ظلموها جميعًا!
بي دي ان |
21 أكتوبر 2025 الساعة 12:43ص
كأنه يريد أن يصور أفكارها! طنين هائل وكأن بركانًا تفجَّر، لقد كان منفعل بالكلمات كأعظم ما يكون الانفعال؛ كلمات وأصوات مذكرة ومؤنثة وإنسانية همومها كثيرة، قد تكون أكثر دقة، وَلَا يَزالُ إلَى هذِهِ اللَّحْظةِ يَجْأرُ ويَصرُخ، عُيونُهُ تَقدَحُ النَّار، والكَلِماتُ مِن شَفتَيْهِ كالرَّصاصِ تَنْهمِرُ وتَتدفَّق، ولَكنَّ المُشكِلةَ هَلْ هُناكَ مَنْ يَسمَع؟ هَلْ يَتوقَّفُ أَحَدٌ ليَسْمَع؟ حاوِلْ أَنْت.
قال: المُعَذَّبة أُمُّ المعذَّبين، حزينة...صابرة، انفاسها نفحاتٍ متواصلةً من المرارة، والأسى حزنَها...ومأساتَها، كأنها هبطت من السماء لتتمرَّغ...مرغمة في دماء أبنائها، أمام تلك الغضبة الوحشية، التي فتكت بكل حي طير وأنسان وحيوان...شجر وحجر، تلاطمت الأمواج، والدماء، تمزق الجلد، فرقعت العظام، تطايرت الأجساد فوق الحطام، انهمرت الدماء كالفيضان، علا الصريخ والعويل...تمَّ الهدم.
تمَّ الهدم...يا صبر أيوب! وساد الصمت، وظَلَّ ظِلُّ الموت ممتدًّا فوق الرءوس مثل النار في الصُّوان حتى تساءل: أهذا كلُّ شيء؟! ولكنه لم يظفر بجواب! وبقيت الأنقاض خاليةً من أي معنًى وبلا رموز، وامتلأت الأركان بالركام، وتوارت الشمس وراء ركام وعظام، وهبَّ هواء الانقسام والخراب، مزمجر فعصف بكل شيء، وغشي الحزن القلوب، فثقلت بالأحزان، ظلَّ جدار الصمت والأسى قائمًا، والموت يدفع إلى الموت!! يا له من طاقة لا تخمد...فالقتل أكبر ممَّا يتوقَّعه أحد؛ ولا تصل إلى مسمعَيه في صمت الليل إلا الأنَّات الباكية الشاكية، فلا يعرف الألم الدفين إلا صاحبه.
حياة فوق طاقة البشر، أثارت الألم والحزن، وسرى المشهد في الأعصاب مثل قُشَعريرة الحمى، كما بعثت الدموع في أعين كثيرة.
صمت القبور ولا غير، نُواح الضائعين في المجهول، انقلب العالم ذا وجه قبيح يُنذر بالشر والإرهاب، بعد أن دُمِّرت، ونُهبت، و تُركت خرابةً مقسمة. منقسم...مسوَّرة، خضعت للعربدة الهوجاء، المنطلقة من غرائز بدائية وحشية، لتوجه كيان الوحوش الضارية...تفشَّى الذعر، و انغرز الصمت في نفوس محتقنة بالنار، وبالضياع في غياهب الفناء...لم تكن مستسلمًة للأقدار!!
ها هي ترنو إلى الغد بأعين طافحة بالهواجس. لشد ما تجهَّمها أجلاف العربان؛ بعد دفع الجزية والعربون لملك الحمير الأصفر، وانبرى أصحاب الخراب يُنذرون ويبدِّدون، ويدعون إلى الوحدة والتضامن بحناجر قوية وبطون مكتنزة. فهل تحلُّ بهم اللعنةُ ويفتِكُ بهم الجنون...كقدرٍ لا مفرَّ منه؟ فسلوكُهم يشبه انهيار الجناة، فهل عرفت الجاني...أم أخفاه الظلام والغدر؟ هل عرفت الفرار من الموت إلى الموت الذي يطارد الأبرياء بهِراوة الفناء؟ وكمائن للغدر تسيل عندها الدماء؟! ستخبرنا الأيام فلا تتعجَّل. فالموت لم يقُل كلمته الأخيرة بعد.
لقد وضعها الخوف من الموت بين فكَّي الموت نفسه... ثنائية الجحيم والكارثة الكبرى، والخراب، مازال ثمة انقسام ينشب أظافره في قلبها، انقسام..!! لمَ تبقون على هذه اللعنة قائمة؟! كالمحرقة...والفقر والهوان، و الموت
...الاثنان معًا!! ما هذا التدهور بعد الصمود؟ وكيف جاء التدهور ليرث نضالا كله دفاع؟! ثنائية الجحيم مصدر الشقاق والانقسام، والعداوةِ والمقتِ، ونحن جميعًا ضحيتُهم الأبدية...لا حسنة واحدة لهم! والأمس لا يمكن أن يرجع أبدًا، فمن يحمل أثقالها؟
من يكفِّر عنها بالصبر والألم دماء أبنائها، بعد أن حرصت عليهم بقوة حبها الخالد؟ من يتمادى في الغضب...من يفسد حسنها، ويطمس الجمال بالسخط، بمخطط من صنع الشيطان. وأشباح الأخطار والمحرقة، تتراقص في أركان دنياها الضيقة... تقلَّص قلبها في صمت، تلاشَ ، اندفِن في الظلام، وغاب الزمن تمامًا...في عصر الخيانة الوضيعة! وصورة كالحة للشر...وللمحرقة ضراوة ووحشية. أنيابها السامة الحادة القاسية.
تتابعت الضرباتُ وانهالت بعنفٍ على رأس صاحبة البحر والملح...ثقلت القلوب بالأحزان، بعثت الدموع في أعين كثيرة...كأمواج بحرها النقية المتقلِّبة الثائرة، تقوَّضت دنياها، تَبَدَّد حلمها، تبخَّرت سيادتها.تحدَّثت بيقين عن ماضٍ غابر كأنما كانت حقًّا تتنفَّس فيه، وحيدةً زاهدةً، لكن بلا رحة قلبٍ ولا راحة. فهل خلَت السماءُ من نُذُر العواصف المهلكة؟ فالأعين تزحف نحوها مثل الأفاعي، وهي تغلي، قالت: كأني ما خُلقت إلا للحزن والأسى، فحزنها مُهلكًا...ألَا تريد أن تفهم؟! وكأنها مخلوقٌ مهيبٌ لا يتجلَّى جلالُه إلا في رحاب الحزن الكبير.
آه يا مدينة البحر وعرائس الرمال الذهبية، ما حيلتي وليس لي في الضيق سواك؟! ماذا يفيدني! وهناك من ينتحر بوعيٍ وإرادة. و دماء قلبي...الأبناء متلاشيً في ظلمة النسيانِ والضياع. قاذفةً بالحاضر للمجهول. تجلَّت في وجهها اليائس معالم الاختناق والموت في أحضان الفناء، وتجهَّمَها المستقبلُ الغامض... والشعب؟ قالت: وأيُّ خاتمةٍ لشعب تعيس الحظِّ لم يحظَ مرَّةً واحدةً بحرية اختيارِ حياتِه!!
فقلت لها: أن أتعس الناسِ من ينشد النصر في عرب الهزيمة، وأخوة الشقاق والنفاق والانقسام؟ عربا عجما...همجا، وأنت أدرى بالحكاية وأصلها، هؤلاء أضعف من أن يتحدَّوا...الحقيقة أكبرهما صغير، وقد
جاوزوا حدودهم في العبث، منهما رفضًا وعنادًا...وبقيت العداوة وحدها، لا داء بلا علاج، ولا بد للشر من نهاية. لن أتركك للتراب. ولن تتجنَّسُ بجنسيةِ الغربةِ الأبدية.
فالإحساس بالغربة أو الاشمئزاز أو الضياع أو الثورة أو افتقاد القريب أو الوجود، إحساسٌ مختلف، أن الفقد أثقل من الأرض وأشمل من الهواء بل من أجل إزالة المجحف القادم. فهل جرَّبت قوتك إلا مع الضعفاء؟ فأتعس الناسِ من ينشد النصر في الهزيمة. و تستغلَّ قوة وهمية فتهلك الأبرياء.
آه يا نسمة الأمل المضيء الهائمة فوق السحاب تُرى...بأيِّ عينٍ ينظرون إليك؟ هل انتهى الحلم وضاعت الجوهرة، درة تاج الثورة، وبهجة الحرية الباهرة، ذروة الحلم المتلفِّعة بأضواء النجوم الساهرة، وردةٍ الشهداء النضرة، أريج الأهل والأصحاب، هل تحولا الحلم لحسرة وصراعٍ ناشبٍ في الأعماق؟
قالت: أهذا جزاءُ الإحسان؟ فلا تُذعن للطغيان، لا تستسلم للخوف، طَوِّع اليأس لخدمتك، حذارِ أن تستغلَّ قوة وهمية فتهلك الأبرياء، ابحث في الموت عن عزاء كريم إذا تعذَّرت الحياة؛ ثم انجابَت سحابةُ الصيف عن وجه الشمس المنير...كل شيء يتحرَّك فلا بُدَّ أن تحدث أمور...آنَ للمتصبِّر أن يجنيَ ثمرةَ تصبُّرِه...آنَ لليلِ الضنى والظلام أن ينتهي. ولم يسكت حواره مع نفسه.
قال: المُعَذَّبة أُمُّ المعذَّبين، حزينة...صابرة، انفاسها نفحاتٍ متواصلةً من المرارة، والأسى حزنَها...ومأساتَها، كأنها هبطت من السماء لتتمرَّغ...مرغمة في دماء أبنائها، أمام تلك الغضبة الوحشية، التي فتكت بكل حي طير وأنسان وحيوان...شجر وحجر، تلاطمت الأمواج، والدماء، تمزق الجلد، فرقعت العظام، تطايرت الأجساد فوق الحطام، انهمرت الدماء كالفيضان، علا الصريخ والعويل...تمَّ الهدم.
تمَّ الهدم...يا صبر أيوب! وساد الصمت، وظَلَّ ظِلُّ الموت ممتدًّا فوق الرءوس مثل النار في الصُّوان حتى تساءل: أهذا كلُّ شيء؟! ولكنه لم يظفر بجواب! وبقيت الأنقاض خاليةً من أي معنًى وبلا رموز، وامتلأت الأركان بالركام، وتوارت الشمس وراء ركام وعظام، وهبَّ هواء الانقسام والخراب، مزمجر فعصف بكل شيء، وغشي الحزن القلوب، فثقلت بالأحزان، ظلَّ جدار الصمت والأسى قائمًا، والموت يدفع إلى الموت!! يا له من طاقة لا تخمد...فالقتل أكبر ممَّا يتوقَّعه أحد؛ ولا تصل إلى مسمعَيه في صمت الليل إلا الأنَّات الباكية الشاكية، فلا يعرف الألم الدفين إلا صاحبه.
حياة فوق طاقة البشر، أثارت الألم والحزن، وسرى المشهد في الأعصاب مثل قُشَعريرة الحمى، كما بعثت الدموع في أعين كثيرة.
صمت القبور ولا غير، نُواح الضائعين في المجهول، انقلب العالم ذا وجه قبيح يُنذر بالشر والإرهاب، بعد أن دُمِّرت، ونُهبت، و تُركت خرابةً مقسمة. منقسم...مسوَّرة، خضعت للعربدة الهوجاء، المنطلقة من غرائز بدائية وحشية، لتوجه كيان الوحوش الضارية...تفشَّى الذعر، و انغرز الصمت في نفوس محتقنة بالنار، وبالضياع في غياهب الفناء...لم تكن مستسلمًة للأقدار!!
ها هي ترنو إلى الغد بأعين طافحة بالهواجس. لشد ما تجهَّمها أجلاف العربان؛ بعد دفع الجزية والعربون لملك الحمير الأصفر، وانبرى أصحاب الخراب يُنذرون ويبدِّدون، ويدعون إلى الوحدة والتضامن بحناجر قوية وبطون مكتنزة. فهل تحلُّ بهم اللعنةُ ويفتِكُ بهم الجنون...كقدرٍ لا مفرَّ منه؟ فسلوكُهم يشبه انهيار الجناة، فهل عرفت الجاني...أم أخفاه الظلام والغدر؟ هل عرفت الفرار من الموت إلى الموت الذي يطارد الأبرياء بهِراوة الفناء؟ وكمائن للغدر تسيل عندها الدماء؟! ستخبرنا الأيام فلا تتعجَّل. فالموت لم يقُل كلمته الأخيرة بعد.
لقد وضعها الخوف من الموت بين فكَّي الموت نفسه... ثنائية الجحيم والكارثة الكبرى، والخراب، مازال ثمة انقسام ينشب أظافره في قلبها، انقسام..!! لمَ تبقون على هذه اللعنة قائمة؟! كالمحرقة...والفقر والهوان، و الموت
...الاثنان معًا!! ما هذا التدهور بعد الصمود؟ وكيف جاء التدهور ليرث نضالا كله دفاع؟! ثنائية الجحيم مصدر الشقاق والانقسام، والعداوةِ والمقتِ، ونحن جميعًا ضحيتُهم الأبدية...لا حسنة واحدة لهم! والأمس لا يمكن أن يرجع أبدًا، فمن يحمل أثقالها؟
من يكفِّر عنها بالصبر والألم دماء أبنائها، بعد أن حرصت عليهم بقوة حبها الخالد؟ من يتمادى في الغضب...من يفسد حسنها، ويطمس الجمال بالسخط، بمخطط من صنع الشيطان. وأشباح الأخطار والمحرقة، تتراقص في أركان دنياها الضيقة... تقلَّص قلبها في صمت، تلاشَ ، اندفِن في الظلام، وغاب الزمن تمامًا...في عصر الخيانة الوضيعة! وصورة كالحة للشر...وللمحرقة ضراوة ووحشية. أنيابها السامة الحادة القاسية.
تتابعت الضرباتُ وانهالت بعنفٍ على رأس صاحبة البحر والملح...ثقلت القلوب بالأحزان، بعثت الدموع في أعين كثيرة...كأمواج بحرها النقية المتقلِّبة الثائرة، تقوَّضت دنياها، تَبَدَّد حلمها، تبخَّرت سيادتها.تحدَّثت بيقين عن ماضٍ غابر كأنما كانت حقًّا تتنفَّس فيه، وحيدةً زاهدةً، لكن بلا رحة قلبٍ ولا راحة. فهل خلَت السماءُ من نُذُر العواصف المهلكة؟ فالأعين تزحف نحوها مثل الأفاعي، وهي تغلي، قالت: كأني ما خُلقت إلا للحزن والأسى، فحزنها مُهلكًا...ألَا تريد أن تفهم؟! وكأنها مخلوقٌ مهيبٌ لا يتجلَّى جلالُه إلا في رحاب الحزن الكبير.
آه يا مدينة البحر وعرائس الرمال الذهبية، ما حيلتي وليس لي في الضيق سواك؟! ماذا يفيدني! وهناك من ينتحر بوعيٍ وإرادة. و دماء قلبي...الأبناء متلاشيً في ظلمة النسيانِ والضياع. قاذفةً بالحاضر للمجهول. تجلَّت في وجهها اليائس معالم الاختناق والموت في أحضان الفناء، وتجهَّمَها المستقبلُ الغامض... والشعب؟ قالت: وأيُّ خاتمةٍ لشعب تعيس الحظِّ لم يحظَ مرَّةً واحدةً بحرية اختيارِ حياتِه!!
فقلت لها: أن أتعس الناسِ من ينشد النصر في عرب الهزيمة، وأخوة الشقاق والنفاق والانقسام؟ عربا عجما...همجا، وأنت أدرى بالحكاية وأصلها، هؤلاء أضعف من أن يتحدَّوا...الحقيقة أكبرهما صغير، وقد
جاوزوا حدودهم في العبث، منهما رفضًا وعنادًا...وبقيت العداوة وحدها، لا داء بلا علاج، ولا بد للشر من نهاية. لن أتركك للتراب. ولن تتجنَّسُ بجنسيةِ الغربةِ الأبدية.
فالإحساس بالغربة أو الاشمئزاز أو الضياع أو الثورة أو افتقاد القريب أو الوجود، إحساسٌ مختلف، أن الفقد أثقل من الأرض وأشمل من الهواء بل من أجل إزالة المجحف القادم. فهل جرَّبت قوتك إلا مع الضعفاء؟ فأتعس الناسِ من ينشد النصر في الهزيمة. و تستغلَّ قوة وهمية فتهلك الأبرياء.
آه يا نسمة الأمل المضيء الهائمة فوق السحاب تُرى...بأيِّ عينٍ ينظرون إليك؟ هل انتهى الحلم وضاعت الجوهرة، درة تاج الثورة، وبهجة الحرية الباهرة، ذروة الحلم المتلفِّعة بأضواء النجوم الساهرة، وردةٍ الشهداء النضرة، أريج الأهل والأصحاب، هل تحولا الحلم لحسرة وصراعٍ ناشبٍ في الأعماق؟
قالت: أهذا جزاءُ الإحسان؟ فلا تُذعن للطغيان، لا تستسلم للخوف، طَوِّع اليأس لخدمتك، حذارِ أن تستغلَّ قوة وهمية فتهلك الأبرياء، ابحث في الموت عن عزاء كريم إذا تعذَّرت الحياة؛ ثم انجابَت سحابةُ الصيف عن وجه الشمس المنير...كل شيء يتحرَّك فلا بُدَّ أن تحدث أمور...آنَ للمتصبِّر أن يجنيَ ثمرةَ تصبُّرِه...آنَ لليلِ الضنى والظلام أن ينتهي. ولم يسكت حواره مع نفسه.