعمارية الاجرامية في القطاع والضفة بما فيها القدس العاصمة لتهجير الفلسطينيين من وطنهم الام فلسطين، وهو هدف ترمبي بامتياز، وإبقاء اسرائيل سيطرتها على الأرض الفلسطينية، وإطالة أمد الإبادة الجماعية، واستعادة ما تبقى من جثامين إسرائيلية، خاصة وأنها استعادت كامل اسراها الاحياء والجزء الأكبر من الجثامين الإسرائيلية، وإقامة دولة إسرائيل الكاملة على فلسطين التاريخية.
وأما جماعة الاخوان المسلمين – حركة حماس، فإنها تعمل بلا كلل للبقاء على الأرض في القطاع، وتتلكأ في تسليم رفات باقي الجثامين الإسرائيلية الموجودين عندها، وعند حلفائها، حركة الجهاد وغيرهم، مع انها تعلم جيدا، أنها ملزمة بتسليمهم لإسرائيل، وفي ذات الوقت، ترفض تسليم السلاح بذريعة، أنها ستسلمه للمؤسسة الأمنية الفلسطينية بعد استقلال الدولة الفلسطينية، مما سيبقى هذا البند عنوانا لتفجير الأوضاع، وعلى حساب مصالح الشعب. كما تدعي زورا وبهتانا، أنها لا تريد ان تكون في المشهد السياسي، وموافقة على تسلم الإدارة التكنوقراطية الفلسطينية المؤقتة مقاليد الأمور في المرحلة الثانية، وفي الوقت نفسه، تريد أن تشارك في تحديد أسماء شخوص الإدارة الفلسطينية، وادعت أنها توافقت مع حركة فتح والسلطة الوطنية على تعيين بعض الأسماء، وهذا ليس صحيحا، وأصدرت حركة فتح بيانا رسميا بذلك، نفت فيه ان تكون اتفقت معها، كما أن نائب الرئيس حسين الشيخ ورئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج اثناء زيارتهما الأخيرة للقاهرة، لم يتفقوا مع حماس على ذلك. الامر الذي يشي ببقاء الشعب الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا رهين دوامة العبث الاخوانية.
وبالمقابل تريد الولايات المتحدة الأميركية من خلال سياساتها البلطجية فرض سيطرتها على القطاع لعقد من الزمان، وبناء "ريفيرا الشرق الأوسط"، وضخ الأموال للاستثمارات العقارية والسياحية في القطاع، بعد تهجير السكان القسري من مدنهم ومخيماتهم وبلداتهم، وفرض ما يسمى "السلام الابراهيمي" على باقي الدول العربية، وإعادة هيكلة خارطة الشرق الأوسط وفق مصالحها الحيوية، حيث يشكل تنفيذ خطة ترمب في قطاع غزة نقطة ارتكاز أساسية في رسم ملامح الإقليم، وعلى حساب حل القضية الفلسطينية واستقلال دولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو 1967، من خلال الفصل التعسفي بين القطاع والضفة الفلسطينية بما فيها العاصمة الأبدية القدس، وطمس دور منظمة التحرير والدولة الفلسطينية في تولي مهامها السياسية والقانونية واللوجستية على القطاع اسوة بالضفة الفلسطينية، وهذا هدف إسرائيلي جلي، أعلن عنه بنيامين نتنياهو وأركان ائتلافه النازي.
ما تقدم، يكشف ان المشهد على المسار الفلسطيني يدور حتى اللحظة الراهنة في دوامة عبثية، وخلط أميركي إسرائيلي مقصود للأوراق، لتحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية المالية التكتيكية والاستراتيجية في فلسطين المحتلة والاقليم عموما. لكن يجب ان يدرك القاصي والداني في الإقليم والعالم، أن سيناريو العدو الصهيو اميركي لن يمر دون حل المسألة الفلسطينية، التي ستبقى عنوانا للصراع، ومن المستحيل على ترمب وادارته والحكومة الاسرائيلية، مهما كانت قوتهم وغطرستهم طمس وتبديد استقلال الدولة الفلسطينية على أراضيها كاملة، لأنه لن يكون هناك استقرار ولا أمن في المنطقة دون حل المسألة الفلسطينية، كون التاريخ لم يعد كما كان قبل السابع من أكتوبر 2023، فالعالم تغير، ومقولة الرئيس ترمب ذاته أكدت ذلك، التي قال فيها " أنه نشأ في عالم تدور فيه السياسة حول إسرائيل، كلمة واحدة سيئة عن إسرائيل تبعدك عن السياسة، لكن الآن كلمة واحدة جيدة عن إسرائيل تبعدك عن السياسة." وفق ما كشفته شبكة "سي إن ان" قبل يومين، وجاءت مقولته في رسالة نصية الأسبوع الماضي، كشفت فحواها الشبكة الأميركية للمناقشة التي دارت بين الرئيس الأميركي ترمب ورئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو بشأن الاتفاق في قطاع غزة.
[email protected]
[email protected]