الهجوم الإسرائيلي أنهى الدور القطري
بي دي ان |
17 سبتمبر 2025 الساعة 05:23م

مسالك ودروب السياسة في الغرف المغلقة بين قادة الدول وأجهزة الامن لا تستقيم دائما مع المواقف والتصريحات المعلنة في وسائل الاعلام، لأن المخفي فيها أعظم وأخطر، فالظاهر منها لا يعكس حقيقة المخططات، وغالبا ما يكون مغايرا تماما، وما يعلن منها عادة يكون للتضليل وحرف بوصلة الأنظار عن الأهداف او الاتفاقات او الخلافات والتباينات بين القوى السياسية دولا او تحالفات إقليمية او دولية. مما يفرض على المراقبين التدقيق وفرز الغث من السمين في المواقف الصادرة عن هذه الدولة او تلك لاستشراف المخفي من دهاليز السياسة، لاستخلاص النتائج الأقرب للواقع، وتقييم الحدث بشكل أقرب للموضوعية بهدف صياغة المشهد بما يخدم القراءة التحليلية المنطقية.
ما تقدم له عميق الصلة بما تداولته وسائل الاعلام والمراقبون السياسيون وقادة الإدارة الأميركية وإسرائيل من مواقف متضاربة بشأن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة وعلم الإدارة من عدمه بالعملية العسكرية الإسرائيلية، فادخلت العديد من المتابعين في قراءات مجتزأة وقاصرة في تشخيص الدور الأميركي في العملية الاجرامية على سيادة الدولة القطرية حليف الولايات المتحدة الأميركية، التي تحتضن أكبر قاعدة جوية أميركية في الخارج، وتربطها علاقات وثيقة مع دولة إسرائيل اللقيطة، وأحد الوسطاء العرب في المفاوضات بين حركة حماس والحكومة الإسرائيلية، والقناة الداعمة للمخطط الأميركي الإسرائيلي في فلسطين، عبر تقديم الدعم المالي الشهري لقيادة الانقلاب في قطاع غزة، وتأمين إقامة قيادة حماس على أراضيها استجابة للقرار الأميركي، وفق ما صرح به قادة الدولة القطرية على مدار العقدين الماضيين وما تضمنه مقال سفيرها في واشنطن الذي نشره في صحيفة "الواشنطن بوست" الأميركية بعد السابع من تشرين اول / أكتوبر 2023 ردا على اتهام دولته بالتواطأ مع هجوم حماس آنذاك.
وتأكيداً على الدور الأميركي المباشر والموجه للهجوم الإسرائيلي أول أمس الثلاثاء 9/9/2025 على مقر قيادة حماس في الدوحة، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تقريرا أمس الأربعاء، جاء فيه، أن مصدرا مسؤولا من الإدارة الأميركية اتصل بالقيادة الإسرائيلية قبل 20 ساعة من الهجوم، وطلب توجيه ضربة لقيادة حماس خشية ان يكون هناك تلاعب من القطريين لحماية حماس، وتعطيل الضفقة الشاملة التي اقترحها الرئيس ترمب. غير ان مما ورد في التقرير قد يكون جانب الصواب، انطلاقا من أن القيادة القطرية لا يمكن ان تتجاوز القرار الأميركي.
والاقرب للصحة ما تضمنته الوثيقة المكونة من 38 صفحة التي سربتها صحيفة "واشنطن بوست" في الآونة الاخيرة، التي تشرح رؤية الرئيس الأميركي، وتقوم على ركائز أساسية، أولها إنهاء الدور الوظيفي لحركة حماس في القطاع، والقضاء على "المقاومة"، وتنفيذ مخطط التهجير القسري للفلسطينيين منه، وإقامة "ريفيرا الشرق الأوسط" ونهب الغاز والنفط والسيطرة الكلية على القطاع.. الخ، ولهذا عندما طالب العديد من وزراء الكابينت الإسرائيلي المصغر بالموافقة على الصفقة الجزئية، فاجأهم نتنياهو بالموقف الأميركي، وقال لهم، لا يمكن قبول الصفقة الجزئية. لأن ترمب يضغط بقوة لعقد صفقة شاملة بعد القضاء على المقاومة مرة واحدة وأخيرة.
واستنادا لما تقدم، كان التكامل في التنسيق بين واشنطن وتل ابيب جليا وواضحا في الهجوم على مقر حركة حماس، وما تضمنه تصريح الرئيس ال47 ونائبه في اعقاب الهجوم بمباركته، رغم ما شابه من خلط بين الأمور بالعتب على إسرائيل ودعوة وزير الخارجية روبيو بالإسراع في ابرام اتفاقية الدفاع المشترك مع قطر، والنقطة الأخيرة هدفت لذر الرماد في العيون القطرية، لأن الهجوم حقق نتائج مرضية بالقضاء على العديد من قيادة فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين، وبالتالي ادعاء الإدارة عدم علمها المسبق بالعملية العسكرية على قطر الا في اللحظات الأخيرة لا أساس له من الصحة. لأن القيادة الأميركية تقف على انفاس القيادة والمؤسسات الإسرائيلية كافة، وخاصة العسكرية والأمنية، كونها موجودة في القائمة على الأرض القطرية، وفيها أحدث الرادارات والطائرات والصواريخ الدقيقة، قادرة وتستطيع اكتشاف أي جسم طائر غريب على بعد مئات الكيلومترات، وكان بإمكان القاعدة الطلب من القيادة الإسرائيلية إعادة طائراتها، وفي نفس الوقت ابلاغ القيادة القطرية بالأمر، لكنها لم تفعل الا اثناء الهجوم.
وبالنتيجة فإن القرار الأميركي الإسرائيلي لم يكن يقتصر على القضاء على قيادة وفد حماس المفاوض، وانما تهميش الدور القطري، لا بل إنهائه وإخراجه من المشهد كليا، والتأكيد لحكام قطر أن قاعدة العديد ليست موجودة لحمايتهم ولا لدعمهم، انما الهدف المركزي منها هو حماية مصالح الولايات المتحدة الأميركية في الإقليم وعلى رأسها حماية إسرائيل أداتها الوظيفية الأهم في المنطقة، وان الدور القطري لا يعدو أكثر من دافع جزية لبقاء الحكام على كراسيهم، وهو أيضا رسالة واضحة لحكام دول مجلس التعاون الخليجي تتضمن ذات المضمون، وامتدادا لذلك تشمل الأنظمة العربية مجتمعة، وهو ما يستدعي من الاشقاء العرب إعادة نظر في علاقاتهم مع واشنطن، إن كان لديهم القدرة على ذلك، والمجال مفتوح أمامهم بتوثيق علاقاتهم مع شركاء دوليين مثل روسيا والصين وغيرهم.
[email protected]
[email protected]
ما تقدم له عميق الصلة بما تداولته وسائل الاعلام والمراقبون السياسيون وقادة الإدارة الأميركية وإسرائيل من مواقف متضاربة بشأن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة وعلم الإدارة من عدمه بالعملية العسكرية الإسرائيلية، فادخلت العديد من المتابعين في قراءات مجتزأة وقاصرة في تشخيص الدور الأميركي في العملية الاجرامية على سيادة الدولة القطرية حليف الولايات المتحدة الأميركية، التي تحتضن أكبر قاعدة جوية أميركية في الخارج، وتربطها علاقات وثيقة مع دولة إسرائيل اللقيطة، وأحد الوسطاء العرب في المفاوضات بين حركة حماس والحكومة الإسرائيلية، والقناة الداعمة للمخطط الأميركي الإسرائيلي في فلسطين، عبر تقديم الدعم المالي الشهري لقيادة الانقلاب في قطاع غزة، وتأمين إقامة قيادة حماس على أراضيها استجابة للقرار الأميركي، وفق ما صرح به قادة الدولة القطرية على مدار العقدين الماضيين وما تضمنه مقال سفيرها في واشنطن الذي نشره في صحيفة "الواشنطن بوست" الأميركية بعد السابع من تشرين اول / أكتوبر 2023 ردا على اتهام دولته بالتواطأ مع هجوم حماس آنذاك.
وتأكيداً على الدور الأميركي المباشر والموجه للهجوم الإسرائيلي أول أمس الثلاثاء 9/9/2025 على مقر قيادة حماس في الدوحة، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تقريرا أمس الأربعاء، جاء فيه، أن مصدرا مسؤولا من الإدارة الأميركية اتصل بالقيادة الإسرائيلية قبل 20 ساعة من الهجوم، وطلب توجيه ضربة لقيادة حماس خشية ان يكون هناك تلاعب من القطريين لحماية حماس، وتعطيل الضفقة الشاملة التي اقترحها الرئيس ترمب. غير ان مما ورد في التقرير قد يكون جانب الصواب، انطلاقا من أن القيادة القطرية لا يمكن ان تتجاوز القرار الأميركي.
والاقرب للصحة ما تضمنته الوثيقة المكونة من 38 صفحة التي سربتها صحيفة "واشنطن بوست" في الآونة الاخيرة، التي تشرح رؤية الرئيس الأميركي، وتقوم على ركائز أساسية، أولها إنهاء الدور الوظيفي لحركة حماس في القطاع، والقضاء على "المقاومة"، وتنفيذ مخطط التهجير القسري للفلسطينيين منه، وإقامة "ريفيرا الشرق الأوسط" ونهب الغاز والنفط والسيطرة الكلية على القطاع.. الخ، ولهذا عندما طالب العديد من وزراء الكابينت الإسرائيلي المصغر بالموافقة على الصفقة الجزئية، فاجأهم نتنياهو بالموقف الأميركي، وقال لهم، لا يمكن قبول الصفقة الجزئية. لأن ترمب يضغط بقوة لعقد صفقة شاملة بعد القضاء على المقاومة مرة واحدة وأخيرة.
واستنادا لما تقدم، كان التكامل في التنسيق بين واشنطن وتل ابيب جليا وواضحا في الهجوم على مقر حركة حماس، وما تضمنه تصريح الرئيس ال47 ونائبه في اعقاب الهجوم بمباركته، رغم ما شابه من خلط بين الأمور بالعتب على إسرائيل ودعوة وزير الخارجية روبيو بالإسراع في ابرام اتفاقية الدفاع المشترك مع قطر، والنقطة الأخيرة هدفت لذر الرماد في العيون القطرية، لأن الهجوم حقق نتائج مرضية بالقضاء على العديد من قيادة فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين، وبالتالي ادعاء الإدارة عدم علمها المسبق بالعملية العسكرية على قطر الا في اللحظات الأخيرة لا أساس له من الصحة. لأن القيادة الأميركية تقف على انفاس القيادة والمؤسسات الإسرائيلية كافة، وخاصة العسكرية والأمنية، كونها موجودة في القائمة على الأرض القطرية، وفيها أحدث الرادارات والطائرات والصواريخ الدقيقة، قادرة وتستطيع اكتشاف أي جسم طائر غريب على بعد مئات الكيلومترات، وكان بإمكان القاعدة الطلب من القيادة الإسرائيلية إعادة طائراتها، وفي نفس الوقت ابلاغ القيادة القطرية بالأمر، لكنها لم تفعل الا اثناء الهجوم.
وبالنتيجة فإن القرار الأميركي الإسرائيلي لم يكن يقتصر على القضاء على قيادة وفد حماس المفاوض، وانما تهميش الدور القطري، لا بل إنهائه وإخراجه من المشهد كليا، والتأكيد لحكام قطر أن قاعدة العديد ليست موجودة لحمايتهم ولا لدعمهم، انما الهدف المركزي منها هو حماية مصالح الولايات المتحدة الأميركية في الإقليم وعلى رأسها حماية إسرائيل أداتها الوظيفية الأهم في المنطقة، وان الدور القطري لا يعدو أكثر من دافع جزية لبقاء الحكام على كراسيهم، وهو أيضا رسالة واضحة لحكام دول مجلس التعاون الخليجي تتضمن ذات المضمون، وامتدادا لذلك تشمل الأنظمة العربية مجتمعة، وهو ما يستدعي من الاشقاء العرب إعادة نظر في علاقاتهم مع واشنطن، إن كان لديهم القدرة على ذلك، والمجال مفتوح أمامهم بتوثيق علاقاتهم مع شركاء دوليين مثل روسيا والصين وغيرهم.
[email protected]
[email protected]