ناصر القدوة.. في قلب الحسابات الفلسطينية المُقبِلة

بي دي ان |

08 أكتوبر 2025 الساعة 01:14م

الكاتب
في ظل الحراك السياسي المتسارع الذي تشهده الساحة الفلسطينية، تعود إلى الواجهة شخصية دبلوماسية بارزة تمتلك رصيدًا وطنيًا ودوليًا كبيرًا، وبصورة دراماتيكية لموقعه الرسمي في اللجنة المركزية لحركة فتح، حيث يُعد ناصر القدوة ابنًا للمدرسة الوطنية العرفاتية، وأحد أبرز وجوه الدبلوماسية الفلسطينية.
ومع تصاعد الحديث العربي والدولي عن ترتيبات مرحلة ما بعد الحرب في غزة، يبرز اسمه كمرشح محتمل لدور محوري قد يُحدد ملامح المرحلة المقبلة.

في ضوء المعطيات الراهنة في المشهد السياسي، تبرز أمام القدوة احتمالان أساسيان لمستقبله السياسي.
أولهما، توليه رئاسة حكومة فلسطينية انتقالية توافقية، وهو خيار يحظى بدعم ضمني من أطراف عربية فاعلة تسعى لإيجاد قيادة فلسطينية جديدة تحظى بقبول داخلي ودولي. وتُناط بهذه الحكومة مهمتان مركزيتان:
الأولى، إعادة إعمار غزة وتهيئة الأجواء للانتخابات.
والثانية، تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية تُنهي الانقسام وتُعيد توحيد المؤسسات الفلسطينية.

بناءً على ذلك، يُعد القدوة خيارًا مناسبًا لهذا الدور لما يمتلكه من شرعية تاريخية ورمزية بصفته أحد الرموز البارزة لحركة فتح ورفيق درب ياسر عرفات، فضلًا عن قبوله الدولي الواسع بفضل تجربته الطويلة في الأمم المتحدة واستقلاليته عن مراكز النفوذ، مما يجعله شخصية وسطية قادرة على جمع الفرقاء.
غير أنّ هذا المسار يواجه عقبات حقيقية، أبرزها تحفظ بعض القيادات الفلسطينية التي قد تنظر إلى عودته من بوابة الحكومة كتقويض لمكانتها وطموحاتها المستقبلية، إضافة إلى معارضة حركة حماس التي لن تقبل بسهولة بحكومة قد تُعيد السلطة إلى غزة دون تفاهمات وضمانات واضحة لدورها السياسي.

في المقابل، يبدو السيناريو الثاني أكثر واقعية، ويتمثل في تمثيل القدوة للسلطة الفلسطينية ضمن لجنة أو إدارة دولية مقترحة لإدارة غزة مؤقتًا، وهي فكرة يجري تداولها في الأوساط الدبلوماسية وتشمل مشاركة أممية ودولية وإقليمية، مع تمثيل فلسطيني سياسي وشرعي يُحدث توازنًا ضروريًا لاستمرار العمل نحو المسار السياسي المستقبلي.
هذا الدور ينسجم تمامًا مع خبرة القدوة الأممية والدبلوماسية، ويخفف من حدة التحفظات الداخلية لأنه لا يتقاطع مباشرة مع مواقع السلطة التنفيذية، كما ينسجم مع الرغبة الدولية في وجود شخصية فلسطينية موثوقة تمثل السلطة ضمن إطارٍ متعدد الأطراف، دون أن يحدث قطيعة مع الواقع السياسي فلسطينيًا ودوليًا.
وقد يشكل هذا الدور، وإن بدا مؤقتًا، مدخلًا عمليًا لعودته إلى المشهد السياسي وربما لرئاسة السلطة في مرحلة لاحقة.

في هذا الإطار، فإن ناصر القدوة ليس مجرد اسم مطروح في سياق الترتيبات المقبلة، بل يمثل جسرًا سياسيًا بين الداخل الفلسطيني المنقسم والمجتمع الدولي الباحث عن شريك موثوق. فهو يجمع بين رصيد وطني عريق وقبول دولي نادر، ما يجعله أحد أكثر الأسماء ترجيحًا في مرحلة تبحث فيها فلسطين عن إعادة التوازن والشرعية لنظامها السياسي.
وسواءً انتهى به المسار إلى رئاسة الحكومة الانتقالية أو إلى تمثيل السلطة في إدارة دولية لغزة، يبقى القدوة شخصية قادرة على الربط بين تعقيدات الواقع الفلسطيني ومتطلبات التفاهمات الإقليمية والدولية، في محاولة لفتح أفق سياسي جديد يُعيد الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني.