بعد القصف المفاجئ… هل كانت الهدنة فخًا؟

بي دي ان |

19 أكتوبر 2025 الساعة 10:53م

الكاتب
مقدمة:

في صباحٍ بدا هادئًا بعد معاناة طويلة، استفاق قطاع غزة مجددًا على وقع الغارات الإسرائيلية، رغم الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق نار وبدء مرحلة إعادة الإعمار. المفارقة أن هذا العدوان جاء في لحظة كانت فيها الأنظار تتجه نحو ترتيبات سياسية قيل إنها تضمن "هدوءًا طويل المدى". فما الذي حدث؟ ولماذا عادت النيران سريعًا؟ وما الذي تخفيه المرحلة القادمة؟

ماذا جرى؟

فوجئ الجميع بقصف إسرائيلي مفاجئ استهدف مواقع في غزة، ترافق مع إعلان تل أبيب تعليق إدخال المساعدات، بحجة خرق مزعوم من جانب المقاومة.  
الخارجية الأمريكية سارعت لتأييد القصف، مدعية وجود تقارير عن "تهديدات من حماس تجاه مدنيين"، في تبرير واضح للهجوم.  
على الأرض، كانت حماس قد بدأت خطوات سريعة لإعادة السيطرة الإدارية والأمنية في القطاع، من خلال نشر الشرطة، وتأمين المساعدات، وتنظيم الأسواق، وإعادة بعض الخدمات.

تحليل المشهد:

1. هل كانت الهدنة مجرد استراحة لإسرائيل؟
   ما جرى يشير إلى أن تل أبيب استغلت الهدنة لإعادة التموضع، وأن نيتها في استكمال أهدافها لم تتوقف، بل تم تأجيلها مؤقتًا تحت ضغط أمريكي ودولي.

2. قلق من عودة حماس بسرعة إلى الميدان:
 الانتشار السريع لعناصرها، وترتيب الأمور الإدارية في غزة، أعاد لإسرائيل هواجس "فشل المهمة"، وكأن المقاومة لم تُهزم.

3. تأييد أمريكي سريع... هل هو ضوء أخضر؟
   البيان الأمريكي الذي تبنّى رواية إسرائيل، يفتح المجال لاحتمال أن يكون القصف جزءًا من ترتيبات متفق عليها، خصوصًا مع الغموض الذي يلف بعض التفاصيل.

4. أين نحن الآن؟
   غزة في مرحلة حرجة: هدنة غير مستقرة، ترتيبات سياسية تُطبخ في الخفاء، واستهداف متجدد لكل ما له علاقة بالمقاومة أو رموزها، حتى بعد الظهور العلني لقيادات كانت مختفية.

إلى أين تتجه الأمور؟

– إسرائيل تسعى إلى إعادة فرض المعادلة بالقوة، وربما تمهيد الطريق لفرض إدارة بديلة لغزة تحت إشراف دولي.  
– المقاومة أمام خيارين: إما الانخراط في ترتيبات سياسية دون ضمانات واضحة، أو إعادة تموضعها بطريقة تضمن حماية المشروع الوطني والمقاوم دون دفع غزة نحو التصفية.  
– الشعب الفلسطيني، وخاصة في غزة، يدفع الثمن الأكبر وسط تعقيد المشهد الإقليمي والدولي.

خاتمة:

العدوان الأخير لم يكن مفاجئًا لمن يقرأ الواقع جيدًا، بل كان متوقعًا- سبق وحذرنا منه في مقال سابق-  في ظل هشاشة الهدنة، وطموحات الاحتلال غير المنتهية.  

المرحلة القادمة تتطلب وعيًا سياسيًا عاليًا، ووحدة وطنية حقيقية، واستراتيجية مدروسة توازن بين الحقوق والممكن، وتمنع استفراد الاحتلال بغزة بعد أن فشل في كسرها.

فالقضية لم تنتهِ… بل دخلت مرحلة جديدة، يجب أن نكون فيها أكثر يقظة من أي وقت مضى.