فلسطين تدخل مرحلة جديدة: اعتراف دولي واسع يعزز الشرعية الدولية ويضغط على الاحتلال الصِّهيو-أمريكي
بي دي ان |
22 سبتمبر 2025 الساعة 05:32ص

دخلت القضية الفلسطينية مرحلة تاريخية فارقة بعد الإعلان عن اعتراف كل من بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال بالدولة الفلسطينية، فالاعتراف يمثل تصحيحاً متأخراً لمسار تاريخي طويل مثقل بالمسؤولية الأخلاقية والسياسية، لا سيما بالنسبة لبريطانيا صاحبة تصريح بلفور ومسؤوليتها المباشرة عن مأساة الشعب الفلسطيني. وبعد مرور 108 سنوات على الظلم البريطاني، قال كير ستارمر، رئيس وزراء بريطاني: "اعترفنا اليوم بدولة فلسطين لإحياء أمل السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين". جاء الإعلان قبل يوم واحد من انعقاد مؤتمر نيويورك لإنفاذ حل الدولتين على مستوى القمة، برئاسة السعودية وفرنسا، يوم الاثنين الموافق 22 سبتمبر 2024، بالتزامن مع الدورة رقم 80 للجمعية العامة للأمم المتحدة. ومن المتوقع أن تعلن دول غربية أخرى، اعترافها بالدولة الفلسطينية، ما سيرفع عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين إلى 160 دولة تقريباً، أي ما يعادل نحو 82% من دول العالم. بالطبع يعكس هذا التحول تصدّع الإجماع الغربي التقليدي، الذي لطالما دعم المشروع الصِّهيوني، ويشير إلى أن المجتمع الدولي بدأ يتبنى موقفاً أكثر وضوحاً في دعم الحقوق الفلسطينية المشروعة وغير القابلة للتصرف.
موجات الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية:
تعود أولى موجات الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية إلى العام 1974، عندما اعترفت الأمم المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، بعد خطاب الرئيس الشهيد ياسر عرفات التاريخي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وجاءت الموجة الثانية في ديسمبر 1988، عقب إعلان وثيقة الاستقلال في الجزائر، وبموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 177/43، تم استبدل اسم "منظمة التحرير الفلسطينية" باسم "فلسطين". وسارعت العديد من الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية وقد بلغ عددها في ذلك الوقت 78 دولة تقريباً.
مع نهاية الحرب الباردة، جاءت الموجة الثالثة التي تزامنت مع عملية السلام واتفاق أوسلو عام 1993، بينما شهدت الموجة الرابعة في نوفمبر 2012 حصول فلسطين على صفة دولة مراقب بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 67/19. وفي مايو 2024، أقرت الجمعية العامة رفع مكانة فلسطين المراقبة ومنحها امتيازات تقارب وضع الدولة ذات العضوية الكاملة، وهو ما شكّل خطوة قانونية وسياسية هامة.
اليوم، نحن في خضم الموجة الخامسة من الاعترافات الدولية، التي شملت عدداً من الدول الغربية على رأسها بريطانيا، وستعترف كل من فرنسا، ولوكسمبورغ، وبلجيكا، ومالطا، وأندورا، وسان مارينو بدولة فلسطين.
الدلالات القانونية والسياسية للاعترافات الغربية:
يمثل الاعتراف الغربي بالدولة الفلسطينية خطوة مهمة تحمل أبعاداً سياسية وقانونية، تؤكد المسؤولية التاريخية والأخلاقية المرتبطة بالشرعية الدولية، وتعزز الحقوق القانونية لفلسطين في استكمال الانضمام إلى المنظمات الدولية، بما فيها المحاكم الدولية، ما يتيح إمكانية تحريك دعاوى ضد انتهاكات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية. أما سياسياً، فيشير الاعتراف إلى تصدع الإجماع الغربي التقليدي الداعم للمشروع الصِّهيوني، ويبعث برسالة واضحة بأن المجتمع الدولي بدأ يعيد النظر في سياسات الاحتلال وضرورة الالتزام بالقانون الدولي.
الآثار القانونية المترتبة على الاعترافات الدولية:
1- اعتراف نحو 82% من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة يعزز مكانة فلسطين القانونية في مختلف المحافل الدولية.
2- الاعتراف الجماعي يعزز الإطار القانوني لمساءلة الاحتلال على جرائمه ضد الشعب الفلسطيني، بما يشمل قضايا متعلقة بحقوق الإنسان وجرائم الحرب والتهجير القسري والحصار والتجويع
3- يمكن استخدام الاعتراف كأساس قانوني لدعم فرض تدابير عقابية على الاحتلال، بما في ذلك القيود الاقتصادية أو العقوبات الجزئية، مستلهمين في ذلك تجربة الضغط الدولي التي مورست ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
الآثار السياسية والدبلوماسية:
• من المتوقع أن تستخدم الولايات المتحدة نفوذها للحد من تأثير الاعترافات على مواقف حلفائها، عبر الضغوط الدبلوماسية أو التهديد بخفض المساعدات أو التعاون الأمني. ومن المؤكد أن سلطات الاحتلال ستتخذ إجراءات عقابية، مثل تجميد أموال السلطة الوطنية الفلسطينية ومحاولة تفكيكها، وتوسيع المستوطنات بما في ذلك تسريع مشروع E1، والضم الجزئي للضفة الغربية. إلا أن الموقف الدولي الجماعي سيحدّ من فعالية هذه الخطوات، والاتجاه الأوروبي الجديد، بقيادة فرنسا وبريطانيا وإيرلندا وإسبانيا، قد يشمل تعليق امتيازات تجارية، وحظر صادرات من المستوطنات، وتجميد أصول المسؤولين والوزراء، وفرض قيود على التعاون الأمني والعلمي والسياسية والدبلوماسي.
التشابه مع جنوب إفريقيا:
كما واجه نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا عزلة دبلوماسية واقتصادية متزايدة في الثمانينيات، تواجه سلطات الاحتلال اليوم عزلة مماثلة نتيجة انتهاك القانون الدولي عبر ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتمييز العنصري، إلى جانب الحصار والتجويع المستمر، والزحف الاستيطاني والاعتداء على المواطنين وممتلكاتهم، لا سيما بعد أزمة السابع من أكتوبر 2023. ويبعث هذا الموقف رسالة واضحة للاحتلال مفادها أن معاناة المدنيين يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في أي عملية دبلوماسية، وأن الشرعية الدولية لا يمكن استبدالها بالقوة أو بالنفوذ السياسي مهما كانت أشكاله.
الخلاصة، تؤكد الموجة الحالية من الاعترافات الدولية دخول فلسطين مرحلة جديدة من الشرعية القانونية والسياسية، وأن المجتمع الدولي أصبح مستعداً لمحاسبة الاحتلال على انتهاكاته وممارساته غير القانونية. هذه التحولات تفتح الطريق نحو حل الدولتين، وتعزز موقف فلسطين في المحافل الدولية، وتعيد إلى الأذهان الدروس المستفادة من التجارب التاريخية في مواجهة أنظمة الفصل العنصري، مؤكدة أن العدالة الدولية قد تتأخر لكنها لن تتجاهل الحقوق المشروعة للشعوب.
[email protected]
موجات الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية:
تعود أولى موجات الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية إلى العام 1974، عندما اعترفت الأمم المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، بعد خطاب الرئيس الشهيد ياسر عرفات التاريخي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وجاءت الموجة الثانية في ديسمبر 1988، عقب إعلان وثيقة الاستقلال في الجزائر، وبموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 177/43، تم استبدل اسم "منظمة التحرير الفلسطينية" باسم "فلسطين". وسارعت العديد من الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية وقد بلغ عددها في ذلك الوقت 78 دولة تقريباً.
مع نهاية الحرب الباردة، جاءت الموجة الثالثة التي تزامنت مع عملية السلام واتفاق أوسلو عام 1993، بينما شهدت الموجة الرابعة في نوفمبر 2012 حصول فلسطين على صفة دولة مراقب بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 67/19. وفي مايو 2024، أقرت الجمعية العامة رفع مكانة فلسطين المراقبة ومنحها امتيازات تقارب وضع الدولة ذات العضوية الكاملة، وهو ما شكّل خطوة قانونية وسياسية هامة.
اليوم، نحن في خضم الموجة الخامسة من الاعترافات الدولية، التي شملت عدداً من الدول الغربية على رأسها بريطانيا، وستعترف كل من فرنسا، ولوكسمبورغ، وبلجيكا، ومالطا، وأندورا، وسان مارينو بدولة فلسطين.
الدلالات القانونية والسياسية للاعترافات الغربية:
يمثل الاعتراف الغربي بالدولة الفلسطينية خطوة مهمة تحمل أبعاداً سياسية وقانونية، تؤكد المسؤولية التاريخية والأخلاقية المرتبطة بالشرعية الدولية، وتعزز الحقوق القانونية لفلسطين في استكمال الانضمام إلى المنظمات الدولية، بما فيها المحاكم الدولية، ما يتيح إمكانية تحريك دعاوى ضد انتهاكات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية. أما سياسياً، فيشير الاعتراف إلى تصدع الإجماع الغربي التقليدي الداعم للمشروع الصِّهيوني، ويبعث برسالة واضحة بأن المجتمع الدولي بدأ يعيد النظر في سياسات الاحتلال وضرورة الالتزام بالقانون الدولي.
الآثار القانونية المترتبة على الاعترافات الدولية:
1- اعتراف نحو 82% من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة يعزز مكانة فلسطين القانونية في مختلف المحافل الدولية.
2- الاعتراف الجماعي يعزز الإطار القانوني لمساءلة الاحتلال على جرائمه ضد الشعب الفلسطيني، بما يشمل قضايا متعلقة بحقوق الإنسان وجرائم الحرب والتهجير القسري والحصار والتجويع
3- يمكن استخدام الاعتراف كأساس قانوني لدعم فرض تدابير عقابية على الاحتلال، بما في ذلك القيود الاقتصادية أو العقوبات الجزئية، مستلهمين في ذلك تجربة الضغط الدولي التي مورست ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
الآثار السياسية والدبلوماسية:
• من المتوقع أن تستخدم الولايات المتحدة نفوذها للحد من تأثير الاعترافات على مواقف حلفائها، عبر الضغوط الدبلوماسية أو التهديد بخفض المساعدات أو التعاون الأمني. ومن المؤكد أن سلطات الاحتلال ستتخذ إجراءات عقابية، مثل تجميد أموال السلطة الوطنية الفلسطينية ومحاولة تفكيكها، وتوسيع المستوطنات بما في ذلك تسريع مشروع E1، والضم الجزئي للضفة الغربية. إلا أن الموقف الدولي الجماعي سيحدّ من فعالية هذه الخطوات، والاتجاه الأوروبي الجديد، بقيادة فرنسا وبريطانيا وإيرلندا وإسبانيا، قد يشمل تعليق امتيازات تجارية، وحظر صادرات من المستوطنات، وتجميد أصول المسؤولين والوزراء، وفرض قيود على التعاون الأمني والعلمي والسياسية والدبلوماسي.
التشابه مع جنوب إفريقيا:
كما واجه نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا عزلة دبلوماسية واقتصادية متزايدة في الثمانينيات، تواجه سلطات الاحتلال اليوم عزلة مماثلة نتيجة انتهاك القانون الدولي عبر ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتمييز العنصري، إلى جانب الحصار والتجويع المستمر، والزحف الاستيطاني والاعتداء على المواطنين وممتلكاتهم، لا سيما بعد أزمة السابع من أكتوبر 2023. ويبعث هذا الموقف رسالة واضحة للاحتلال مفادها أن معاناة المدنيين يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في أي عملية دبلوماسية، وأن الشرعية الدولية لا يمكن استبدالها بالقوة أو بالنفوذ السياسي مهما كانت أشكاله.
الخلاصة، تؤكد الموجة الحالية من الاعترافات الدولية دخول فلسطين مرحلة جديدة من الشرعية القانونية والسياسية، وأن المجتمع الدولي أصبح مستعداً لمحاسبة الاحتلال على انتهاكاته وممارساته غير القانونية. هذه التحولات تفتح الطريق نحو حل الدولتين، وتعزز موقف فلسطين في المحافل الدولية، وتعيد إلى الأذهان الدروس المستفادة من التجارب التاريخية في مواجهة أنظمة الفصل العنصري، مؤكدة أن العدالة الدولية قد تتأخر لكنها لن تتجاهل الحقوق المشروعة للشعوب.
[email protected]