حرب الأبراج وفناء غزة

بي دي ان |

17 سبتمبر 2025 الساعة 05:26م

الكاتب
تنفيذا لخطة دونالد ترمب رئيس الولايات المتحدة وصهره جاريد كوشنير واداتهم الرخيصة توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، ومعهم قائد فريق الإبادة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأركان ائتلافه الحاكم بطرد السكان الفلسطينيين بغالبيتهم الساحقة، إن لم يكن جميعهم من قطاع غزة، في أوسع وأبشع عملية تطهير عرقي في تاريخ الصراع العربي الصهيو أميركي، بالتلازم مع ذلك، يتم عن سابق تصميم وإصرار تدمير مئات الاف الوحدات السكنية والمؤسسات والهيئات الرسمية والأهلية والمدارس والجامعات والمعابد والمتاحف والاثار والمراكز الثقافية، وإخراج المستشفيات والمراكز الصحية من الخدمة، وفرض حرب التجويع والامراض والاوبئة لتحقيق الغاية الاستعمارية المتمثلة ببناء "ريفيرا الشرق الأوسط" على شواطئ غزة، ونهب النفط والغاز، والعقارات وبناء الابراج ناطحات السحاب، وإقامة خمس مدن للهاي تيك والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والصناعات الدقيقة، التي تتكئ على قاعدة ارتكاز ايديلوجية مشبعة بالميثولوجيا والاساطير، التي تنفي عن الشعب العربي الفلسطيني مكانته الإنسانية والوطنية، وتعتبره درجة ثانية او ثالثة من درجات الإنسانية، ويفترضون انهم مجرد عبيد لا أكثر ولا أقل، لا يستحقون الحياة اسوة بالجنس الأبيض العنصري في بلاد الغرب عموما.
ولا اضيف جديدا للتأكيد على، أن هذا المخطط الإبادوي الوحشي هو الامتداد الطبيعي لفلسفة وسياسة وجرائم الاستعمار الغربي التاريخية الممتدة من قبل نشوء عصر النهضة نهاية القرن الخامس عشر وحتى اللحظة التاريخية الراهنة، حيث لم تكن الحروب الصليبية الملفعة بثوب اللاهوت والاساطير والخزعبلات، الذي شوهه المزورون بأكاذيب وخرافات مازالت تعبث في وعي وسلوك الملايين من اتباع العهدين القديم والجديد، وخاصة اتباع الديانة اليهودية من الصهاينة، والانجليكان المسيحيين المتصهينين الذين خلقوا وهيأوا الشروط الذاتية والموضوعية للمشروع الصهيوني الوظيفي، ووضعوا مداميكه الأولى بعد مؤتمر بازل بسويسرا 1897، بمؤتمر كامبل نبرمان 1905/1907، وما تلاه من اتفاقية سايكس بيكو 1916، ووعد بلفور 1917 الخ من السلسلة الطويلة من خطط واهداف المؤامرة التاريخية، وتأمين الشروط السياسية والاقتصادية والقانونية والثقافية والدينية لوضع أعمدة تأسيس دولة إسرائيل اللقيطة على انقاض نكبة الشعب العربي الفلسطيني عام 1948، بعدما نظموا تهجير يهود الخزر (القبيلة ال13) ومن تم استقطابه لقطاعات واسعة من يهود القبائل (الاسباط) ال12 الأخرى، واستنادا الى قرار التقسيم الاممي 181 الصادر في تشرين ثاني / نوفمبر 1947.
ولم يكتف الغرب الامبريالي بإقامة إسرائيل في الأرض الفلسطينية العربية، بل شكلوا لها الحصانة السياسية والديبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، وكانوا الداعم الأساس في مجالات الحياة كافة، لكي تبقى أداة وظيفية في خدمة المصالح الحيوية لنيوليبرالية الأميركية خصوصا والغربية عموما، والعصا الغليظة على رأس العرب ودول الاقليم في الشرق الأوسط، وبقدر ما أعطى الغرب إسرائيل وساهم في تعزيز مكانتها اللقيطة في الإقليم والعالم، بقدر ما ضاعف من أمتهان الغرب العرب عموما واشقائهم الفلسطينيين خصوصا، وتم تدريجيا تمزيق الوحدة الشكلية للعرب، وحرفوا بوصلتهم عن أمنهم القومي الاقتصادي والعسكري من خلال زرع أدوات تابعة ومتهالكة، لا هم لها سوى البقاء على كرسي الحكم، حتى لو دفعت تريليونات الدولارات جزية لسيد البيت الأبيض العنصري بامتياز، كما أطلقوا يدها (إسرائيل) بشكل غير مسبوق في الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا على مدار العامين الأخيرين منذ السابع من تشرين اول / أكتوبر 2023 وحتى الان، ومازالت نيرانها مشتعلة وآلة تدميرها تطحن الأرض والشجر والحجر والهواء والانسان بشكل فاق كل وصف، ودون الفصل بين ما يجري في ال24 شهرا الماضية وبين تاريخ الصراع الطويل.
نعم الرئيس الأميركي ومعه رجل إسرائيل القوي نتنياهو في عجلة من امرهم لبلوغ هدف الإبادة الكاملة للشعب الفلسطيني في غزة لتحقيق التهجير القسري للمليونين و300 ألف مواطن فلسطيني، وهذا تطلب من آلة الموت والدمار العسكرية الفتاكة والأكثر حداثة بمسابقة الزمن في تحقيق اعلى نسبة تدمير هائلة وغير مسبوقة، عبر تعميق وتوسيع عمليات المسح للوحدات السكنية، وإزالة كل معلم من معالم الحياة الادمية، كما حصل في رفح وجنوب خانيونس وفي محافظة الشمال في بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا واحياء الشجاعية والزيتون والتفاح والدرج شرق مدينة غزة، المدينة المركزية للقطاع، حيث قام الجيش الإسرائيلي بتدمير ما يزيد عن 1600 بناية سكنية، وما يفوق 13000 خيمة في الآسابيع الأخيرة، وتهجير ما يتجاوز 350 الف مواطن من شرق غزة فقط الى وسط وغرب المدينة، دون وجود ادنى مقومات الصمود والبقاء، ومازالت الطائرات والمدافع والدبابات والزوارق البحرية الحربية تواصل القصف الهمجي بشكل جنوني يفوق ما كان سابقا لتضييق الخناق على أبناء الشعب وارغامهم على النزوح والتهجير القسري الى الجنوب.
ومن الأبراج التي استهدفت وسيتم اليوم ولاحقا استهدافها وفق الخريطة الإسرائيلية التي نشرت: أبراج الزهارنة 1 و2 و3، أبراج الظافر 1و2و3و4و5و7و9 و10، أبراج مشتهى 2و3و4و5 و6 و7 و8، اباج الملش من 1 الى 31، أبراج المهندسين 1و2و3و5، أبراج الرائد 1و2و3، أبراج الكرامة ال15 برجا، أبراج المقوسي ال 13 برجا، أبراج تل الهوى تبقى منها 12 برجا، أبراج النخبة 1و2و3و4و5، أبراج الغفري 1و2و3و4و5و6، أبراج الشروق 1و2و3و، بلاج النور وبرج سهاد وبرج شوا وحصري، وغيرها من الأبراج الهدف منها فناء المدينة والقطاع عموما من رفح جنوبا الى بيت حانون وبيت لاهيا شمالا ومن الشرق الى الغرب، وتسوية الأبراج والابنية والمعابد والمؤسسات والمستشفيات والجامعات والمدارس بالأرض، وتهجير السكان جميعا منها لإخلائها، حتى يستولي الرئيس الأميركي سمسار العقارات ومعه صهره كوشنير وعرابهم البريطاني الرخيص واداتهم نتنياهو على مساحة القطاع الكلية ال365 كم2 لبناء مشروعهم الكولونيالي على الأرض الفلسطينية وتحديدا في قطاع غزة.
ورغم هول الكارثة والفاجعة والابادة ونزوح مئات الالاف من الفلسطينيين الى الجنوب من الشمال والوسط، الا أن مشروعهم لن يرى النور، وستتحطم طموحاتهم على صخرة صمود الشعب وتمسكه بترابه الوطني، ورفضة الاستسلام مهما كانت التضحيات، وقادم الأيام سيحمل الجواب بعيدا عن الخزعبلات والتمنيات والاسقاطات الرغبوية، وتحديدا بالاستناد تمسك الشعب بالأرض والوطن ورفض التهجير القسري والى التحول النوعي والايجابي في الرأي العام العالمي بشقيه الأهلي والرسمي، والاعتراف بالدولة الفلسطينية والحقوق السياسية والقانونية والاهداف والثوابت الوطنية.
[email protected]
[email protected]